المقالات

مكالمات تتحدى الدستور

689 14:01:00 2010-01-20

حافظ آل بشارة

بعد شطب مرشحين بسبب قانون الاجتثاث ، فوجئ العراقيون بنائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن معترضا وغاضبا وكأنه هو المشطوب ، اتصل بايدن بالرئيس جلال طالباني وبالرئيس اياد السامرائي واعلن عدم ثقته بهيئة الاجتثاث وقراراتها ، اعطى رأيه فورا بأحدى المؤسسات الدستورية العراقية وكانه من اهالي المشخاب وليس امريكيا ، المشكلة ان الامريكيين هم الذين تحدثوا كثيرا عن سيادة العراق واستقلال العراق وعدم التدخل بشؤون العراق واستقرار العراق ورسموا لانفسهم صورة الصديق الذي يساعد العراقيين على تجاوز مشاكلهم وعدم التدخل في شؤونهم لوجه الله تعالى ، ونحن في الاعلام نعرف كل شيء لكننا مثل الآخرين نضع في هذه طينا وفي هذه عجينا ، بايدن اخ عزيز لكنه اخترق عدة محاذير في تصريحاته واتصالاته ، منها سيادة العراق التي تدعي واشنطن احترامها ، السيادة التي تتجسد في الدستور العراقي كمعيار اوحد في تقييم مدى شرعية القرارات ، فهل يريد بايدن مثلا ان يترك العراقيون الدستور جانبا وينفذوا مكالماته الخطيرة أي ان لرأيه قوة وشرعية تفوق قوة وشرعية الدستور ؟ وعندما تكون العملية السياسية ذات مصداقية فكيف يتم اثبات تلك المصداقية هل يتم اثباتها بالاستماع الى نصائح بايدن التلفونية وتطبيقها ام بالعودة الى معايير الدستور و دولة المؤسسات ؟ ثم هناك محذور آخر قفز بايدن فوقه ، فقد اهمل القيمة الحضارية لموضوع الاجتثاث ، هو ودولته دوخونا بموضوع العدالة الانتقالية وضرورة تطبيق القواعد المقررة عالميا في هذا البرنامج الساحر وعدم ترك أي نقطة من تلك التوصيات ومن اهمها ابعاد رموز الحكم السابق ومحاسبة المجرمين ، كان المثقفون يقرأون لائحة العدالة الانتقالية الدولية ويعربون عن اعجابهم بفقرة تقول ان هناك تناقضا ثقافيا بين انصار النظام الاستبدادي البائد وان كانوا ابرياء وانصار النظام الديمقراطي الجديد ولا يمكنهما ان يشتركا في مشروع حكم ، وان اعفاء رموز ذلك النظام من المشاركة في الحكم راحة لهم وللشعب العراقي ، ثم يخالف بايدن ارادة الشعب العراقي الذي اعرب عن فرحه وسروره بهذا القرار ؟ صحيح ان مجموعة صغيرة تظاهرت في احدى المدن احتجاجا على الشطب الا ان المشاركين في التظاهرة قالوا لاقرباءهم حين عاتبوهم بانهم حصلوا على مبلغ كبير من الاموال الخليجية مقابل تلك التظاهرة المزيفة واعتبروا مبادرتهم ضمن النشاط الاستثماري البريء ولا قيمة سياسية لها في الرأي العام ، كما تجاهل بايدن في تصريحاته تلك ان الغاء قرار المسائلة والعدالة واعادة المشطوبين يعتبر مكافئة للارهاب والجريمة المنظمة وسوف يفتخر الارهابيون بأن ضغوطهم نجحت في تغيير قرار سيادي يحضى بمصداقية دستورية وبرلمانية وهو نصر يستحق الاعجاب ويسبب انعاشا تاريخيا للنهج الارهابي وحواضنه ودعاته وبذلك تكتسب مدرسة الارهاب دفعة جديدة باتجاه الامام ويصبح مؤكدا ان اسلوب الاجبار والتخويف والتركيع بالقوة اسلوب ناجح سياسيا ويجب تطويره وتكثيفه في العراق من اجل حصاد مكاسب اكبر . كما يعد تطور كهذا نقطة لصالح دعاة تسييس الملفات الجنائية ، فمن الناحية الحقوقية والقضائية لايمكن بأي حال ربط حقوق ضحايا النظام البائد بالصراعات السياسية بين الاطراف المختلفة وتحويل دماء الابرياء الى مفردة في دائرة المزايدات الضيقة التي ليس للضحايا الحقيقيين فيها ناقة ولا جمل . من اجل كل هذه المحاذير والموانع يفترض ان يقف العراقيون حكومة وشعبا ضد تدخل الاجانب في شؤون البلاد ، ولكن هذه المواقف تحتاج الى سياسيين لا يشعرون ان بايدن وحكومته اصحاب فضل عليهم ، بالعكس نحن اصحاب الفضل عليهم لاسباب معروفة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك