( بقلم : د/ عادل راضي الرفاعي _استوكهولم أستاذ مساعد في اللغة العربية/ البلاغة والنقد وإعجاز القرآن )
قرأتُ قبل أيام خبراً مفاده قيام السلطات المغربية بإغلاق المدرسة العراقية في الرباط في سابقة لم تحصل على مستوى العالم العربي ولا أعلم تفسيراً لذلك إلا نية مبيتة للنيل من التعليم العراقي ومنزلته فضلا عن الارتعاش من الهلال الشيعي الذي غدا يقض مضجع أمير المؤمنين المقروء عليه السلام، فكيف إن رأوهُ بدراً كاملا يطبق على البرية في اليوم الموعود ... ياسبحان الله هكذا غدت الورقة الجعفرية (جوكرا) في يد الرؤساء فترى ذاك يهزّ عصاه وينفض سوطه واعداً ومتوعداً وترى ذاك يستخدمها للحفاظ على كرسيه لضرب السلفيين بها كما هو الحال في تونس الخضراء حيث الدعوات العلنية لاعتنقاء مذهب أهل البيت عليهم السلام وتشجيع نشر أفكارهم غير المتطرفة التي لاتطمع بالسلطة قدر طمعها في نشر العدل والمعروف والسلام وهذا أفضلُ لأنه يفتح لا يوصد ........ النتيجة أن القاصي والداني يدرك مدى رصانة التعليم في بلاد النهرين خلا السنوات العجاف زمن الديكتاتورية التي حولت أّذهان براعمنا إلى مسقبلات لدروس الوطنية وجعلت أبصارنا ترتعد من الصفحة الأولى حين ترى القائد الرمز يوم كان رمزا وغدا اليوم دمنةً وسط طللٍ بال.
هذا الصنيع المغاربي في الرباط ينبغي أن يكون حافزا لوزارة التربية في افتتاح عدد من المدارس العراقية في لندن وأمريكا والسويد والدنمارك وهولندا وكندا واستراليا، ففي هذه الدول العظمى تقيم جالية عراقية عريضة اتخذت من هذه الأصقاع مكانا للإقامة والعمل، ومن الجدير بالذكر أن بعض الدول العربية مثل السعودية وليبيا أقدمت على افتتاح مدارس تابعة لها فهناك مدرسة الملك فهد في لندن وهناك المدرسة الليبية في ماليزيا وسويسرا بينما منجم العلم والحرف العربي وأعني عراق الرافدين لم يكن له صرح تعليمي في الغرب وهو أجدر بالريادة والسبق.
أعود على رأس المقال واستقرأ الساحة السويدية مدرسيا حيث توجد في السويد مدرسة يهودية و أمريكية وثلاث مدارس إنجليزية بل توجد مدرسة أفغانية!! ولا توجد مدرسة عراقية أو مؤسسة تربوية عراقية . لماذا ؟ سؤال حري بالإجابة : تزحر مملكة السويد مثلا بجالية عراقية تعدداها مائة وخمسون ألف عراقي وبجالية عربية قوامها ثلاثمائة ألف عربي وكثير من العراقيين يتمنى أن ينخرط أبناؤه في سلك التعليم العراقي مؤمنا بانتمائه لوطنه الأب وتربته الأم ومستشرفا العودة في القريب متمنياُ الارتشاف من المنهل العلمي العراقي في بلاد الغربة وإذا ما طفقت جناحاه بالعودة للعش الأصل فإنه سوف يغرد مع السرب ليس خارجا عن جوقته ولا ناشزا عن رفقته في الفصل أو المدرسة .
إن كثيرا من أبنائنا الطلبة انقطعوا عن مدارسهم في العراق بسبب الظروف القاهرة من ديكتاتورية وإرهاب ودعتهم تلك لمفارقة مستقبلهم الدراسي... الـتقيتُ كثيرا منهم من خلال تجربة التدريس في المدارس السويدية فقرأت في عيونهم أملاً يعاتب حكومة العراق الحالية ويرسل رجاءً شفيفا لوزارة التربية في فتح صرح دراسي في السويد ليكون أداة استقطاب لطلبة العراق والعرب فطرق التعليم لدينا ومنهاجنا مازالت مكتنزة بالثقة وغزيرة في المعلومات ومواكبة لأدبيات الإسلام والأخلاق . والمتفحص للمناهج التعليمية في السويد لاسيما كتب اللغة العربية يجدها تتغنى بذكر العواصم العربية مثل عمان وبيروت والرباط والرياض كون الكتب الموجودة هاهنا جلّها من هذه الدول بينما تغيب مناهج أم العلم بغداد في بلاد اسكندنافيا وأن الطالب العراقي المولود في السويد يجهل تاريخ العراق ولايعرف شيئا عن جغرافيته كما أن المواد التي يدرسها الطالب العراقي مثلا هي مواد سويدية كلها ماعدا مادة اللغة الأم العربية في منهج مبسط لا معمق ومادة اللغة الإنجليزية لذا عكفتُ على تأليف مناهج تعليمية للغة العربية بروح عراقية استنشقت السويد هواءً وطبيعة ًليس غير .
وإذا كانت سياسة الدولة العراقية الحديثة هو ربط العراقي بوطنه وتوفير سبل العيش والطمأنينة والنجاح والانخراط في الحياة الاجتماعية والعلمية فالأجدر بها أن تجعل الحبل متواصلا لا منصرما عن الكتاب العراقي كما أود التنويه إلى أن مملكة السويد ممتلئة بالكفاءات العراقية لاسيما المدرسون والمعلمون في شتى التخصصات الإنسانية والعلمية وبالأمكان توظيفهم بالاستفادة من مكاتب العمل في السويد والتي تتبنى دفع نسبة عالية من رواتبهم دون أن يشكلوا عبئاً على الدولة العراقية مع يقيني التام أن بلدي غنيٌ عن هذا وذاك لأنه بلد العقول والنفط والنخيل . لذا يأتي افتتاح مؤسسة تربوية تعليمية في السويد تحمل اسم المد رسة العراقية أو الأكاديمية العراقية هو من أولويات الحفاظ على الجيل الحالي من أبناء العراق ليعودوا محملين بثمار عراقية زرعت بأيدي عراقية وسقيت بمداد عراقي في تربة سويدية أو اسكندنافية ، ونحن هاهنا في بلدان الثلج –ومن خلال التجربة العملية والتدريسية - مشروع نصح وتقديم وخدمة وإيثار للعراق وأبنائه.
د/ عادل الرفاعي
https://telegram.me/buratha