المقالات

من أجل العراق: مستقبل يحدوه الأمل والتفاؤل

1081 01:07:00 2009-07-02

اخر مقالة كتبها ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق بعد انتهاء مهمام عمله

في الوقت الذي استعد فيه إلى مغادرة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، أود أن أوجه كلمة وداع لدولة باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتي.

فعندما أفكر ملياً في الثمانية عشر شهراً الماضية، منذ أن توليت مهمتي الرابعة في العراق، أُغادر ويعتريني شعور بالتواضع والفخر على حد سواء؛ التواضع أمام قدرة الشعب العراقي وتصميمه على تجاوز الصعوبات التي لطالما بدت أنها لا تُقهر، والفخر بجهود الأمم المتحدة التي توسعت على نحو ملحوظ خلال العام ونصف العام الماضيين من أجل مساعدة أبناء الشعب العراقي في التصدي للتحديات العديدة التي تواجههم.

كما أنني فخور بالصداقات والشراكات التي كونتها وفريقي مع نظرائنا العراقيين في الحكومتين المركزية وحكومة إقليم كردستان. فقد عملنا معا كي نغير من ديناميكيات العلاقة القديمة التي كانت تربط الأمم المتحدة والعراق والنظر ملياً بما لدينا وإدخال العناصر اللازمة للمضي قُدُماً في الأولويات  واسعة النطاق التي حددها مجلس الأمن. وأشعر بالارتياح لأن الجهود الجادة التي بذلناها سوية ساهمت في أن يتبوأ العراق مكانة جديدة في المجتمع الدولي كدولة ذات سيادة تتمتع بمزيد من الاستقرار في الوقت الذي شهدنا فيه تحولات ملحوظة وغير متوقعة على الصعيدين السياسي والإنساني في العراق .

لقد كان للولاية الجديدة الموسعة، والتي تعد الأكثر شمولية منذ عام 2003 ، أثر كبير على الفترة التي قضيتها في العراق وعلى عمل الأمم المتحدة في البلاد، فضلاً عن الدعوات لمزيد من الحضور والانخراط للأمم المتحدة. وما كان بالإمكان أن تتحقق أي من هذه الأمور لولا مساعدة حكومة العراق والمجتمع الدولي .فقد كانت حكومة العراق منفتحة أمام انخراط أكبر للأمم المتحدة في الوقت الذي أظهر فيه المجتمع الدولي مرونة لتمكين الانخراط اللازم مع العراق بالرغم من الظروف المليئة بالتحديات والصعاب.

وتلقينا الدعم العراقي والدولي للمساهمة في مجالات يُمكن للأمم المتحدة من خلالها إحداث فرق في الحياة اليومية لأبناء الشعب العراقي والعمل بفاعلية وحيادية كلما كان المجال متاحاً. وتحددت الأولويات الإستراتيجية للبعثة من خلال الحاجة لاستجابة فورية في حالات "الطوارئ" كمسألة العائدين أو تقديم المشورة الفنية عندما اقترب "الموعد النهائي" لإجراء انتخابات مجالس المحافظات بالاضافة إلى العهد الدولي مع العراق والحوار الإقليمي وحقوق الإنسان ومسائل أخرى ذات علاقة بالدعم الدستوري.

وفيما يتعلق بمسألة اللاجئين والنازحين داخلياً التي تُعتبر من المسائل الملحة في العراق، وقفت الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد للمساعدة في تسهيل العودة الطوعية، وهو أمر ما انفك يحتل طليعة أولويات نشاطات الأمم المتحدة في البلاد رغم التعقيدات التي قد تنشأ نتيجة لعدم معرفة العدد الحقيقي للعراقيين النازحين داخلياً. ولغاية الآن 70 % من العائدين قدموا ليس من خارج العراق أو حتّى من مناطق أخرى في البلاد فحسب، بل من داخل المحافظة نفسها. إن العودة المأمولة للنازحين تعتمد كثيراً على تحسين المستوى المعيشي في المجتمعات المحلية الفقيرة والفرص المتاحة داخل العراق.

ويُعد موضوع الأمن عاملاً من جملة عوامل عديدة تواجه مسألة العودة إلى العراق. وستعمل الأمم المتحدة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع السلطات العراقية لضمان تهيئة الظروف لعودة طوعية كريمة ومستدامة.

خلال العامين المنصرمين، ضاق الشعب العراقي ذرعاً وبشكل متزايد من النزاعات الأهلية فتخلى عن الانقسامات الطائفية وسعى إلى تحقيق المصالحة بعد أحداث سامراء. وتجد الآن الخلافات طريقها إلى الساحة التشريعية، فيما عبر المواطنون عن تفضيلهم العودة إلى الوضع الطبيعي من خلال التوجه إلى صناديق الاقتراع كما تمارس الحكومة ورئيس وزرائها بشكل متزايد سيادتهما بالإضافة إلى إدارة الدولة بدعم أكثر اتساعا.

وتعكف الدولة العراقية بشكل مستمر على بناء مؤسسات مستقلة وذات مصداقية من بينها مجلس وزراء فاعل وبرلمان جدير بالثقة ومفوضية للانتخابات تتمتع بالخبرة ومفوضية مستقلة لحقوق الإنسان وقوات أمنية عراقية تتمتع بقدرات متزايدة.

ورغم وقوع موجات من أعمال العنف ضد المدنيين الأبرياء كتلك التي شهدناها مؤخراً، فإن الشعب العراقي مصمم الآن أكثر من أي وقت مضى على تحديد مصير بلاده. إن هذه الهجمات ما هي إلاّ محاولات من قبل عناصر أو جماعات منفردة تسعى إلى بث الشعور بعدم الأمان والقلق وزعزعة عمليات الانتعاش الوطني. ويركز العراقيون بشكل متزايد على تحقيق توافق سياسي ينسجم مع أولوياتهم المشتركة وذلك بإبقاء باب الحوار السياسي مفتوحاً .ومن جانبها، ستواصل الأمم المتحدة عملها على مساعدة العراق للحفاظ على ما تم إحرازه من تقدم على الصعيد السياسي مع الاستفادة بشكل كامل من التحسن الأمني.

وفي هذا السياق اقترحت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) مساعدة فنية لوضع عملية تهدف إلى استكشاف كافة الخيارات الممكنة للتعامل مع الملف الحساس لكركوك ومناطق أخرى. ونحن مرتاحون كون المناقشات جارية لبحث التقارير التي قدمتها البعثة.

وسينظر إلى عام 2009 على أنه عام حاسم يقوم فيه العراق باستكمال عمليات انتخابية والتأهب لعمليات انتخابية أخرى محتملة والإحصاء السكاني  وسلسلة من الاستفتاءات الشعبية. وقد كانت الانتخابات أحد البرامج الرئيسة للأمم المتحدة إذ عملت البعثة على مساعدة حكومة العراق والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات على إجراء أربع عمليات انتخابية منذ عام 2005 ويحمل مستقبل العراق أملاً متزايداً، فإذا تمكن العراقيون من تخطي ونزع فتيل التوترات وشعروا بالتغيير في حياتهم اليومية المتمثل بمكاسب أمنية  مستدامة وتوفير الخدمات الأساسية وعملية سياسية أكثر شمولية، وهذه كلها أهداف واقعية، عندها بالتأكيد سينعم العراق بالازدهار

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك