محمود خطار
لكل حزب من الاحزاب قاعدة شعبية يتحرك في ضوئها ويرسم حدود سياسته العامة بل ويحدد ويعدل من برامجه تبعا لتغير امزجة واهتمامات تلك القاعدة الجماهيرية .. هذه الحقيقة التي يعرفها حزب الدعوة جيدا يتصرف خلافا لها في اكثر من موقف محاولا ان يلتف على الحقائق ويستاثر بالمناصب والمكاسب في ابشع صورة من صور الاستغلال ..فمن المعلوم ان القاعدة الشعبية احيانا تحيد عن جهة معينة غير مبتعدة كثيرا عن الخط العام والتوجه الشعبي الذي تنتمي اليه ...ولنكن اكثر دقة فعندما حصل حزب الدعوة على المرتبة الاولى في انتخابات مجالس المحافظات فانه فعل ذلك على حساب الاصوات التي كانت سابقا من حصة المجلس الاعلى .. فحركة الجماهير الكبيرة لا يمكن ان تتغير بمقدار 360 لينتخب الكردستانيون الدعوة مثلا ولتصبح السليمانية او دهوك من حصة الدعوة ...ولا نتوقع ان يترك ابناء الرمادي صحوة الرمادي ويتوجهون الى انتخاب قائمة دولة القانون ..
المناورة بين الاحزاب المتقاربة في وجهات النظر واللون السياسي والانتماء الديني تكون ضيقة و محدودة ..فالقاعدة هي ذاتها والجماهير التي تصوت اليوم للدعوة قد تصوت في الغد للتيار الصدري وبعده للمجلس الاعلى .. هذه هي حقيقة اللعبة السياسية والانتخابية التي يبدو ان الاخوة في حزب الدعوة لا يفهومنها بشكل جلي او يغفلونها في شعور كبير بالنشوة الزائفة والمؤقتة في بلد يعقل فيه كل شيء لان كل شيء يتغير بسرعة .. وفي الحقيقة فان الدعوة كحزب قد استفاد كثيرا من النجاح الذي حققه المالكي في صولة الفرسان ومن التقدم في العملية الامنية والتي طرح على اساسها قائمته الانتخابية ( دولة القانون ) التي نافست المجلس الاعلى واحتلت المرتبة التي كان يشغلها في بعض المحافظات ليحل المجلس بالترتيب الثاني .. هذا الترتيب قد يتغير بسهولة لان الجماهير التي اختارت قائمة القانون قد تختار قائمة شهيد المحراب بسهولة طالما انها ذات القاعدة الشعبية المضحية وطالما انها لن تغامر بالخروج عن المالوف وانتخاب احزاب وقيادات لا تمثلها في هذه المرحلة على الاقل ..
الوهم الكبير الذي يقع حزب الدعوة ضحية له هو الاعتقاد بان نتائج انتخابات مجالس المحافظات قد تبقى على حالها بينما الحقيقة تقول خلاف ذلك بموجب جملة من المعطيات في المقدمة منها ان الخصوم في مجالس المحافظات دخلوا بقوائم متفرقة وليس في قائمة واحدة وعلى هذا فالحال سيتغير بالتاكيد في المرحلة المقبلة حين يكون الائتلاف بهذا الحجم السياسي وبهذه القاعدة الشعبية التي يمثلها.علاوة على ان الانتخابات النيابية ترسم صورة البلد السياسية من جميع النواحي لاربع سنوات من تاريخ العراق وتختلف كثيرا عن انتخابات مجالس المحافظات التي يراد بها اختيار اداريين وليس ساسة ..
وحتى في تلك الاخيرة فقد قدم الدعوة نماذج لمحافظين سيئين وصار الشارع يترحم على محافظي المجلس الذين قدموا عطاءا كبيرا في الفترة التي شغلوا فيها المنصب وخاصة في الناصرية والحلة والسماوة والنجف ..ولهذا تبدو اشتراطات الدعوة غير منطقية ولا مقبولة لانها بنيت على اوهام مرحلة قد تزول في اية لحظة
https://telegram.me/buratha