المقالات

الانتخابات العراقية بين التشكيك واليأس


 

عبد الخالق الفلاح ||

 

لقد اجريت الانتخابات العراقية الاخيرة بنسبة مقاطعة قياسية وسط معاناتهم من تبعات الفساد المزمن وانتشار الفقر رغم الثروة النفطية وانتشار السلاح و بتشكيك ولا مبالاة بها كمنقذ و التي جرت وفق قانون انتخابي جديد وكانت نسبة الإقبال المتدنية تعود أساسا إلى حالة "اليأس" من التغيير عبر المشاركة في الانتخابات لدى قطاع واسع من ابناء الشعب رغم الدعوات من المسؤولين من المواطنين إلى الخروج والمشاركة في الاستحقاق الانتخابي من أجل المساهمة في الاصلاح والتغيير، وانتخاب من يرونه مناسباً لمصلحة البلاد ، وسط أجواء يشوبها الكثير من التشكيك والاحباط الممتزج بقدر قليل من التفاؤل والحماس والاندفاع والتي صاحبتها اجراءات أمنية مشددة فرضتها قوات الامن شملت إغلاق المطارات والمنافذ الحدودية ومنع الانتقال بين المحافظات، ونشر قوات خاصة في العاصمة والمحافظات لتوفير أجواء آمنة للناخبين وعدم وجود حضر للاتنقال داخل المدن،عن العزوف الكبير للناخبين بالمشاركة في التصويت والتي اجريت في 10 من تشرين الاول من خلال الاعداد المشاركة والتي لاتزيد عن 40% من نسبة الذين يحق لهم المشاركة والمقدرة باكثر من 24  مليون حسب الاحصاءات الرسمية  يحق لهم التصويت، وساهم ما يقارب من 9 ملايين او اكثر منهم بأصواتهم في أكثر من 55 ألف محطة انتخابية موزعة على 8273 مركزاً انتخابيا لاختيار 329 نائبا لمجلس النواب الجديد من بين أكثر من 3200 مرشح في الانتخابات يمثلون 83 دائرة انتخابية موزعة على أساس جغرافي في عموم محافظات العراق وفق التمثيل السكاني وكانت المفوضية قد قررت إلغاء تصويت المواطنين المقيمين في الخارج

ان اكثر الشعب العراقي قد اصابه الاحباط  من العملية السياسية " إلأ من رحمة الله " وبلاشك  أن حماسة وآمال القوى التي قادت الاحتجاجات التشرينية ايضاً تراجعت كثيرًا في إمكانية إحداث تغيير عبر صناديق الاقتراع رغم حصولها على عدد من المقاعد النيابية ، ووصل الأمر بأطراف رئيسية فيها إلى مقاطعة الاستحقاق الانتخابي من حيث الترشح والتصويت، وحافظت الأحزاب التقليدية على وجودها في المشهد السياسي على الرغم من تفاوت حصولها على مقاعد أقل من الدورات الانتخابية السابقة للبعض منهم وخسارتها الأكثرية في مجلس النواب للبعض الآخر و لكن بقيت هي القوى التي ستكون في ادارة مجلس النواب  وتمت الدعوة لهذه الانتخابات  و التي كانت من المقررة ان تكون في عام 2022، والمطالبة تحققت تحت ضغط الحركة الاحتجاجية التشرينية التي تحولت إلى احتجاجات متصاعدة اجتاحت بغداد ومحافظات عديدة خريف 2019 و كان البعض لا يرى ولا يتوقع شيئا جديدا من انتخابات تشرين 2021، و البعض الآخر يعتقد أن الصورة ستتغير لكن ليس جذريا. ولعل النتائج والمعطيات الاولية للانتخابات، التي من المفترض ان تظهر بعد اربع وعشرين ساعة من اغلاق صناديق الاقتراع، كما اكدت المفوضية وكانت  فعلاً ، يمكن أن تؤشر الى بعض من معالم وملامح المشهد السياسي المقبل، وطبيعة الاستحقاقات التي ستفرض نفسها على الشركاء والفرقاء وكان الهدف من إجرائها مبكراً امتصاص غضب الشارع واحتواء النقمة ضد الفساد وتراجع الخدمات العامة والتدهور الاقتصادي. ان المشكلة الاساسية هي في عدم تمييز العملية السياسية  بخصائص تتوفر في الديمقراطيات المعروفة الاخرى ، لان اكثر الاحزاب والكتل تشارك بالحكومة، وهي في الوقت نفسه تلعب دور المعارضة للحكومة في عملية خادعة لجماهيرها، فضلاً عن أن البرلمان العراقي له خاصية قد لاتتوفر  في البرلمانات الاخرى و هو أقرب للحكومة منه إلى الشعب وتبنى قراراته على التوافق بين المشاركين في البرلمان ، وتختفي أو تضمحل الخصائص الأخرى للديمقراطية المتعارف عليها في البلدان الممارسة ،مثل الاستقلالية في الخطاب وحرية الرأي وحتى ان المفوضية العليا للانتخابات يتم تنصيبها من قبل القوة القضائية التي تطرح الأسماء وتطلب من البرلمان الموافقة عليها.

ان  الانتخابات  لن تزيد الكثير في المصداقية ولن تضيف شيئ  للمنظومة السياسية العراقية الحالية رغم وجود ايادي خيرة مثل "قوى المقاومة والحشد الشعبي "الذين حيكت ضدهم مؤامرة خبيثة والتي لن تكون جبهتهم سهلة من اجل ان تقع بين المطرقة والسندان وخاصة اذا ما وقعت بيد فئة جاهلة معروفة قد تجر البلاد الى الحرب الاهلي لا سامح الله، ولن تبدّل كثيرا في الواقع السياسي البائس، والتي تستعمل طبقات بسيطة غير منتظمة للاطاحة بالآخرين وعلى الرغم من ذلك فالسؤال المهم هوهل يمكن أن تحقق نتائج هذه الانتخابات التغيير المأمول..؟ وبالتحديد فرض خريطة سياسية جديدة للعراق و تضع نهاية لاحتكار القوى التي فشلت في ادارة السلطة من جديد وبنفس سياقات الفشل السابقة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك