المقالات

صورة رجلٍ مات غريباً

1293 19:52:00 2009-01-14

( بقلم : علي كاظم داود )

طريق الضوء نحو كربلاء

يلوح هلال الشهر المحرم بضوئه السيال على الرمل ، يبزغ من غرب الجزيرة موزعا بريقه في الأودية المنشقة عبر صحراء نجد وحتى فرات كربلاء .. ينساب ضوؤه مفعما بغضارة تكاد تجعله يحيا ، كما يحيا البشر والطير ، ويتنفس كما يتنفس الصبح أو يسفر .. يبوح بأسرار إعجازية ، دون أن ينطق كلمة واحدة ، ولولا أن حُبس صوته ليوم معلوم لكان قد نطق ، منذ بزوغه الأول ، وحتى انفطار السماء التي لطالما احتضنت مولده ، مثلما ستحتضن انشقاقه.. قيل أن ضوء القمر يحمل صورة رجل مات غريبا ، لم تزل العجائز تحكي ما جرى عليه ، في مدينتي وفي المدن الأخرى ، والرجال الكهول أيضا يفصّلون في مآثره ، وقصته العجيبة ، ويشبّهون انطباع صورته على صفحة القمر بارتسام القمر على الماء. كان يمنح الليل جسدا مؤرّقا ، وعينين دامعتين ، وقلبا فطره طول الانتظار.. وعندما ألحّت عليه نفسه بالانعتاق ، قال : يا سيوف خذيني!!.سرى به الشوق بقطع من الليل الآهل بالنور ، يعرف بغيته ويحث الخطى نحوها ، القمر سراجه وبوصلته ، والحنين يحمله عبر الفيافي والمفازات ، ويختطّ اليقينُ له الطرق التي تؤدي .. تؤدي .. تؤدي .. لمعقل الضوء ومنتهاه .. حيث ائتزر الصبر وطول الأناة ، وعبّد مسالك النفس ، والأنفس التي اعتصمت بملاذاته القارة خلف حُجُب منيعة ، ليوم عظيم .يوم بات علامة من علامات الزمن الفارقة ، فما إن ترى إصبعا تشير ، أو دمعة تسفح ، أو سوادا يجلل السماء فقل : إنه عاشوراء.لطالما سمعت عن أعظم المقتولين ، فلم أشبع من ذكراه ، كان وجهه الضوء في زمانه ولا شعاع ينبثق من سواه ، والوتد الذي لا تطاول الجبال قامته .. ربيع النفوس ومأنسُها كان ، وكان اليد الناضحة بالعطايا على المعوزين والغبونين ، وهو مع كل هذا تذكار هول الفجيعة التي لن تطفئ مياه العالم كلها جمرة واحدة من جمرها الذي لم يزل وسيضل ملتظيا في قلوب السائرين على طريق الضوء.

جلابيب الريح

بدمٍ توضأ ، كبّر بصوت خرج من المنحر ، وأقام صلاته على رمضاء العطش ، تلا سورة الكهف ، وهبطت نحوه السماء الحمراء ليسجد عليها ، سجدة ستدوم حتى الأبد.ولما كان القمر في وضح الألق مفترقاً للأنجم أو مجتمعا لها ، وشهر محرم منصرف الناس من الحج إلى الحزن ، تلهج الألسن بترديد سجعٍ مقدس ، تحفظه الخواص والعوام ، وتسفح من أجله دماً ثجاجا في مسارب الدمع ، لتروي ظمأ رجل عظيم مات عطشانا.إذا ما عسعس الليل أو تلبّس ، أو اختلف بالنهار أو سَكَن ، ففيه من تقوم عنده القيامة قبل أوان الصيحة والحشر الاكبر ، قد امتاح في بقعة من ظل الأعين محرابا ، واجترح في القلوب النقية مقاما .. يتخذ الأفق خيطا والغيوم خرزا لمسبحته .. سجى به الليل سبحا وناشئة وتهجدا ، ساربا به في طرقه المستخفية ، يتكور عليه الكون ملفعا إياه بجلابيب من ريح ، تصحبه قباب من نور ، يكاد خطوها الخفي الحافل بأشعة الوهج يمزق كل أردية الكون الظلماء .. أما العتاة فقد اتخذوا الليل مكرا سرمدا فما انسلخ عنهم الا وألبسهم سرابيل من قطران وخسران ، وقد وسق عليهم فضائع ما اجترحوا وكبائر ما دبروا ، كما لو أن قطعا ظلماء من ليل غدرهم قد غشيت قلوبهم فأمست وجوههم بأقنعة مرعبة ، لا يراها أحد الا حَمَد وحوقل واسترجع .. مستذئبون ، بمخالب لا تعرف للقداسة معنى .. مجرمون ، دنّسوا صدرا ينهمر بفيوضات الوحي ، وقطعوا كفاً تسلب عن البحر غزارته .. همج رعاع ناعقون ، حبسوا أنفسهم خلف فادح استهتارهم ، واسترسلوا خلف مهلكات أطماعهم ، لم يرعوا أو يراعوا أبسط ما يمكن ان يتوقف عنده العقلاء ، فغدت أعاظم الاقترافات أمام أعينهم مباحات ، وباتت أحرج المهالك عندهم مستسهلات .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
hameed ridha
2009-01-15
بسمه تعالى يا علي ان من كظمت الدموع والاهات والعبرات الملتهبة عليه سطر في سويعات من الزمن أعظم اسطورات الدنيا فصار وسبعينه اسطورة كل شريف بحب لا يجد له متنفسا سوى سيول الدمع وبراكين الاهات عبر كل الزمكان حب ليس من صنع البشر بل من سماء خلقته ليخلد دنيا واخره وما كان لغيره ذلك فهل من حرقة على أب أو أم أو أعز عزيز تقرب من تلك الحرقه وأغرب ما في الاسطورة من راح يريد حرماننا من الجزع عليه؟ وأغرب من ذلك وقد طهره القران تطهيرا فخسأ من قال قتل بسيف جده لخروجه على امامهم وأمير مؤمنيهم اليزيد؟؟
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك