المقالات

خروج الحسين حِكمَةٌ وإصلاح


قال الإمام الحسين عليه السلام:" إِيَّاك وما تَعتَذِرُ مِنه، فإِنَّ المُؤمنَ لا يُسيءُ ولا يَعتَذِر، وَالمُنَافق كُل يوم يُسيءُ وَيعتذر". 

سأل كثير من الباحثين, عن سبب خروج الحسين عليه السلام, هل هو ثورة من اجل الحكم؟ أم لإثبات الوجود؟ أو طلباً للجاه؟, مسألة حيرت من يبحثون عن السبب, كونهم لم يدركوا معنى الحياة, عند حملة الرسالة الإلهية, التي هي عبارة عن تبليغ وإصلاح. 

يعلم كافة المطلعين, على شخصية الحسين عليه السلام طامعاً بحكم؛ وإلا لما خرج جالباً عياله معه, ولكان ترك العِيال, من نساءٍ وأطفال, في المدينة المنورة, ولا هو بفاقد النسب والمكانة الاجتماعية, فهو ابن بنت الرسول فاطمة الزهراء, وابن علي بن أبي طالب, عليهم الصلاة والسلام, إذا فما هو سبب الخروج!؟. 

قال الحسين عليه السلام, ليلة خروجه متوجها للعراق, بعد أن حمد الله وأثنى عليه:" خُطّ المَوتُ على وِلدِ آدم مخطّ القِلادَة على جِيدِ الفَتاة، وما أولَهَني إلى أسلافي اشتياقَ يَعقُوبَ إلى يوسف، وخيّر لي مَصرعٌ أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تقطِّعُها عسلان الفلوات بين النّواوِيسِ وكَربلاء، فيملأنّ منّي أكراشاً جوفاً، وأجربة سغباً". 

لم يخرج الحسين عليه السلام مُغتراً بنفسه, وليس بالمُحتار في أمره, ولا هو من المتبخترين, فالحسين عليه السلام, قد أشار لسبب خروجه, حيث قال:" إني لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلا بَطَرًا ، وَلا مُفْسِدًا وَلا ظالِمًا ، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي ، أُريدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأَسيرَ بِسيرَةِ جَدّي وَأَبي عَلِيّ بْنِ أَبي طالِب". 

انَّ الإصلاح مهمة لا ينهض بها, غير المؤمن بقضيته, ووصوله للقناعة التامة, ان التهديد لا طاقة لأحد غيره, القيام به بثقة وشجاعة وإصرار, إذا فقد كان الإصلاح, هدف الحسين عليه السلام, وليس كما يدعي مرضى الفِكر الدنيوي, انه خرج للمطالبة بالحكم, فكما كان أبيه, غير طامع بذلك, وبويع بالخلافة مرغماً, فقد انتهج سيد شباب أهل الجنة, نفس الخُطى العلوية. 

تعرضت القيم والمبادئ, التي جاء بها الوحي عن الخالق, الى مسح ملامحها, من قبل معاوية وابنه يزيد, فقد قال معاوية في النخيلة, مخاطباً اهلها:" ما قاتلتكم لتصلوا ، ولا لتصوموا ، ولا لتحجوا ، ولا لتزكوا ، وقد أعرف إنكم تفعلون ذلك ، ولكن إنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون". 

ذلك ما كان من امر معاوية, فهو غير مهتم بإقامة الحدود, وكذلك عدم اهتمامه بالدين, وإنما كان همه, أن يكون أميراً للناس, وليس أميراً للمؤمنين, اما ولده يزيد, الذي بويع في الشام خليفة, فهو بإجماع الباحثين والمؤرخين, كان شارباً للخمر, ملاعبا للقردة والكلاب, لاهياً, كثير الفسق والمجون. 

قال الإمام الحسين عليه السلام: " وعلى الإسلام السلام, إذ قد بُليَتْ الأمة, براعٍ مثل يزيد", من كتاب مقتل الحسين للخوارزمي ج 1ص185, فكيف يبايع الحسين علي السلم يزيداً, وهو على تلك الحال, التي ليس فيها رائحة الإيمان, ليكون أميراً للمؤمنين. 

من الطبيعي جداً, بل من الواجبات, أن يقول الحسين(ع):" ومثلي لا يبايع مثله", يوجب عليه التصدي للإصلاح, كون القائد الفاسد, لا ينتج غير حكومة فاسدة, وشعبٌ يعيش الظلم, تحت تلك المواصفات, التي يتصف بها الملوك, وليس أمراء المسلمين. 

استنبط بعض المُصلحون, أسس التصدي للإصلاح, من القيم التي أرساها الحسين عليه السلام, وعلى المصلح ان يضع قادرا مستعداً, للتضحية بالغالي والنفيس, من أجل الإصلاح. 

هل يتصف المنادون بالإصلاح, بزماننا الحاضر الذي نعيشه, نصف همة الحسين عليه السلام, أم هي شعاراتٌ, من أجل شراء الذِمَم, والفوز بحكم العِباد؟. 

إنَّ الإصلاح حسب رؤية, عمر بن سعد, قائد جيش يزيد, أن يتوب للرحمن من سنتين, بعد قتله الحسين(ع), وفي عراقنا الحديث, أربع سنوات دون توبة أو رجعة للحق. 

فهل سيفوز الفاسدون, وهم يعلمون عاقبة امور المفسدين, فالحسين ليس عَبرة فقط, بل عِبرةٌ لمن يريد النجاة. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك