المقالات

الوجدانيات لا تنبتُ في جحيم المعنى..!

1283 2021-05-19

 

حازم أحمد فضالة ||

 

    وجدنا سلسلة (وجدانيات وإنسانيات) يطلقها السيد المحترم (علي الطالقاني) موجَّهَةً للمجتمع، تتدحرج من على (منصة الطالقاني) في حساباته الشخصية الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي.

    بعد مراجعتنا لها، وجدنا ما وجدنا من الابتكارات المتنازعة دون أساس لغوي، ومصدرٍ علمي، وهي على ما يبدو محاولات لخلق مُناخٍ خليط من الصوفية والوجدانية والعرفانية، أي: ثمَّة اشتباك بين هذه المفهومات غير علميٍّ وغير مؤصَّلٍ له، تحكمه نزعة عروبية ربما، (مع الاحترام لشخص الكاتب قطعًا، فنحن موضوعيون مهنيون نحاول الاقتراب من الحقيقة).

    أحببنا الوقوف على إحدى هذه الوجدانيات لمناقشتها.

    يقول السيد المحترم (علي الطالقاني) ذو العمامة السوداء:

«جريمة أن يسمى الغرام عشقاً...

ففي الغرام يظهر إبليس وتظهر نجاسته.!

أما العشق فطاهر لا وسوسة فيه

راجع نفسك هل أنت مغرم أم عاشق؟»

التذييل:

السيد علي الطالقاني/ إحدى كلماته الوجدانية.

انتهى

رأيُنا:

    لا ندري مِن أين انطلق السيد الطالقاني المحترم بهذا الرأي الغريب المنسوب قهرًا للوجدانيات!.

    يقول ابن منظور في معجم لسان العرب في بيان كلمة (غرام):

والغَرامُ: الوَلُوعُ.

وقد أُغرِمَ بالشيء أي أُولِعَ به.

يقال: فلانٌ مُغرَمٌ بكذا أي لازم له مولعٌ به.

ورجلٌ مغرمٌ: مُولَعٌ بعشقِ النِّساء وغيرهن.

وإني بكَ لمُغرَمٌ: إذا لم يصبر عنه.

انتهى المعجم.

    يقول ابن أبي الحديد المعتزلي (رحمه الله) -صاحب شرح نهج البلاغة- في قصيدته الخالدة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):

(يقتادُني سُكْرُ الصَّبابة والصّبا

ويصيحُ بي داعي الغرام فأسمعُ)

    لاحظ كيف وظَّف الغرام في معنىً سامٍ بين سُكْر الصبابة والصبا، إذ يصحو فجأةً بعد سُكْر عميق في آخر نقطة من قلبه المملوء بالحب، يصحو بمجرد سماعه لنداء المحبوب المُغرم به!، فأين المعنى المظلم الذي ساقه السيد الطالقاني المحترم! من هذا النور الذي يلتجُّ في ثنايا الجمال والوَلَه اللامحدود؟!

حتى يقول المعتزلي في قصيدته:

(ما الدَّهرُ إلا عبدُكَ القِنُّ الذي

بنفوذِ أمرِكَ في البرية مُولَعُ)

    لاحظ هنا توظيف كلمة (الوَلَع) التي استعان بها ابن منظور في معجمه (لسان العرب) لبيان (الغرام)، وكيف تتناغم في المعنى، تتمشى مثل الرياحين في مروج قصيدة ابن أبي الحديد؟

    فأينَ معناك أيها السيد الطالقاني المُبَجَّل من هذا البيان والفصاحة والبلاغة والأدب؟!

    يقول الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في قصيدته الخالدة للإمام الحسين (عليه السلام) بعنوان (في رحاب الحسين):

(سلامٌ على الحُرِّ في ساحتيك

ومَقحَمِهِ جَلَّ مِنْ مَقْحَمِ

سلامٌ عليه بحَجْمِ العذاب

وحَجْمِ تَمَزُّقِهِ الأشهَمِ

سلامٌ عليه، وعَتْبٌ عليه

عَتْبَ الشَّغُوفِ به المُغْرَمِ)

    لاحظ التماهي الساحر بين الحُبِّ والعِشْقِ والشَّغَفِ والغرامِ، إلى أي مدىً من التألق والتداخل والانسجام تذهب هذه المعاني بنا؟!

    السيد علي الطالقاني المحترم مطالب أن يُخَفِّف من انطلاقته (الوجدانية)، ولا يذهب بالناس بعيدًا حيث متبنياته الشخصية الغامضة، طريق العرفان ليس بالطريق السهل، وهو لا يتوافق مع الماديات قطعًا.

    أنْ تنجح كونك (تلميذًا) في أبجديات مثنوي لمولانا جلال الدين الرومي، والأربعون حديثًا للإمام العارف روح الله الخميني؛ أفضل من محاولة القفز على هذه الأسوار العرفانية الوجدانية الشاهقة؛ إذ تلامس قلب الإله.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك