المقالات

محافظة ميسان بين ترقب الصولة و الحرب الباردة

1400 18:11:00 2008-06-03

( بقلم : د.خزعل فارس الجابري )

يسلم الكثير من المواطنين في محافظة ميسان بأن معاناتهم من سطوة المليشيات و تحكمها بكل صغيرة و كبيرة في مدن المحافظة قد طالت كثيرا و فاقت المعاناة اليومية تصور العديد ممن لم يكن يمر في خاطره أن وضع هذه المدينة الجنوبية التي يبدو أن قدرها لا يزال عالقا بلوحة غيبها ليستمر بتواصل عجيب و تناغم فريد مع ماضيها فهي على الدوام كانت كما لا تزال تعاني إهمال حتى وسائل الإعلام ، أقول إن وضعها اليوم يبدو مأساويا أكثر من أي قترة أخرى . و لعل أهم مقاطع السخرية الميسانية في نكبتها المستفلحة هي أن تكون كل مؤسسات الدولة هناك خاضعة للمليشيات و أن الدوائر الرسمية بدءا من المحافظ و انتهاء بمناصب المدراء العامين في الكثير من الدوائر ينتمون إلى جهة سياسية واحدة هي التيار الصدري ..

 و يبدو أن المليشيات قررت أن تكون هذه المحافظة هي القلعة الحصينة و المعقل الأقوى لهذا أصبحت مأوى ينشده كبار القادة الفارين من العدالة في المحافظات الأخرى و لاعتبارات عدة منها أن نسبة المليشيات هناك كبيرة بالقياس لباقي المحافظات لاسيما الجنوبية و ثانيا الموقع الاستراتيجي الحيوي و الطابع اللوجستي لمناطق المحافظة فهي قريبة من إيران و مفتوحة على جزء كبير من مسطحات الأهوار و هذه الأمور يتم حسابها في مداولة ذهنية بسيطة لأي تحرك عسكري كبير من قبل الجيش و القوى الأمنية العراقية . و قد بدا إلى حد ما إن الحكومة تبحث عن أفضل الطرق لاسترداد المحافظة من حكم المليشيا و لكن حتى اللحظة لا يبدو أن قمة قول فصل قد تم طرحه بهذا الخصوص . خلال الشهرين الماضيين تركزت العمليات العسكرية الحكومية و بمساندة القوات المتعددة الجنسيات على عمليات إنزال جوي و اعتقال المطلوبين ثم الانسحاب وهي كما نظر إليها المحللون طريقة جديدة تتكل على الجهد ألاستخباري و تحاول الابتعاد عن حرب اجتياح مباشر لأن الوضع الميساني يمتلك خصوصية مختلفة كون المليشيات المسلحة هناك تسيطر على كل شيء تماما و تعضدها الحكومة المحلية التي هي مجرد واجهة سياسية للمليشيات و قد رأى البعض هذه العمليات كونها أقرب إلى الحرب الباردة التي يتم من خلالها استنزاف المليشيات على مستوى عناصرها القياديين بإلقاء القبض عليهم و اعتقالهم و هناك قوائم أعدتها السلطات العراقية بأسماء هؤلاء القادة و تم إلقائها من الجو على عدد من المناطق في المحافظة . و السؤال المطروح الآن من قبل أهالي ميسان قبل غيرهم هو : هل ستؤدي هذه العمليات إلى عودة الحياة الطبيعية إلي مدينتهم و تخليصهم من حكم مليشيا جيش المهدي أو أنها عمليات تمهيدية لصولة فرسان جديدة قد تجري في وقت آخر أكثر مناسبة كما تراه الجهات الأمنية و العسكرية العراقية ؟

يبدو أن هذه العمليات لن تؤدي إلى إرجاع المحافظة و استردادها من تلك العصابات المتحكمة بكل مظاهر الحياة السياسية و الاجتماعية و الإدارية هناك ، لأسباب موضوعية منها أن عدد القادة لهذه المليشيات عدد كبير و بعد إلقاء القبض على عدد منهم أخذ الآخرون كافة الوسائل الاحترازية و لا سيما أن الدوائر و المؤسسات الأمنية هي بأيدهم ما يجعل عملية إلقاء القبض عليهم أمر غاية في الصعوبة .

 و كذلك فإن المليشيات حتى مع اعتقال كبار قادتها تمتلك الصف الثاني منهم الذين يعرفون ما يجب عمله بعد سقوط الصف الأول حيث سيحتلون مباشرة المكان الشاغر بأسرع من لمح البصر . على أن ثمة شيء مهم أثبتته التجارب السابقة و لا سيما في مدينة البصرة و الصدر و الديوانية و كربلاء و غيرها و يتمثل بأن انهيار هذه المليشيات لا يتم عن طريق اعتقال أو حتى احتواء القادة فيها بل بنزع ما يمكن تسميته " رعب المليشيا " و إسقاط " هيبة سلاحها " أمام الناس فلا يهم أن بقي من قادتها من ينبح هنا و هناك و من سلاحها ما تخبأ في هذه الزاوية أو تلك فكلاهما لا قيمة له حين يكسر المواطنون حاجز الرهبة منها و هو أمر لا يتم إلا بامتلاك الأرض من قبل القوات الحكومية و انتشارها الكثيف على مساحة المدينة . .. و هذان الأمران هما أيضا لا يتمان إلا بـ " صولة فرسان " جديدة ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
أحمد الميساني
2008-06-06
انقذونا يرحمكم الله
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك