المقالات

مهددات الواقع المائي في العراق

1012 13:31:00 2009-07-07

علي غالب بابان - وزير التخطيط العراقي

يقف العراق اليوم في مواجهة أزمة مائية لم يعهدها من قبل, فلقد أدت حالة الجفاف وتناقص الإيرادات المائية في نهري دجلة والفرات بسبب مشاريع الري المنفذة في دول الجوار إلى دفع العراق إلى وضع مائي يقترب من الكارثة الفعلية التي لا تستثني في تأثيراتها أي جانب من جوانب الحياة, فاليوم... لدينا عطش حقيقي في العراق.. ولدينا زراعات تموت.. ومدن تذبل على الضفاف.. ولا يمكن لأي دولة في العالم أن تبقى صامتة إزاء وضع كهذا يهدد حياة ومستقبل مواطنيها ويعصف بصحة وإزدهار سكانها في الصميم.

نحن بحاجة لوقفة جادة إزاء هذا التهديد الإستراتيجي الكبير المتعاظم الذي ينذر بتعطيل الحياة على هذه الأرض التي طالما ارتبطت حضارتها وازدهارها بدجلة والفرات على مر العصور... فاذا كانت مصر هبة النيل كما يقولون فان العراق بالتأكيد هو هبة الرافدين ولا ثروة تعوض العراقيين عن ثروة المياه. ولا يمكن لنا في وزارة التخطيط أن نتخيل ازدهاراً أو رخاءً إقتصادياً بمعزل عن ثروة دجلة والفرات.. فلا زراعة.. ولا صناعة.. ولا حياة إجتماعية مستقرة من دونها...

لقد قصرت الحكومات العراقية المتعاقبة في الدفاع عن حقوق العراق المائية وسمحت للجيران ببناء السدود تلو السدود على نهر الفرات دون أن نسمع لها صوتاً او إحتجاجاً حتى وصل الحال إلى ما نحن عليه اليوم.. وهاهم الجيران يصوبون انظارهم تجاه نهر دجلة ويبدأون ببناء سدودهم عليه مما سيؤدي إلى تعاظم الكارثة وإستفحالها... لقد تعرض العراق إلى عدوان واضح على حقوقه المائية وادت السياسات الجائرة لدول الجوار إلى وضع العراق على حافة الخطر المائي ونقله من دول الوفرة المائية إلى دول العجز.

أن الأمم الواعية التي تحترم مصالح شعوبها وتدافع عن حقوق مواطنيها تجعل من إستمرار واستقرار مواردها المائية على رأس اولوياتها وتصوغ إستراتيجياتها الوطنية ونظرية أمنها القومي على أساسه، ولدينا أكثر من نموذج في المنطقة والعالم على ذلك، فالسياسات الخارجية لا تبتنى على مجرد الشعارات ولكن ترسمها المصالح الأساسية للشعوب وإذا لم تكن حماية مواردنا المائية وإستمرار تدفق دجلة والفرات بالمعدلات المطلوبة ضمن تلك المصالح الأساسية فما هي إذن تلك المصالح وما تعريفها بالنسبة للعراق.

أن الدولة والحكومة في العراق مدعوتان لتكريس جهودهما من أجل حماية مواردنا المائية من خلال إتفاقيات دولية تضمن هذه الحقوق بطريقة لا لبس فيها ولا إبهام فلم يعد من المقبول أن نتعامل مع هذه المسألة بأستجداء الإطلاقات المائية كل عام أو أن يذهب هذا السياسي أو ذاك ليستعطف دول الجوار ويحثها على إحترام حقوق العراق في دجلة والفرات....

يقول علماء الإجتماع والتاريخ أن نشوء الدول في البدايات التاريخية المبكرة ارتبط بوجود الأنهار العظيمة وأن هذه الدول ما قامت اصلاً إلا لأن الناس استشعروا اهمية وجود سلطة لها قدرة على الفصل في المنازعات التي يمكن أن تحدث بينهم على حصص المياه, من هنا ارتبط وجود السلطة عبر التاريخ بتوزيع حصص المياه داخل الدولة ولنا أن نقدر من خلال ذلك حجم الإرتباط والعلاقة المتبادلة بين السلطة وتوزيع حصص الري, فالسلطة تستمد شرعيتها من خلال نجاحها في عملية التوزيع تلك وإذا ضعفت السلطة او اضطربت سادت الفوضى عملية التوزيع وشاعت الصراعات في المجتمع. ذكرنا ذلك لكي نخلص إلى أن شحة المياه إذا استمرت وتعاظمت وهذا ما ندعو إلى تجنب حدوثه فأنها ستقود إلى مزيد من التوتر الإجتماعي والسياسي في العراق خلال السنوات المقبلة كما نستنتج من خلال هذه المقدمة أهمية أن تلعب الدولة دوراً كبيراً في حسم أية نزاعات مائية يمكن أن تحصل داخل العراق وهذا لا يكون إلا من خلال التعاطي المركزي مع المسألة المائية باعتبارها مورداً وطنياً عاماً ومن خلال إعتماد معادلة الإستخدام الأمثل للمياه وفق المعايير الفنية المعروفة بعد سد الإحتياجات الأساسية للسكان ومن المؤسف أن النص الدستوري الخاص بالمياه يكتنفه الغموض وهو بحاجة لتعديل شأنه شأن العديد من مواد الدستور بحيث يزال أي غموض أو سوء فهم حول دور الدولة المركزية.

أننا ندرك بأن استخدام اساليب الري الحديثة لتقليل نسب إستهلاك المياه وخفض الهدر الحاصل فيها هو تحد لا يقل اهمية عن تحدي حماية وحفظ حقوق العراق المائية مع دول الجوار كما أن الشروع بتنفيذ المشاريع الإروائية وبناء منظومات البزل وفق الاسس السليمة وتحديد الإستراتيجية المناسبة لإستصلاح الأراضي في العراق هو ضمن المهام الوطنية ذات الاولوية التي تنهض بها وزارة الموارد المائية.أن استخدام هذه الأساليب المتطورة في الري من خلال إعتماد مبدأي ((الإستخدام الأمثل للمياه ) و ( الإدارة المتكاملة لموارد المياه ) ينبغي أن يسير جنباً إلى جنب مع الدفاع عن حقوق العراق المائية وضمان حصته في دجلة والفرات... وهما ركنا الإستراتيجية المائية التي ندعوا لها.

علي غالب بابان - وزير التخطيط العراقيhttp://www.iraqitimesmg.com/subgect/weekeconomic.htm

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
احمد الواسطي
2009-07-07
مع احترامنا وتقديرنا للأستاذ الدكتور علي بابان وزير التخطيط وآرائه السديدة الا اننا لم نجد دولة في العالم تتباكى على نقص المياه فيها كما وجدناه في عراقنا المبتلى , لو استعمل العراق كمية المياه الداخلة اليه استعمالا مثاليا , لو لم يسمح العراق ل 60 بالمائة من المياه الداخلة اليه ان تذهب الى البحر وبعدها نجد نقصا واضحا للمياه في العراق لأعطينا الحق للجميع ولكننا نشك ان تهويل القضية هو لتبرير العجز الواضح في اداء المهمة الوطنية اتجاه المواطن العراقي ,
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك