حامد جعفر
لا انفلونزا الخنازير ولا انفلونزا الطيور ولا جنون البقر ولا الامبالا الذي يمزق اجسام البشر ولا الايدز باخطر ولا احقر من انفلونزا المرابين بل المرابيات الذي انتشر كالطاعون في العراق وخاصة في بغداد انتشار المتسولات اللواتي يغطين وجوههن بالبوشية السوداء في ايامنا العجيبة هذه.. واذا كان انفلونزا الارهاب محصورا بالبعثية الخائبين والوهابية الملاعين فان انفلونزا الربا انتشر كالجراد في بغداد لم يستثن منطقة ولا فئة..
جلست الى رجل مسكين من ضحايا احدى المرابيات الشهيرات في منطقة الدباش في مدينة الحرية في بغداد استمع الى قصته المأساوية وانينه المكتوم . وقصة هذا الرجل المغلوب على امره انه كان يسكن في شقة حكومية في الفلوجة ولانه شيعي طرده البعثية الوهابية من شقته في ليلة موحشة لا يسمع فيها الا صفير الهواء وعويل الذئاب والكلاب وسرقوا كل ممتلكاته واثاث بيته ولم يسمحوا له ولعياله باخذ حتى علب الدواء..!! فخرجوا بملابسهم يتلفتون وجلا ورعبا ولم يصدقوا انهم نجوا من سكين البعثوهابية ومقابرهم الجماعية.
أخرج سيكارة واشعلها وراح يدخن بالم واخذ نفسا عميقا ونفثه وكانه ينفث اشلاء قلبه الممزق وتنحنح وقال وهو مطرق مذلول وانا أتأمل اصابعه المعروقة كجسده الضاوي: تكرم علينا قريب لنا ميسور الحال ببيت نسكنه مؤقتا في منطقة الدباش في مدينة الحرية , وتبرع لنا الخيرون ببعض اللوازم المنزلية والنقود لمساعدتنا على تدبير امرنا.. وكادت حياتنا تعتدل لولا ان زوجتي وسوست لها بعض شياطين النساء وعرفنها بالمرابية ام جوان المعروفة في الدباش, التي تعطي قروضا بالملايين بعد ان تاخد المواثيق القانونية من المقترض وتقتطع من المبلغ مقدما الربح الربوي الفاحش, وتفرض اقساطا على المقترض لا تقل عن كل مرتبه احيانا, هذا اذا كان موظفا اوعاملا او عسكريا..والغريب ان هذه المرابية لا تختار ضحاياها الا من البسطاء او الضعفاء او المغفلين من الناس الذين فرض عليهم سوء الزمان حاجتهم الماسة الى المال, وتستغلهم استغلالا بشعا , فكلما ظن المقترض انه على وشك ان ينتهي من تسديد القرض اخبرته وحسب الارقام المزيفة المدونة في مذكرة لديها انه لم يزل لم يسدد حتى نصف المبلغ وهذا ما يحصل لنا الان..!!
وهنا التفت نحوي بيأس وقال: لا ادري ماذا افعل وانا تحت سلطة زوجة سليطة اللسان متهورة تريد ان تعيش يومها ولا تفكر في غدها ولا تبالي بحالي وحال اولادي. لقد اسقط في يدي واحترت في امري ولا ادري ماذا افعل وهذه المرابية الظالمة تهددني باستدعاء الشرطة كلما تاخرت عن التسديد ولولا تبرعات المحسنين لمتنا جوعا وعوزا. فقلت له ناصحا: ولماذا تخشى من الشرطة ..!! هذا في صالحك ان فعلت هذه المرابية ذلك لان الشرطة ستقدمك للحاكم والحاكم سينظر الى ظروفك وعندها سيقسط المبلغ المتبقي عليك بشكل يسير لا يشكل عليكم عبئا ثقيلا كما هو الان..فرمقني المسكين بتردد ووجل وعلى شفتيه ابتسامة المهزوم وقال: زوجتي تقول ان للمرابية ام جوان بلطجية ياخذون حقوقها المزعومة بالقوة اذا لزم الامر وانا انسان مسكين مسالم لا احب المشاكل والمحاكم والمخاصمات.. فقلت له غاضبا وانا اتميز غيضا: ولماذا لا تشكوها الى جيش المهدي او منظمة بدر او مكاتب الائتلاف لكي يطردوها من هذه المنطقة التي تطل عليها منارتا الامام الكاظم (ع)..؟؟ فقال: انها ليست المرابية الوحيدة , ففي زقاقنا الصغير هذا فقط يوجد عدد منهن وان كانت ام جوان اشهرهن, ذلك ان صناعة الربا في مدينة الحرية اصبحت تجارة رائجة ولا ادري لماذا تغض السلطات المحلية والمنظمات الدينية الطرف عنها, ولا بد انهم يعلمون بها وليسوا بحاجة لفقير مثلي لابلاغهم عنها.. ربما مشاكل الارهاب الخطيرة هي من اولوياتهم الان وشغلهم الشاغل وهذا ما جعلهم يغضون الطرف عن الربا والمرابيات..
تركت هذا الرجل ساخطا على كل شئ اراه واسمعه ورحت امشي في درابين مدينة الحرية المخربة المتهدمة , وقلت لنفسي: وهل يوجد خطر على المجتمع اعظم و اخطر من مرض الربا , ففيروساته الشياطين وهدفه اسقاط المجتمع واغضاب الله عليه ومحو البركة وذبح السلام والاحترام..اذن اين سطوة علماء الدين واين منظمة بدر واين جيش المهدي من هذا الفساد الاثيم في مدينة الحرية..!!
واخيرا اقول حسيرا: المرابيات اصبحن اشهر من نار على علم وها انا في اوربا اصبحت اعرف ام جوان المرابية في مدينة الحرية في عراقنا الجريح . وانا اتسائل هل من المعقول ان مؤسساتنا الدينية والحكومية لا تدري بما يحدث ام انهم دفنوا رؤؤسهم بالتراب..!! واخيرا اقول :
ان كنت لا تدري فتلك مصيبة........ ان كنت تدري فالمصيبة اعظم
حامد جعفرصوت الحرية
https://telegram.me/buratha