المقالات

تصحيح أوهام التبعية /

660 11:33:00 2010-06-19

حافظ آل بشارة

هناك ملفات عراقية خالدة مفتوحة على الدوام قبل ملف الحكومة وبعده واثناءه ، منها ملف علاقات العراق مع دول الجوار ، قصة العراق مع جواره قصة لا مثيل لها جديرة بالتدوين والتوثيق ، فكل جار معاصر للعراق هو تأريخيا واحد من المحتلين القدامى ، فتركيا الحالية هي وريثة الاحتلال العثماني ، وايران الحالية هي وريثة الاحتلال الفارسي القديم ثم الصفوي الاحدث ، وسورية هي مهد نمو وتطور الشجرة البعثية الخبيثة التي تدلت اغصانها المشتعلة تنثر النار على العراق ردحا من الزمن ، والسعودية هي وطن الشريف حسين رمز الثورة العربية الذي انجب ملوكا يوزعهم على المنطقة باشراف لندن و فيصل من حصة العراق والعراق من حصة فيصل ، وهي ايضا مهد الوهابية المتطرفة وغاراتها البدوية على مدن العراق وعتباته المقدسة ، هذه ليست ذكريات سارة لهذا البلد مع جيرانه ، كل جار يشعر الآن بأن العراق مجرد جزء من تأريخه الاستعماري او العدواني ، هذه التصورات التأريخية تجعل الجيران يستخفون بالعراق واستقلاله وحقوقه ، ومع ذلك اذا كان من حق الجيران الخضوع لاوهام الهيمنة فلا يحق لهذا البلد ان يكون ضحية لتلك الاوهام ، المشكلة كامنة في بلد له قابلية والوقوع تحت تصورات الآخرين والتأثر بها ، العالم اجتاز تسييس الانتماءات فأصبحت تلك الحكاية اضحوكة في تقاليد الشعوب ومنظومتها الثقافية المتجددة ، اما في العراق فما زال المرض فعالا لصالح أوهام دول الجوار ، المشكلة ان الجمهور يتلقى هذا التسييس بقدر غير كاف من الغضب والرفض ، يساند تلك الاوهام أصوات تنطلق من خارج الحدود لتحول تلك الاوهام الى اهانات عندما يقال ان السني العراقي محسوب على السعودية ، والشيعي محسوب على ايران والتركماني محسوب على تركيا ، والكردي محسوب على ذكرى دولة مهاباد الانفصالية ، عندما يكون العدو ساذجا تكون اكاذيبه ساذجة وغير محبوكة وثتير الضحك ، قال كاتب اعرابي من اهل الخليج الامريكي ان اهالي جنوب العراق اصبحوا يتكلمون الفارسية وعملتهم التومان ! تصوروا مواطنا اسمه كاطع صيهود المحمداوي يرتدي العباءة والعقال فجأة يقرر ترك لغته العربية الام ليتكلم الفارسية ! لو كانت الجريدة الناشرة تحترم نفسها لما نشرت هذه الكذبة الصلعاء التي ليس لها غطاء ، يقسمون العراقيين تقسيم القطيع بين العواصم التي ترى نفسها متدادا لأمبراطوريات قديمة ، أما العراقيون فلأسباب غير معروفة يقفون عاجزين عن استلهام وتذوق معاني الهيمنة المماثلة في تأريخهم ، حذفوا من ادمغتهم ذكرى سحابة هارون الرشيد التي يخاطبها بالقول اينما تمطرين فخراجك لي ، بغداد كانت سيدة حقيقية ومالكة حقا أم باطلا للمشارق والمغارب ، لم تكن دول الجوار الحالي في ذلك الزمن سوى ولايات خانعة تابعة لبغداد وهي قلب العالم ، كانت مجرد أقاليم : نجد والحجاز ، الشام ، ديار بكر ، الاناضول ، بلاد فارس ، اقاليم بغدادية ادارة وخراجا وعسكرا وثقافة هيمنة عراقية حقيقية وليست وهما ، قابلة للاستحضار عند الضرورة فلماذا لانعتبرهم تابعين لنا فنقلب معادلة أوهام التبعية لصالحنا ونتصرف كما يتصرفون ؟ صحيح ان هذا النوع من التفكير يبدو اقرب الى التحشيش التاريخي ويجعل الناقد يقول بأننا أمة فاشلة تعيش على امجاد الماضي ولديها تصورات واوهام ولكن أرقى وهم من أوهامنا هو هذا التأصيل لقضية تبعية الآخرين لنا وليس تبعيتنا لهم ، مادامت الاوهام مرفوضة فلماذا اوهامهم حق واوهامنا باطل ؟ ان اوهامهم هي التي صنعت الفتنة التي كادت تلتهم العراق ، ان وضع قوانين لتنظيم علاقات العراق بجواره الاقليمي بتكافؤ وعدالة وانصاف وعدم تدخل ، يجب ان يسبقه تصحيح الاوهام واعادة الثقة الى الذات الوطنية حتى يشعر العراقي انه رمز أمة متبوعة وليست تابعة. أهل هذا البلد جديرون باللوم اكثر من جيرانهم لأن لهم قابلية التأثر بأوهام التبعية بدلا من نشر حقائق التفوق التأريخي لاسكات الآخرين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد عبد الله
2010-06-23
على مر تاريخنا تأتي فترات يكبو فيها العراق ومن ثم ينهض كالاسد من بين الركام....وان شاء الله عن قريب سينهض هذا الاسد وينفض غبار السنوات الماضيه في عيون كل من له يد في تأخير العراق ودماره
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك