* طالب عباس الظاهر
قضية حساسة ومشكلة مستعصية بالرغم من كونها - كما نعتقد - ليس من تلك المشاكل الكبيرة الحجم والثقيلة الوزن من أمثال قضية التحرر التام من الاحتلال مثلا أو تحقيق الأمن والأمان النهائيين من خلال اجتثاث حواضن الإرهاب أو القضاء المبرم على آفة الفساد المالي والإداري الضارب بأطنابه في جذور النظام المؤسساتي في الدولة أو مشكلة بحجم ووزن الإصلاح لمنظومة الكهرباء المستهلكة أو معالجة البطالة المستشرية بين أوساط الشباب أو حتى مشكلة النقص المستمر والتناقص حد التلاشي! في مفردات البطاقة التموينية على أقل تقدير وأضعف الإيمان.
أجل.. إنها مشكلة عدم التوزيع لقطع الأراضي السكنية لمستحقيها من العراقيين التي ربما لا يراد لها- كما يبدو- أن تحل ، وقد باتت ملحة وسط هذا الغلاء الفاحش نتيجة ضعف القوة الشرائية للدينار العراقي، والارتفاع المضطرد لبدلات الإيجار، وكذلك لأسعار قطع الأراضي التي تسير بشكل عكسي مع سير الأزمة المالية في العالم!.بيد إن من غريب المفارقات أن يصل ثمن قطعة الأرض والأدهى في عمق الصحراء بعدة ملايين تفوق العشرة بكل الأحوال.. ناهيك عن الأرقام الخيالية لنصف قطعة أو ربعها أو أقل من ذلك في وسط المدينة فضلا عن المناطق القريبة من العتبتين الحسينية والعباسية المقدستين ، فمن أين لطبقة الفقراء - وهي أكبر طبقات المجتمع العراقي- أن تأتي بمثل هذه الأثمان الباهظة وهي تعد بمئات الملايين لشراء قطعة أرض تقيهم غوائل الأيام وتحميهم من جشع بعض أصحاب العقارات؟ فضلا عن الطبقات المسحوقة التي ما زالت لم تفكر بهذا الموضوع إطلاقاً.. ليس ترفاً ولكن لانشغالها في الجهاد من اجل تأمين لقمة العيش الكريمة المغمسة بالعرق والدموع!
وأتساءل هنا : ألا يكفي المواطن أن يكون عراقيا ليستحق قطعة ارض تمنحها الدولة له؟ أم ماذا؟! أوَليس من أبسط حقوق المواطنة أن تسعى الدولة إلى تأمين مستقبل مواطنيها ومستقبل أبناءهم بتمليكهم لقطع أراض سكنية في وطنهم ؛أي تعطيهم أبسط حق من حقوقهم قبل أن تطالبهم بالواجبات؟! وليس حسب مكان سارياً أبان الحقبة الماضية والتي كانت توضع الشروط المجحفة أمام المواطن كلما تقدم بطلب ما، أقلها أن يكون بعثي الأبوين والولادة ومسقط الرأس..و..و.. لتنهال عليه الامتيازات في طبقية سياسية مقيتة يبرز رأسها في الوقت الراهن من جديد باستحياء سرعان ما تتحول غولا يلتهم حيثيات حياتنا بشراهته وشراسته !!
لقد استفحلت أزمة السكن في العراق بشكل لا يمكن السكوت عليه أكثر وقد مضت ست سنوات على الأقل منذ انقشاع السلطة الدكتاتورية البغيضة من على صدر العراق والعراقيين ،واندثار ظلمها وظلاميتها ، والسبب إننا مازلنا نعيش بجسد الحاضر ولكن بروحية الماضي ، وأسرى اللا نظام البائد وقوانينه الجائرة وتحكمها في مقاديرنا رغم كل الشعارات المعلنة بالاستقلال والتحرر والوطنية وغيرها.لذا ستبقى المشكلة في تفاقم مستمر إن لم نفكر بالحلول الناجعة وهي ليس صعبة أو مستحيلة ؛ فأرض الله واسعة! وعيال الله المستحقين كثار!!
https://telegram.me/buratha