المقالات

أوهام الهوية لدى الحشاشين

800 13:02:00 2010-06-08

حافظ آل بشارة

هناك مثقفون عراقيون وعرب حاولوا أن يفسروا في كتاباتهم ما وصلت اليه اوضاع المنطقة العربية من تدهور على جميع الاصعدة ، ولكن يبدو انهم يخافون من الحكام فلا يقولون ان النظام السياسي الفاسد والاستبدادي هو السبب ، الخوف جعلهم مثل الحشاشين ، ربما بعضهم مجانين أو أغبياء وربما مجندون لدول نفطية وحتى دول غازية ، المفكرون الأحرار ابتلعتهم المنافي وماتوا كمدا ، تفسير الظواهر الاجتماعية يجب ان يعتمد الحقائق الميدانية القابلة للملاحظة والقياس ، الا ان قراءة السلوك الاجتماعي وكشف مدلولاته يحتاج الى اطار تحليلي ، والاطار يأتي من نظريات التحليل الاجتماعي وهي في العالم ثلاثة : ليبرالية ويسارية واسلامية ، وعلى المتصدي لشرح المشكلة الدفاع عن اطاره ولماذا اعتمده دون غيره ، ان ضعف الخدمات الاعلامية للمعارضة خذل مثقفين عراقيين مجاهدين قاتلوا النظام البائد وقدموا كشفا لحقيقة المشكلة العراقية في تلك الحقبة الصعبة ، قالوا في حينها ان المواطن العراقي فقد جميع حقوقه كالأمن والعيش بكرامة وحرية الرأي ، وقالوا للعالم بأن وقوع مجتمع تحت طائلة القمع والعزل والتجهيل والتجويع والاذلال 35 سنة سينتج جيلا يعاني من الف ازمة ، وستزداد الازمة حدة عندما يصر المجرمون بعد هزيمتهم على تدمير البلد ، المثقفون المستيقظون توا كتبوا بطريقة ترفية ، وبعضهم اسلوبه مشبوه لاعلمي ولا موضوعي ومبني على اساس تناسي وجود ذلك الحكم الوحشي وجرائمه وأثره في صياغة البنية الاجتماعية والنفسية للشعب ، ثم مهاجمة النظام الجديد وكأنه هو المسؤول عما حل بالعراق والعراقيين ، ثم القول بان العراق مؤلف من كذا قوميات وكذا مذاهب ومناطق وخطوط طول وخطوط عرض وجبال وسهول ورسم صورة لهذا البلد الصغير الموحد مثل صورة الهند او امريكا في التعدد والتنوع وهي صورة منافية للواقع ، فالبلد الذي فيه 3 قوميات فقط ليس متعدد القوميات والبلد الذي فيه طائفتان اسلاميتان ليس متعدد الطوائف ، والبلد الذي يغلب عليه دين واحد ليس متعدد الاديان ، اذن ماذا عن الهند التي فيها حوالي 1500 ديانة ومثلها من الاعراق ، وتعيش كدولة قوية متماسكة وتعد ضمن الدول التي تتقدم نحو قيادة العالم ، ومثلها تماما الولايات المتحدة والصين والغريب ان الدول الكبرى التي تتنافس على قيادة العالم هي دول متعددة الاطياف ، يصرون على تسييس الانتماءات الثانوية للشعب العراقي ، حتى تحولت تصوراتهم السطحية الى موجة ثقافية مشبوهة ، وكان الافضل لهؤلاء الكتاب المستيقظين توا وضع قواعد واضحة لبحثهم ولاي مدرسة ينتمون ، ووضع تعريف للهوية وهل ان انتماء الفرد الى اسرة او عشيرة او قومية او بلد معين او طائفة يمنحه هوية خاصة ؟ والجواب : لا ، فالهوية تزود اتباعها برؤية كونية وثقافة محددة واطار حضاري ، واذا تشابهت الرؤية الكونية لأناس يقطنون عدة بلدان وينتمون الى الف عشيرة فهم اصحاب هوية واحدة وهي تجمعهم وتوحدهم ، وعندما تتوحد الهوية فهذا يعني ان الانتماءات الثانوية لم تعد ذات قيمة سياسية ، اذا كانت هوية القوم محددة ، يمكن الانتقال الى الحديث عن المصالح والحقوق المشروعة للمواطن وعيشه وامنه وكرامته وحقه في تأكيد الذات ، ويمكن الحديث ايضا عن بعض السياسيين الطموحين كيف يركبون موجة المظلومية بتاطيرها بأطار طائفي او عرقي او مناطقي ، لكي يجعلوا الناس الفقراء والمظلومين وقودا لمعارك الوصول الى السلطة ، ومن أجل كشف هذه اللعبة وفضح المتباكين على ازمة الهوية الحضارية ، يجب على المثقفين العراقيين المحبين لشعبهم ان يقولوا الحقيقة ويحصنوا الرأي العام من هذه المغالطات التي تتخذ عناوين مبهمة مثل : الهوية والانتماء ، بالاعلان الواضح عن ضرورة مساندة العملية السياسية وحفظ الوحدة الوطنية والتمسك بالدستور والحياة الانتخابية وتداول السلطة سلميا ومكافحة الفساد ، تحقيق العدل هدف مقدس وهو سبب بعث الانبياء ، وفي ظله يشعر الانسان بالأمن والاحترام وتنزل عليه السكينة ليكون وطنه هو الهوية واليه الانتماء .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك