عادل الجبوري
حسنا فعلت الكويت حينما منعت دخول التكفيري السعودي محمد العريفي الى اراضيها، على خلفية تجاوزاته على المرجع الديني الكبير اية الله العظمى السيد علي السيستاني، وعلى ابناء الطائفة الشيعية في العراق.تنطوي الخطوة الكويتية على قدر كبير من الحكمة والعقلانية وبعد النظر، والقراءة الموضوعية للواقع.ردود الافعال المتشنجة والانفعالية والغاضبة التي اوجدتها اقوال محمد العريفي في اوساط دينية وشعبية وسياسية مختلفة، في العراق وبلدان عربية واسلامبة عديدة من بينها المملكة العربية السعودية، كانت امرا طبيعيا ومتوقعا، ففي كل الظروف والاحوال، وتحت اية ذريعة من الذرائع غالبا ما يفضي التجاوز والاعتداء على الرموز الدينية الى الوقوع في عدة محاذير، خصوصا اذا كان هناك ارث وتراث من التناقض والاختلاف بين هذا المذهب وذاك هيأت ارضياته ومناخاته النزعات والتوجهات المتطرفة.واذا كانت رسالة الرفض الواسع والمطلق لما قاله العريفي بحق السيد السيستاني وبحق اتباع اهل البيت عليهم السلام عموما، والعراقيين على وجه الخصوص، قد وصلت سريعا وحققت المطلوب والمراد منها، فأن نوعا اخر من التعاطي مع الموضوع-مثلما فعلت الكويت-يبدو ضروريا ومهما للغاية لاسباب ودواعي كثيرة، لعل من بينها:-لجم وكبح جماح النزعات والتوجهات، التي يفترض ان لانكتفي بوصفها بالمتطرفة، وانما المتقاطعة مع كل القيم والثوابت الدينية-الاسلامية، والمحتكمة الى منهج الاثارة والتسقيط والتهريج الرخيص.-وضع وتحديد سياقات ومباديء وضوابط يقرها العقل، ويقبلها المنطق السليم، حيال ومناهج خلط الاوراق، عبر توظيف التراث الديني الزائف واسقاطه على واقع خاطيء ومنحرف خلقته سياسات ذات افاق وابعاد ضيقة لايمكنها التحرك في فضاءات واسعة فسيحة من التنوع والاختلاف السياسي والفكري والثقافي والفقهي والاجتماعي، الذي لايفسد في الود قضية. -البحث عن نقاط التوافق والالتقاء وهي كثيرة ومتاحة، وتجنب نقاط التقاطع والافتراق، ولعل الدين الاسلامي الحنيف، وفر اوسع واكبر فسحة للحوار والنقاش والاختلاف، وحدد في ذات الوقت المعايير الصحيحة والموضوعية لكل ذلك، من دون ان تكون هناك ضرورة او حاجة ملحة للانسياق وراء تجاوز الخطوط الحمر للاعتبارات الشرعية والاخلاقية والانسانية.مرات كثيرة نقل فيها ساسة ورجال دين ومفكرون ومثقفون من مكونات دينية وقومية وطائفية وعرقية عراقية مختلفة عن السيد السيستاني تأكيده على ابناء الطائفة الشيعية على عدم وصف ابناء الطائفة السنية بأنهم "اخواننا" بل وصفهم بـ"انفسنا".اين تلك الرسالة النبيلة في دلالاتها ومضامينها من رسالة العريفي البائسة التي اطلقها من منبر ديني وجد لبث واشاعة القيم الدينية والاخلاقية والانسانية العظيمة التي جاء بها الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم قبل اربعة عشر قرنا من الزمان، وواصلها اصحابه ومريديه واتباعه المخلصين؟.لانعتقد اننا بحاجة الى المزيد من التجارب المريرة حتى نكتشف الطرق والمسالك الصحيحة التي توصلنا الى النهايات المحمودة والحميدة.ايصاد الابواب امام نزعات التطرف والتشهير والتسقيط والاساءة والتجريح، وفتحها امام خيارات التعايش والتفاهم والتعاون والانسجام، احد اهم الخطوات على الطريق الصحيح.
https://telegram.me/buratha