المقالات

القيم تأخذ تساميها المطلق ومضمونها الحقيقي على يد الإمام الحسين عليه السلام

712 13:35:00 2010-01-19

شلال الشمري

لم تكن مفاهيم الحرية والتضحية والفداء والإيثار الشجاعة والكرم والمبدئية والإيمان والصدق والأمانة والعدل والرحمة والوفاء والمسؤولية والإنسانية بالمفاهيم المجهولة قبل ملحمة كربلاء الإلهية وبعد ها، لكنها كانت عرضة للإغراءات الدنيوية المتمثلة بالمال والسلطة ، فتأخذ بالانكماش والتحجيم تبعاً لمبدأ الربح والخسارة ، وقد تتعرض لامتحان القوة ، فيُؤثِر أصحابها السلامة ، وقد تتعرض لتقادم الزمن ، فترتخي لديهم قبضة الثبات عليها ، وقد تكون دواعيها لا ترتقي لمستوى الموقف ، فيتم التراجع عنها ، أو تكون رهينة بهمَّة من يقوم بها فتتأرجح بين الإقدام والإحجام . وقد بقيت القيم تخضع لمعيار الوسط الذهبي ( لا إفراط ولا تفريط ، وإنما خير الأمور أوسطها ) فالشجاعة هي وسط بن الجبن والتهور ، والكرم هو وسط بين البخل والإسراف ، وهكذا .... ، وهذا المعيار لا يتسم بالثبات ، فهو عرضة للأهواء والنسبية . لقد تسامى الحسين عليه السلام بالقيم إلى مصاف جده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عندما خاطب قريش من خلال عمه أبي طالب ( (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتى يظهره الله أو أهلك دونه )) وهو امتداد لتسامي المبادئ عند أبيه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، عندما وقف بوجه الإغراءات الدنيوية قائلاً : (( والله لو أُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت ) فكان قوله ـ أي الحسين ـ (( والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد )) ينبع من المعين ذاته . إن قيماً بهذا التسامي لا يُعقَل وجودها على أرض الواقع ، وهي من المطلقات التي يصعب تصورها أو إيجاد تطبيق عملي لها ، أو حتى وصفاً خيالياً من باب الأدب الروائي ، لو لم يجسدها الإمام الحسين عليه السلام يوم العاشر من محرم ؛ نهوضاً بأعباء الرسالة بعد جده وأبيه عليهما السلام عندما اقتضت الحاجة والموقف إلى مصاديق وتطبيقات عملية تجسد هذه القيم ؛ كي لا تبقى رهينة المعايير النسبية نعمل بها بالحد الأدنى تارة، ونعطلها تارة أخرى ، عبارة عن جلباب فضفاض ( FREE SIZE) يجتهد بها الجميع ، فمن اجتهد وأصاب فله أجران ، ومن اجتهد وأخطأ ، فله أجر واحد . لولا ارتقاء الإمام الحسين عليه السلام بقيم الرسالة ، لشقَّت الأوثان طريقها إلى الكعبة ثانية تحت جلباب الإسلام . لقد شكل موقف الإمام الحسين في العاشر من محرم صعقاً للوجدان الإنساني الذي وصل إلى حالة الموت السريري ، فكان لاستشهاده عليه السلام تأثير مطلق أكبر من أي نصر دنيوي أو مكسب مادي زائل لا يفعل فعله . لقد لفت الحسين عليه السلام أنظار المسلمين إلى عظمة الإسلام من خلال عظمة التضحية التي قدمها ، ووضع حداً لتداخل الألوان وقطع الطريق أمام الطغاة في أن يسعوا إلى تداخلها مجدداً وبين طريق الهدى بكل وضوح وكشف المفسدين ، ووضع الإنسان أمام مسؤوليته ؛ لكونه خليفة الله في الأرض . لقد ارتقى الحسين عليه السلام بالنوع الإنساني وكرامة الإنسان التي امتهنت على يد الطواغيت . موقف الحسين عليه السلام فخر للإنسانية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها لقد أجلى الصدأ عن معدن الرسالة إلى يوم القيامة . وأخيراً فإننا لا نحيي عاشوراء كل عام ، بل عاشوراء هي التي تحيينا وتجدد لنا الحياة في كل عام .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك