المقالات

الشراكة لن تحمي المفسدين؟

828 14:04:00 2010-06-13

حافظ آل بشارة

المشهد العراقي اليومي حافل بالاشكاليات المستعصية وهي تهز قوما ادمنوا الابتلاء لكن الملفات مغلقة الى اشعار آخر ، كل من حاول فتحها اقتربت من عنقه كماشة حماة الفساد فتراجع وانزوى ليتلو عن بعد تصريحات قوى الاعتدال أي قوى المهادنة مع اخطبوط الفساد الذي يمد اذرعه في كل مكان ، التعاطف الحكومي مع مآسي الناس ممنوع حتى اشعار آخر ، الفقراء ومن لامعيل لهم يتعرضون للسرقة الرسمية بين الحين والآخر فتأتي منحهم البسيطة المخجلة متعثرة ، فوضى في الاسماء وفوضى في الصرف ، اكثر اللصوص انحطاطا هو سارق منحة الايتام ، مناطق شاسعة بلا ماء يشرب اهلها من المبازل او من ماء اختلط بالمجاري فاصبح بقاؤهم على قيد الحياة دليلا على المعجزة ، مرضى اصاباتهم صعبة العلاج وهم بحاجة الى عمليات جراحية خارج البلد ينتظرون مبادرة حكومية لانقاذهم من الموت فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر في بلد المليارات التي لاتنتهي ، ملايين الشباب ينامون تحت مضلة البطالة ينتظرون الفرج الذي لا يأتي بينهم عدد كبير من خريجي الكليات يقفون في مصطر العمالة باحثين عن عمل الى جانب اخوانهم الاميين والفاشلين في الدراسة . هذه المعاناة الجهنمية المطولة هي التي جعلت الناس اكثر تحضرا وأدق رؤية وأشد غضبا في فهم موضوع الحكومة وتشكيلها فلم يسألوا كثيرا عن رئيس الوزراء المقبل ومن يكون ومن أي عشيرة بل يسألون عن برنامج الحكومة المقبلة وماذا ستقدم للاهالي ؟ في هذه الايام العصيبة يبدو الانتظار اشد وطأة على الفقراء والجياع والمرضى ، يقفون في دائرة الآلام ولا يجدون صوتا حكوميا يواسيهم ولا مسؤولا كبيرا او صغيرا يذكر مأساتهم ، انه ليس فراغا سياسيا بل فراغ انساني عاطفي ، في ظل الديمقراطية اذا انشغلت الحكومة في شؤونها فالاعلام الوطني لاينشغل بل تبقى معالجاته الجريئة والشجاعة مفتوحة ويبقى الصوت المطالب بمصالح الشعب مدويا ، دور الاعلام الحر عندنا انتهى تقريبا لأن حكام العراق الجديد فطنوا الى خطر المؤسسة الثقافية والاعلامية الجديدة ودورها الناقد والتصحيحي والذي يكمل المهمة الرقابية لمجلس النواب والدوائر المختصة ، مراكز الفساد السياسي اسقطت اسطورة الاعلام الرقابي الذي يشكل سلطة رابعة باستقطاب الاعلاميين المعتادين على مدح الحاكمين وتلميعهم ضمن صحافة البلاط التقليدية ، جعلوهم في مراكز التوجيه واستبعدوا الاعلاميين والمثقفين الذي انجبتهم تجربة المعارضة وكانوا مطلوبين لدى اجهزة النظام السابق ويرون انفسهم اندادا للسياسيين وكان متوقعا ان يشكلوا سلطة رابعة في العراق الجديد تراقب وتنتقد وتعترض . مؤشرات الحدث السياسي الراهن في العراق تثبت عودة الاحزاب الى لغة الوسطية والاعتدال والتفاهم والتوافق والشراكة ومصطلحات أخرى تعرف عليها الناس طيلة السنوات الاخيرة ، وتثير مثل هذه الكلمات مخاوف في كل مكان ، فهي تعني اقتسام المواقع الذي ترافقه صفقات مخلة لا ينتقدها أحد ، مثل غض النظر عن حالات : فشل ، اختلاس ، فساد متعدد الاشكال ، جريمة مؤكدة ، أوامر اعتقال ، اطلاق سراح مجرمين ، السكوت عن مجتثين ، وغير ذلك ، هذا المنهج ادى الى أن يتحول بعض النواب الى قادة للارهاب من تحت قبة البرلمان ! وبعض كبار الموظفين تحولوا الى فاسدين محميين ، هنا تتضاعف اهمية المؤسسات الرقابية والاعلام ، فالتوافق مطلوب والصفقات جائزة الا اذا تحولت الى اداة لمكافئة المطلوبين ومخالفة القوانين ، وبهذه الطريقة تسود الازدواجية في الواقع الحكومي فالاعلام المهادن يتحدث عن المنجزات ، بينما تتحدث الاخبار الخاصة عن واقع متعفن خلف الكواليس ولا يذكره احد . المؤسسة الاعلامية الرقابية هي الغائب الوحيد عن الساحة ، وهناك مفترق جديد هذه الايام فأما ان تختفي هذه المؤسسة نهائيا فتريح وتستريح ، وأما ان تعود بقوة لتتحول الى سكين في خاصرة الفاسدين ليبدأوا التفاهم معها بلغة الكاتم المعروفة وهو أسهل الحلول .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
army
2010-06-13
الايبوكس وهو من اقوى المواد اللاصقة في العالم وهو شيء ليس بغريب لكن الغريب ان تكون الشركة المصنعة له سويسرية على الرغم من اشتهار سويسرا بمصارفها العالمية العملاقة التي تحتوي على المليارات من اقوى العملات الاجنبية واثمن الودائع في العالم. الرباط في الموضوع هو العنوان يااخي عندما يلتصق البعثي بالعمة فانه يكون اقوى من الايبوكسي. وما اقصده بالعمة ليس العمامة الجليلة والتي حفظت كرامتنا بل الذين لبسوها خداعاً ونفاق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك