فائز نمر
أنتهى التنافس العلني من الشركات النفطية العالمية المؤهلة للحصول على أحد عقود الخدمة التي عرضتها الحكومة العراقية، متمثلة بوزارة النفط بفوز تحالف بريطاني- صيني لتطوير حقل الرميلة الذي يعد من أكبر الحقول المنتجة في العراق.أستعراض جولة التراخيص الأولى الذي أختزل في يوم واحد هو(30/6/2009) بدلا من يومين كما كان مقررا بسبب الظروف الجوية غير الملائمة، التي ربما تكون أثرت على النتائج التي جاءت أقل من الطموح.بعد كل ما قيل ويقال عن الدوافع التي نتجت عنها مزايدة (أو مناقصة) تطوير حقول النفط العراقية المتهالكة فقد تكونت لي كمراقب مهتم بالشأن الأقتصادي العراقي عدة ملاحظات أرى من واجبي عرضها:أرقامنا و أرقامهممن المتعارف متعارف عليه في أدارة المشاريع أن تكون هناك دراسات جدوى أقتصادية أو تخمين كلف (أستثمار و أنتاج) تعطي نتائج تقريبية للطرف المستثمر والمستفيد من الأستثمار ليتمكنوا من وضع السقف السعري والأنتاجي للعروض المطروحة، والقبول بالعطاءات وفقا لدراسات علمية. وقد أوضح السيد وزير النفط (حسين الشهرستاني) أثناء أستضافته في البرلمان العراقي مؤخرا بعض الأرقام للكلف التخمينية التي أعدتها الدوائر المختصة في وزارته، ولم يعلن عنها الرجل لأسباب منطقية تتعلق بسرية المناقصة، ولكن المختص المتابع للأرقام المعلنة كان يمكنه أستنتاج رقم قريب من الذي وضعته الوزارة من ناحية الكلفة التي ستدفعها على انتاج البرميل فوق خط الشروع. أما من ناحية كمية الزيادة فقد أعلنت بشكل شبه صريح.ومع هذا ، في لحظة عرض أرقام الطرفين ظهرت المفارقة .. فجوة رقمية كبيرة حالت دون رسو العطاء على الشركات المتقدمة للحصول على فرص الأستثمار .. وحتى أعطاء فرصة لمراجعة العروض لم تخفف من سعة الفجوة.هنا لابد من وقفة: الرقمين وضعهما خبراء ومتخصصون .. صحيح أن الطرفين يسعى كل منهم للحصول على منفعة أكبر لصالحه، ولكن بالنتيجة فأن كلاهما يسعيان للأتفاق على عقد يخدم مصالحهما معا. ولذا فمن المؤكد أن الجهود التي بذلت في الدراسات الأقتصادية والفنية كانت تحاول أن تكون أقرب مايمكن الى الدقة للوصول الى توافقات وأستغلال عامل الزمن بصورة أفضل .. التفاوت الكبير في أرقام الكلف التخمينية وكميات الأنتاج الزائدة وتوقعات المحتويات المكمنية للحقول يحتاج الى مراجعه متأنية .. فلايمكن أعتبار فارق تزيد نسبته عن (100%) دقيقا أو حتى مقبولا بأي شكل من الأشكال.حقيبة المعلومات التي عرضتها دائرة العقود والتراخيص البترولية (وزارة النفط) في ورشة عمل أعدت لهذا الغرض في تركيا مؤخرا، كانت تحتوي كل المعلومات المطلوية التي تساعد الشركات في إعداد دراساتها وتقديم عروضها، وهي نفس المعلومات التي أستخدمتها الدوائر المختصة لأعداد دراساتها وتحديد طلباتها. هذا يعني أن مصدر البيانات كان موحدا. فلماذا ظهرت هذه الفوارق الكبيرة في النتائج؟ثقة متبادلةعندما وافقت الوزارة على عرض تحالف شركة bp و cnpc لأستغلال حقل الرميلة بفائدة مقدارها دولارين عن البرميل فأنها لم تأخذ بنظر الأعتبار الفارق الكبير الذي أعلن التحالف أستعداده لأنتاجه من الحقل. وهذا يعني أن الوزارة قد أقتنعت بأمكانية الشركات على أنتاج كمية أكبر من التي تتوقعها الوزارة تبعا لدراساتها. علما أن وزارة النفط قد أستعانت بمستشار عالمي معروف إضافة الى خبرتها لتحديد الكمية المتاحة للأنتاج. فلماذا هذه الثقة المفرطة بنتائج حسابات الشركات؟ الأمر الذي يستدعي إعادة النظر بالكادر الذي أعد الدراسات والأستشاري معا.هامش ربح صفريمقدار هامش الربح الصافي للشركات الفائزة لا يتعدى الدولار بكثير، بعد أستقطاع ضريبة مقدارها 35% أضافة الى أستقطاع ربع المتبقي. سؤال يتبادر الى الأذهان: لو أن شركة النفط الوطنية العراقية موجودة حاليا وكانت ضمن تشكيلة الشركات المتنافسة، فهل كانت ستقدم مثل هذا العرض؟ وهل كانت الوزارة ستوافق عليه؟ وماهي مصلحة الشركات للقبول بمثل هذا العرض؟الأستهلاك المحلي يتعاظممقدار الزيادة المتوقعة في أنتاج النفوط الخام دخلت كلها في حسابات التصدير، ولم تؤخذ بنظر الأعتبار الزيادات المتعاظمة من أستهلاك المصافي الموجودة حاليا من خلال إضافة وحدات جديدة، أو المصافي التي تعتزم الوزارة أنشاءها في القريب العاجل (خلال 3-5 سنوات القادمة) .. فضلا عن أن الكمية المتاحة للعراق للتصدير لايمكن أن تبقى حالة خاصة في منظمة أوبك، فالتقلبات المستمرة في الأسعار وكميات الأنتاج للدول المصدرة لاتضمن أستمرار منح العراق خصوصية لتعويض ما فاته من كميات تصديرية.اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha