المقالات

الشأن الإقتصادي فــي الإنتخابات القادمة...

557 15:21:00 2009-10-16

علي بابان وزير التخطيط العراقي

عبثاً نحاول أو نسعى لعزل أو تحييد الأثر السياسي على عملية البناء الإقتصادي في العراق فهما متلازمان ومتداخلان إلى الدرجة التي يتعذر فيها فصلهما, والأمر في العراق يختلف عما هو عليه الحال فيما يتعلق بهذه القضية بالدول المتقدمة فعندهم السياسة تدور حول الإقتصاد والكلمة العليا للأخير اما عندنا فالسياسة تقحم نفسها في كل شىء فتعرقل وتعطل, ونظرة واحدة إلى تجربة الأعوام المنصرمة في العراق تثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن القرار الإقتصادي كان أسيراً للقرار السياسي وانحشر في شرنقته ولم يستطع التحرر من حساباته وتجاذباته.

العراق اليوم على أبواب إنتخابات نيابية قد تعيد تشكيل المعادلة السياسية القائمة أو تدخل عليها تعديلات جوهرية والمتأمل في اجواء هذه الإنتخابات وما يصدر عن السياسيين والمرشحين من مواقف وتصريحات يكتشف أن الشأن الإقتصادي يأتي في مرتبة لاحقة وينزوي في حيز ضيق وأن الصوت الأعلى هو للسياسة وشؤونها وشجونها وحتى ما يرد حول الشأن الإقتصادي فانه عبارة عن شعارات عامة ومقولات تتسم بالتبسيط الشديد الذي لا يمكن إستنتاج أي شىء ذي جدوى فالكل يتحدث عن رفع مستوى معيشة المواطن وتحسين دخله وتخفيف معاناته وإصلاح الخدمات وتوفير فرص العمل لكن لا احد يتطرق إلى الأسلوب أو المنهجية التي سيعتمدها لتحقيق تلك العموميات السائدة والشعارات الفضفاضة هي الأكثر تداولاً وبالقطع فإن مثل هذا الوضع لا يمكن أن يقنع المواطن ولا أن يشكل رأياً عاماً بأتجاه سياسة إقتصادية محددة أو خيار دون غيره.

في دول العالم المتحضر ذات الأداء الإقتصادي الرفيع تكون الإنتخابات العامة مناسبة هامة لتثقيف الجمهور حول المسائل الإقتصادية وينقسم السياسيون فيتناظرون ويتناقشون في وسائل الإعلام ويسعى كل منهم لكسب الناخب إلى صفه اما بإغرائه بأن هذه السياسة الإقتصادية ستحقق مصالحه أو بإقناعه بأنها الأفضل لمستقبل البلد وازدهاره ويترتب على هذه المناظرة الوطنية العامة إرتقاءٌ في مستوى وعي المواطن وإدراكٌ أفضل للمسائل الإقتصادية ولكننا لا نجد في بلدنا مع الأسف مثل هذه الممارسات فكل السياسيين يتحدثون عن قضايا الإقتصاد بلغة واحدة هي لغة العموميات ويتجنبون الخوض في التفاصيل إما لانهم يجهلونها أو لانهم لا يريدون أن يلزموا أنفسهم بسياسات محددة.في ظل الإنقسام السياسي الحاد الذي يعيشه المجتمع العراقي يصعب علينا أن نتصور ولادة وصفة ناجحة لعلل الإقتصاد الوطني وأن يصبح أمر الإقتصاد متقدماً على أمر السياسة, المعاناة وبلوغ الأزمة حداً خطيراً في العراق قد يضغط على السياسيين لتعديل اولوياتهم وإعطاء الإقتصاد الإهتمام الذي يستحقه وهنا يصبح الإنسجام الوطني مطلوباً ويغدو من يعرقل القرار الإقتصادي في دائرة الإدانة والإتهام.

في كثير من الأحيان يحدث تناقض بين حيازة الشعبية ( وهو ما يحرص عليه جميع السياسيين بلا إستثناء ) وبين الدعوة إلى تبني السياسات الإقتصادية السليمة ويحدث هذا عندما تؤدي تلك السياسات إلى المساس المؤقت بالمصالح الظرفية لبعض الشرائح في المجتمع, وعند ذلك يجد السياسي الملتزم نفسه أمام موقف حرج فهو إما أنْ يضحي بشعبيته أو يضحي بالموقف المبدئي السليم وغالباً ما يختار السياسيون التضحية بالإعتبار الأخير, في هذا الموضع بالذات يطالب السياسي بأن يمارس ?ملية توعية جماهيرية حقيقية فيشرح للناس بأن التضحية ببعض المكاسب المؤقته او التخلي عن بعض المصالح الظرفية هو الأفضل لعموم المجتمع وللمسيرة الإقتصادية وقد لا تكون النتيجة لصالح السياسي دائماً وقد يخسر الكثير من شعبيته لبعض الوقت لكن حركة المجتمع وتنامي الوعي قد يعيد للسياسي تلك الشعبية وينصفه ولو بعد حين.مشاكل الإقتصاد العراقي معقدة والطريق إلى حلها لن يكون أمراً سهلاً ومنهجية العلاج تتطلب قراراً سياسياً حاسماً مسنوداً بإدارة سياسية قوية لا تردد فيها ولا نكوص.

ما الذي نريده من الإنتخابات النيابية القادمة ونحن نعيش أجواءها وإستعدادات الأطراف السياسية لها...؟نريد في البداية منهجية إقتصادية معتمدة تحظى بأغلبية في الوسط السياسي والذي ستسفر عنه الإنتخابات المقبلة, ونريد معادلة سياسية جديدة لا تعيق خلافاتها وتنافساتها إتخاذ القرار في ميدان الإصلاح الإقتصادي المنشود, ونتمنى أن لا تحدث مفاجآت غير سارة في الحقلين السياسي أو الأمني تعيدنا إلى الصفر وعند ذلك يتلاشى الإهتمام بالإقتصاد ومعاناة المواطن...لا تبدو هذه المطالب مستحيلة أو صعبة التحقق وعلينا أن ننتظر ما سوف ينجلي عنه غبار المعركة الإنتخابية وفي ظل معظم الإحتمالات لا يبدو الشأن الإقتصادي وما يتصل به محور هذا التنافس القائم ولا قضيته الأساسية مع الأسف الشديد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حميد عبد الحميد
2009-10-17
طالما الايرادات النفطية موجودة فالتفكير الجيد بالتطور الاقتصادي لايجاد الصناعة المناسبة او حتى الزراعة بل وحتى الرعي لم يتواجد من قبل حوالي اكثر من 30 عام في عراقنا المحروم من التطور الاقتصادي؟!!!
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك