سلوى الكندي
مثلت تفجيرات الاربعاء هزة كبيرة للمجتمع العراقي وصدمة عنيفة للمجتمع وشكلت منعطفا جديدا وخطيرا في العلاقة بين المواطن واجهزته الامنية .. فتلك الانفجارات التي حدثت قبل شهر رمضان المبارك وراح ضحيتها مئات الابرياء بين شهيد وجريح علاوة على اضرار مادية جسيمة جدا في المؤسسات والسيارات والمساكن اعادت الى الذاكرة الفتجيرات السابقة التي حدثت قبل انطلاق خطة فرض القانون والتي نجحت في كبح جماح الارهاب وتخفيض العنف الى مستويات قياسية قبل التراجع الامني الاخير ...
وفي الحقيقة فان تفجيرات الاربعاء كشفت عن الكثير من الدروس والعبر وقادت في النتيجة الى تغيير في وجهات النظر العامة وتقييم الشارع لاداء اجهزته الامنية بل في مجمل البناء الامني والاداء الحكومي بعد ان صدق الشارع المزاعم الحكومية والامنية التي تحدثت مرارا عن انتهاء الارهاب في العراق ..ولعل الدرس الاهم الذي خرجنا به من تلك التفجيرات هو زعزعة الثقة بكل الرهانات السابقة على الوضع الامني من قبل الشارع العراقي الذي اطمئن بشكل كبير الى الوعود والتصريحات واستعراضات القوة حتى اعتقد ان الارهاب في العراق قد قصم ظهره فعلا ..
اما الدرس الثاني فهو للمواطن والمسؤول فقد كشفت تلك التفجيرات عن غياب كامل للجهد الاستخباري والمعلوماتي رغم انفاق ملايين الدولارات الدولارات على اعداد وتدريب القواتنا المسلحة وانشاء وحدات خاصة للاستخبارات ومكافحة الارهاب ..
الدرس الثالث هو ان الاجهزة الامنية لا زالت مسيسة بشكل كبير ومخترقة ايضا وتصريحات رئيس الوزاء بشان خطوات حيادي واستقلال الاجهزة الامنية محض اماني لا تجد لها على ارض الواقع اي اثر حقيقي ..ومما نستلخصه من تلك الاعتداءات الاخيرة من دروس هو غياب روح المسؤولية لدى القيادات الامنية وصولا الى مستوى الوزراء الامنيين وغياب التنسيق المشترك والخطط المتبادلة وضعف الاداء العام والتخطيط الدقيق وغياب المبادرة واستباق الحدث من قبل تلك الاجهزة ..
الاهم من ذلك هو حالة عامة وكاسحة من التراخي والاتكال وقلة الانضباط والاهمال العام في جميع مرافق الاجهزة الامنية وانتشار الفساد المالي والاداري بشكل مهول يسمح بتسلل العناصر البعثية والارهابية بكل سهولة في مختلف اوصال تلك المؤسسات .. علاوة على عدم تحلي المسؤول الذي يثبت اهماله وتقصيره بروح المسؤولية والاكتفاء باطلاق التصريحات الطنانة وتسييس اي اهمال او خطا او خرق وتحميل الامور والمواقف فوق ما يمكنها ان تحتمل ..
وفي النهاية فهناك فوضى اعلامية وتهويل وتضخيم وخلط كبير للاوراق واستعمال المنابر الاعلامية لتصفية الخصومات السياسية في ظاهرة ممجوجة تؤثر سلبا على الطرفين الاعلام والساسة في نفس الوقت .. ان هذه الدروس التي وجدناها تحلق في سماء الواقع بعد هذه التفجيرات تستلزم اجراءات حازمة على المستوى الامني والحكومي بشكله العام لان تلك الحادثة رغم دمويتها فانها بمثابة قرع لاجراس في غابة من التصورات الخاطئة ..
https://telegram.me/buratha