حافظ آل بشارة
يتفرج العراقيون باعصاب باردة على وقائع معركة افتراضية تدور على الورق والشاشات وعبر الاثير واذا بقيت المعركة في هذه الحدود فالدنيا بخير ، الناس يخافون من الترجمة الفورية عندما يترجم المشطوبون خطاباتهم الى مفخخات وعبوات واغتيالات واختطافات ، خاصة وان بعضهم لديه تجربة طويلة في هذا الفن يفتخر بها كما يفتخر رسام بلوحته ، بدأت المعركة الاخيرة عندما شطبت هيئة المسائلة والعدالة اسماء مرشحين للانتخابات التشريعية المقبلة معتمدة على قانونها الخاص والدستور العراقي ، ومنذ ذلك اليوم قامت قيامة بعضهم ، الخطابات الانتقامية تلوث البيئة ، بعضها يترحم على صدام وبعضها يعتبر ماحصل مظلومية تاريخية ، ورفع بعض الخطباء نفسه فوق الدستور والقانون ، قال : ان أي قوة في الوجود غير قادرة على اجتثاثه ، والرجل لم يكن سكرانا عندما قال تلك الكلمات بل كان بكامل حواسه لكنه مر بلحظة دروشة صدامية ، تذكر المشاهدون صدام وهو يشتم الكويت والعالم في خطاب القاه بعد الاجتياح ويهدد بالقضاء على امريكا و الغرب ، ولكن في المساء كانت مذيعة ضاحكة الصوت في اذاعة اوربية تستعرض على المستمعين الاعزاء رسالة صدام السرية التي حملها مبعوث سري الى واشنطن والتي يتعهد فيها للامريكان بتصدير النفط مجانا وحراسة مصالحهم في المنطقة بدون قيد او شرط والخضوع لكل القرارات الدولية مقابل ابقاءه في السلطة ، عندها اصبح العناد الصدامي معروف النهايات ، الدوائر المختصة دعت المشطوبين الى التعامل قانونيا مع الحادث ، لكنهم شنوا هجوما اعلاميا متوترا وحافلا بالتهديدات ارادوا تعبئة الرأي العام لكن الحملة فشلت لاسباب معروفة فالمشطوبون رفعوا راية عدم العودة الى الماضي وهم يريدون العودة الى حكم العراق وهو من الماضي ، ويرفضون عودة ضحاياهم الى الماضي ! فالماضي مسموح لهم وممنوع على ضحاياهم ، ولا احد يعرف من اعطاهم هذا الامتياز ، كما ان هجومهم يشبه القصف العشوائي ولا يمكن معرفة ما يريدون هل انهم يعترضون على وجود الدستور والمؤسسات الدستورية والقانون والدولة ام يعترضون على حكم الشطب الصادر ضدهم ؟ هناك خلط لا يريدون الخروج من دائرته لماذا لان المعترض على الحكم يجب ان يذهب للاعتراض عند المحكمة المختصة وينتظر النتيجة ، أما من يطعن بالدستور والمؤسسات الدستورية فيجب ان يخرج من العملية السياسية برمتها كما خرج الذين من قبلهم واشتغلوا في تجهيز الانتحاريين من العواصم الشقيقة ،
وفي السياسة لا يمكن الايمان ببعض الكتاب والكفر ببعض ، من الاسباب الاخرى لفشل حملة المشطوبين انهم استعملوا شعارات مستهلكة ليس فيها ابتكار ، فقد عادوا ليقولوا للمرة الالف انهم يمثلون العروبة والتيار العروبي وغيرهم يمثل الفرس المجوس ، وانهم يحمون السنة من الشيعة ، وان المصالحة سوف تفشل ، فوا اسفاه على المصالحة ، فليس للمصالحة دعاة غير هذه الثلة العفلقية الصالحة المؤمنة ذات التاريخ المشرف ولولا وجودهم المبارك لهجم الشيعة على السنة واكلوهم كالسمك المسقوف في مطاعم ابو نؤاس مع الشطة والطرشي خاصة وان ابو نؤاس من اصول ايرانية ، لو كان لحركة المشطوبين خبير اعلامي جيد لاستبدل هذه الفقرات واستخدم فقرات جديدة لانهم استخدموها سابقا في دعم مذابح سنة 2006 فلم يجنوا منها الا الويلات ، المكونات الاجتماعية في العراق اصبحت اكثر وعيا من جنود النظام البائد ، الناس هم الذين شطبوا المفاهيم الخطيرة ويؤيدون شطب المصاديق، يعتبرون كل من يرفع شعار العروبة وهو قاتل و شعار حماية طائفة من طائفة مجرد ارهابي مأجور يتاجر بالشعارات التعبانة ويستثمر عملة زائفة في سوق كاسدة ، العراقيون يعيشون العصر الحديث بكل عناصره ويرون من يحمل ثقافة من هذا الصنف الدموي كبقايا وباء قديم ليس له مستقبل في بلد طموح وموحد وعصري ودستوري مثل العراق .
https://telegram.me/buratha