ناهدة التميمي وغالب الشابندر
اولا نهنيئ حزب الدعوة الاسلامية بمناسبة انعقاد مؤتمره السنوي الجديد ونتمنى له ان يخرج بنتائج طيبة من شأنها تمكينه من قيادة ذاته وممارسة دور سياسي بناء داخل العراق وخارجه .. ولكن هذا لايمنعنا من ان نضع الحزب بين يدي بعض الملاحظات ذات الاهمية .. وجوهر هذه الملاحظات هو الخوف على الحزب من ان يقع صريع اوهام لم يلتفت اليها ومنها مايلي :
الوهم الاول ان يتصور حزب الدعوة بانه قادر لوحده على قيادة العراق وادارة دفته السياسية وشؤونه الامنية والاقتصادية والاجتماعية , فذلك وهم كبير قد يودي به وبالعراق ايضا ..
الوهم الثاني ان يتصور الحزب بانه مستغن عن القوى السياسية الاخرى التي تشاركه الانتماء الى فهمه الخاص بالاسلام .. اي طريقة اهل البيت في فهم الاسلام .. بل قد يتصور الحزب لاسامح الله ان القوى الاخرى التي تشاركه انتمائه المذهبي هي في حاجة اليه وليس الحزب في حاجة اليها .
الوهم الثالث الوهم الذي يمكن ان يقع الحزب صريعه هو اعتقاده بان الشعبية النسبية التي حصل عليها مؤخرا لسبب او لاخر دائمة وربما تتسع دائرتها في المستقبل ناسيا ان لاشعبية دائمة في العراق .. وان شعبيته هذه سبق وان حصل على نظيرها بعد ثورة الامام الخميني ولكنها سرعان ماتبخرت .. فكيف والحال اليوم في ظل متغيرات عنيفة يمر بها العراق .
الوهم الرابع ان يتصور الحزب ان ماحصل عليه من شعبية نسبية مؤخرا جاءت بسبب الولاء والانتماء المشترك بينه وبين القواعد الجماهيرية , فيما السبب الرئيس هو الانجاز الامني النسبي لامينه العام السيد نوري المالكي , وهذه النقطة جوهرية يجب ان ينتبه اليها الحزب وان لايغرق في حومة من الخيال والمبالغات.
الوهم الخامس ان يقع الحزب صريع مشروع الدولة الاسلامية باعتبارها الهدف الاساس من تشكيل الحزب بالذات , الامر الذي قد يثير سوآلا عن مشروعية وجوده اساسا , فعلى الحزب ان يحل هذه الاشكالية فكريا وعمليا , حتى لو ادعى بان الهدف المذكور مؤجل حاليا , وذلك كون هذا التاجيل هو بحد ذاته مشكلة لصعوبة المبدأ وبعد الهدف المذكور من دائرة الممكنات والواقعية , لابد للحزب ان يتحرر من هذا الوهم وان لايقع صريع مقدماته والعمل من اجلها.
الوهم السادس هو ان يبقى الحزب اسير الكثير من المفاهيم السابقة التي يشاركه فيها الكثير من منتسبي الاسلام السياسي .. مثل مفهوم دار الاسلام ودار الحرب ومفهوم الجزية ومفهوم الولاء والبراء بمعنييهما الضييقين , وغيرها من المقولات الاخرى التي من شانها تقليص حجم العمل داخل المجتمع وتقليص حضور الحزب في جسم الامة , وفي هذا السياق نشير الى وهم العالمية والاميية على حساب الوطنية , انطلاقا من مفهوم (جنسية المسلم عقيدته ) وهو الشعار الذي سبب الكثير من الاشكاليات السياسية والفكرية للاحزاب الاسلامية في الوطن العربي والاسلامي.
الوهم السابع الركون الى تاريخ الحزب من التضحيات والاستشهاد كرافعة سياسية ومنهج للكسب الشعبي , فان ذلك من علامات الضعف بل وقد ينعكس بنتائج سلبية على الحزب ذاته .. حيث بدات تساؤلات تظهر في الافق عن جدوى وعقلانية تلك التضحيات في ظل شروط غير موضوعية وفي ضوء النتائج المتمخضة عنها سواء في زمن صدام او اثناء الحرب العراقية الايرانية.
الوهم الثامن ان يتصور الحزب ان مادته الفكرية السابقة كافية لممارسة دوره الجديد في ظل الظروف الجديدة التي يمر بها العراق , خاصة ولم يصدر عن الحزب لحد هذه اللحظة اي طرح عميق يتسم بالقوة والاشراق.
الوهم التاسع ان يتصور الحزب بانه غير قابل للانشطار والانقسام وانه وحدة نظمية سياسية متماسكة فلا يعير اهتماما للاختلافات ووجهات النظر المتباينة بين منتسبيه رغم بساطتها , فان هذه الاختلافات ربما تتفاقم في المستقبل القريب بسبب الظروف المعقدة التي يمر بها العراق , وعلى الحزب ان يتذكر بانه تعرض لعدة انقسامات وفي ظل ظروف لاتتسم بوتيرة التعقيد التي يمر بها الان , بل هناك حديث عن اختلافات جديدة ظهرت في المؤتمر الاخير ولكن سويت وفق سنة التاجيل وليس وفق سنة الحل الفكري والسياسي .
الوهم العاشر ان يخلد لاغراءات الزمن ووهم القوة المؤقت فيصاب بعمى الطغيان وجبروت القوة المؤقتة وسكرة الانتصار النسبي المفاجيء وعمى الاستنتاج الخاطيء .. فليس سرا ان الحزب في انتخابات مجالس المحافظات السابقة كان يعاني من شلل شعبي واضح , ونجاحة في الانتخابات البلدية الاخيرة جاء بسبب فشل الاخرين وبسبب نجاح امني حققته الحكومة برئاسة امينه العام , وهو نجاح لم يكن محسوبا له 100% .... حيث عليه ان يتذكر نسبة الدعم الامريكي والبريطاني في هذا النجاح .. وملل الناس من حملة السلاح والاحزاب العابثة بامنه .. كل ذلك يدعو الحزب الى التروي وعدم الغرور , وليعلم ان اي انتكاسة لاسمح الله ستودي به الى نهاية مأساوية.
واخيرا وليس اخرا .. قد يقع الحزب في وهم الصفاء الكامل ولايتصور انه مخترق , فان امثال ( جون مكين ) عندما يكون له لقاء اسبوعي مع ابسط عضو في الحزب على سبيل الافتراض انما هو نوع من الاختراق ... فكيف اذا كان هذا الاجتماع مع شخصيات حزبية ذات مستوى عال .. نقول ذلك للتصوير والتمثيل رغم انه قد يكون واقعا ..والضمير من وراء القصد
https://telegram.me/buratha