المقالات

مستقبل العراق بين الحكم المركزي واللامركزي

1032 13:57:00 2008-11-17

( بقلم : د . نزار كامل الحلي )

تسعى الدول بطبيعة الحال دائما الى تطوير امكاناتها وطاقاتها المادية والحيوية فضلا عن استراتيجيتها السياسية والاجتماعية من خلال ايجاد نظام اداري يقوم من شانه بوضع الاليات المناسبة والتي على أساسها يكون طبيعة الحكم في البلد وهذا يكون من خلال استفادة تلك البلدان من التجارب التي تتبناها دول اخرى في استحداث انظمة جديدة للحكم , فلو سلطنا الضوء على طبيعة النظام الاداري الذي حكم به العراق طيلة فترة الثلاث عقود الماضية وكيف كانت الحكومة المركزية هي التي بيدها زمام امور جميع انحاء العراق وما نتج عنها من اضطرابات سياسية واقتصادية دمرت العراق طيلة تلك الفترة بسبب طبيعة الحكم المركزي الذي يعتمد على السلطة الفئوية التي تتحكم بالعراق من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وباقي المجالات الاخرى مما ادى الى تسلط فئة معينة على جميع مقدرات الشعب من شماله الى جنوبه وابعد الكثير من المصطلحات الديمقراطية عن اجوائه من مبدا الشراكة وتقاسم السلطات وانتهى به المطاف الى ان اصبح ارضية لحملة الفكر الدكتاتوري .

بعد التغيير الديمقراطي للنظام السياسي في العراق تم تشكيل حكومة عراقية منتخبة من قبل الشعب العراقي وفق قانون الانتخابات وبعدها مرحلة كتابة الدستور العراقي وكانت من بين الفقرات البارزة في الدستور هي ان العراق بلد فيدرالي اتحادي تعددي وهذه الفقرة فتحت افاق واسعة للعراق حيث ساهمت في تشريع نظام تعددي يعتمد عليه في ادارة العراق ضمن معايير نصها نظام الحكومة اللامركزية والحكم التعددي ليس وليد العهد وانما تعود نشاته الى بداية نشر الدين الاسلامي وكيف كان طبيعة الحكم انذاك وعلى شكل ولايات مثل ولاية مصر والشام والعراق وكل واحدة من هذه الولايات يحكمها والي وهذه الولايات جميعها تشرف عليها حكومة مركزية .

اما في الوقت الحاضر امامنا تجارب عديدة بهذا الصدد في دول العالم وتوجد اكثر من 25 دولة تمارس الحكم التعددي ومعظم الدول التي تتمتع بحكومة لا مركزية هي من الدول المتقدمة والقوية مثل الولايات المتحدة الامريكية وسويسرا وكندا وبلجيكيا والهند .. والخ من الدول الاخرى فنجد هذه الدول تدار بنظام تعددي وولاياتها التي تشرف عليها حكومات محلية تشهد تقاسم السلطات وليس كما كان العراق عليه في السابق .واذا اردنا التطرق الى سلبيات النظام المركزي والذي كان سببا رئيسيا بتجسيد الفئوية البغيضة نجدها كثيرة منها ابتعاد الحكومة عن واقع المشاكل والمعوقات التي يواجهها المجتمع وعلى مختلف المستويات مما يسبب عرقلة وبطء في ايجاد الحلول المناسبة لمعالجة تلك المشكلات كما لاحظناه في الوقت الحالي في العراق فان المشاريع الاقتصادية والعمرانية التي تخصص من قبل الحكومة المركزية وصرف اموال طائلة لها ولكن الشيء الذي يحصل ان هذه المشاريع تمر بعدة تعقيدات وتسيطر عليها الشركات وربما يصل الامر انها تصبح سلعة تباع وتشترى بين الشركات الى ان تصل الى موقع المشروع ولم يبقى الشيء القليل من المبلغ الرئيسي المخصص وهذا بدوره يقلل من جودة العمل وسينعكس سلبا على الاداء . اما هذا الامر في ظل الحكومات اللامركزية فلا نجد له أي اثر لان الحكومة المحلية ستكون على محك مع الواقع وتشخيص المشاكل والمعوقات وسرعان ما تجد الحلول المناسبة لاتخاذ القرار بشانها ولا توجد هناك أي سلسة من الاجراءات التي تودي الى تقليل حجم المبالغ المادية التي تخصص في المجالات العمرانية والاقتصادية وغيرها .

اما من ناحية تقاسم السلطات فان الحكم اللامركزي سيمنح للحكومة المحلية صلاحية السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية مما يسهم كثيرا في تقويتها والسيطرة التامة على مفاصل مناطقها واحتواء جميع الازمات التي تصادفها . والانتقال الى مرحلة اخرى وهي مرحلة دولة المؤسسات التي تعتبر تجسيدا للديمقراطية ومبدا الشراكة بين مكونات الشعب . ويبقى دور الحكومة الاتحادية المهم جدا هو تحديد سياسات البلد الخارجية وحفظ امن الدولة وتقسيم الميزانية والاشراف على اداء الحكومات المحلية .

د . نزار كامل الحلي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك