المقالات

مشاهدة منقوصة من الشارع العراقي الجديد

1107 18:57:00 2008-05-11

( بقلم : د. نضير الخزرجي )

تأخذ النصوص كأي نصوص مقدسة كانت أو غير مقدسة، سماوية أو وضعية، بعدها الحقيقي على أرض الواقع من خلال تطبيق الناس لها، وإلا فان النصوص مفردات صماء، يستنطقها من يؤمن بها، وتكون معلومة للآخرين من خلال فعل المؤمنين بها والتفاعل معها.

لكن البعض يأخذ من النصوص جانبا ويترك آخراً، حتى وان كانت في محصلتها تقع في ضرره أو ضرر الآخرين، فعلى سبيل المثال، استقلت سيارة أجرة وأنا في طريقي من وسط مدينة النجف الأشرف إلى حي الزهراء للقاء زعيم حزب الفضيلة الشيخ محمد اليعقوبي في 23/3/2008، وبعد فترة من الزمن انتبهت إلى السائق وهو يخلع حزام الأمان، فاستغربت مرتين، مرة لأنني لم ألحظ حزامه، لأن الأصل في مثل بلداننا العالم ثالثية هو عدم التحزّم والتمنطق، ومرة ثانية لأنه خلعه ولمّا نصل بعد إلى مبتغانا، فسألته مرتين، مرة عن سبب خلعه ومرة عن سبب عدم تنبيهي لذلك ما دامت قوانين المرور صارت بهذا الحزم في التطبيق، فعن الأولى، أجابني بأننا الآن خارج إطار مراقبة شرطة المرور فلا غرامة مالية ولا هم يحزنون، وعن الثانية، أجاب بان الغرامة تفرض على السائق وليس على الراكب. شدّني الفضول الصحافي إلى الاسترسال معه، فقلت له: انك إذن تتمنطق بحزام الأمان تحاشيا من الغرامة المالية، لا لأنك تريد حماية نفسك وسيارتك والراكبين معك من أي حادث أو توقف طارئ وإلا لطلبت مني أن أتمنطق بحزام الأمان أيضا؟وكان الرجل صريحا، فأجاب بنعم، إنني أخشى الغرامة، وبما أنني أقع الآن خارج دائرة المراقبة المرورية فلا حاجة لحزام الأمان.قلت له: وماذا عني أو غيري من الراكبين؟فقال: إن القانون يؤاخذني ولا يؤاخذك. قلت له: ماذا لو توقفت فجأة لحادث أو تجنبا لوقوع حادث، أو اصطدمت بسيارة أخرى، فماذا سيحل بك وماذا سيحل بي، أو ليس نحن أمانة في عنقك؟توقف برهة، فقال: وماذا تعني؟قلت: هل سيصيبك مكروه؟ قال ربما، والأقدار بيد الله.قلت: وماذا عنّي أنا؟ ألا سيصطدم رأسي بالزجاج الأمامي أو ربما اقفز من الزجاج الأمامي سريعا إلى مقبرة وادي السلام!ابتسم السائق وقال: ربما، ولكن هذه قوانين المرور عندنا، فالسائق هو المعني بحزام الأمان وليس الراكب.ما استشفه من هذه الحوارية أن السائق ربما فهم القانون خطأ، لان على السائق تنبيه الراكب إلى حزام الأمان إذا ما نسيه أو تجاهله، بل لا يحرك عجلة السيارة إلا بعد أن يتمنطقان كلاهما بحزام الأمان، ثم إن الغرامة تقع على السائق والراكب معاً إذا تخليا عن الحزام، كما أن الغرامة تقع على الراكب أيضا إذا تجاهل حزام الأمان، فهذا ما تقول به قوانين المرور.

وبالطبع فان ارتداء حزام الأمان، هي خطوة متقدمة في العراق الجديد، فحينما سقط نظام صدام في 9/4/2003، كان العراقيون العائدون من بلدان اعتاد أهلها على التمنطق بحزام الأمان سائقا أو راكبا، سيارة عامة أو خصوصية، يتخلون عن الحزام لا لأنهم لا يرغبون بها وبخاصة في شوارع العراق التي تزدحم بالسيارات ولا تنقطع آذان الناس عن سماع زعيق السيارات، وإنما لحرصهم على أن لا يُعرفوا أنهم قادمون من خارج العراق، وابتعاداً عن الشبهات وتماهيا مع الشارع العام على طريقة حشر مع الناس عيد، وربما درءا للخطف، لكن هذه المفارقة بدأت تنحصر رقعتها رويدا رويدا مع تطبيق قوانين المرور والتشديد عليها، على أن السائق بشكل عام بحاجة إلى ثقافة مرورية، لأن حياة الإنسان أهم من خردة الحديد، وأعتقد أن هذه الثقافة ستأخذ طريقها إلى عقل العراقي سائقا أو راكبا، عندما تأخذ ثقافة التسامح واحترام القانون طريقها إلى نفوس الناس، فثقافة العنف والدماء والثأر التي زرعها النظام السابق لازالت معششة في نفوس كثيرين، والذين لم يحسن البعض منهم الاستفادة من نعمة التغيير في تغيير حال العراق إلى أحسن الحال، وظلّ يحنّ إلى الماضي الأسود كحنين القط إلى خنّاقه!ولنا مشاهدات منقوصة أخرى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك