بقلم : سامي جواد كاظم
لو تتبعنا الخارطة الاستعمارية للدول التي استعمرت البلدان العربية والغير عربية وخصوصا من قبل الاستعما ر البريطاني نجد ان احد اساليبهم في ادارة امور مستعمراتها هو جعل الحاكمية للاقلية وذلك لما يتولد من نزعات نفسية لدى الاقلية بالخوف من الاكثرية وخصوصا عندما يكون الحاكم من الاقلية المعدوم اجتماعيا واقتصاديا وذو مستوى وضيع في مجتمعه . ففي العراق عمد الاستعمار البريطاني الى جعل الحكم بيد السنة وهم الاقلية في العراق حيث اثبتت الانتخابات الاخيرة حجم السنة في العراق وهذا ينطبق على دول الخليج حيث جعلت عوائل حاكمة في هذه الدول لا تتمتع بشعبية في بلدانها .
والحديث عن السعودية هو محور مقالنا هذا ، فالوهابية هي الاقل ولكن قبل الوهابية كانوا الشيعة في المنطقة الشرقية بعد فصل البحرين عنهم اصبحوا الاقلية من مجموع الطوائف السنية المختلفة فيما بينهم اما لو كانت كل طائفة على حدة فالشيعة ان لم تساويهم فهم الاكثرية ، وطالما ان الشيعة لم تقبل بالتجزئة المقترحة من قبل الاستعمار البريطاني مقابل السلطة فعليه بدات بريطانيا تفكر بخلق اقلية من حثالات المجتمع العربي في نجد والحجاز على ان يكون مضمون الولاء للتاج البريطاني وخصوصا اذا كان الذي وقع عليه الاختيار هو من المستوى المرفوض خلقيا في مجتمعه ، فوجدوا ضالتهم بمحمد عبد الوهاب وال سعود طبقا للمعايير الاجتماعية والدينية السائدة في هذا البلد على ان تكون حركتهم ذات صبغة دينية حسب طبيعة الارض التي تعتبر مهبط الوحي وقبلة المسلمين .
وطالما ان هذه الحركة اصلا لا تعترف بالدين الاسلامي فانها رفضت حتى ان تكون مكة او المدينة المنورة عاصمة لهم بل بقيت الرياض حاليا (الدرعية سابقا) هي العاصمة . نجد اليوم ان اغلب الشعب السعودي هم من الحنفية والمالكية والشافعية والشيعة والحنبلية الذين هم يختلفون عن الوهابية ويتوهم من يعتقد انهم يسيرون على نهج احمد ابن حنبل والاصح هو احمد ابن تيمية لان هذا الاخير هو ايضا مريض وشاذ في مجتمعه الشامي حتى انه مات في العقد الثامن من معمره ولم يتزوج واعتقد هذا نابع من نزعات نفسية بداخله اضافة الى مرض اخر افقده الرجولة بدليل انه كل من لايعجبه او يخالفه من الناس يتهمه بالخنث ويقول انهم (مخانيث ) والمخانيث هم من كانت هياتهم هياة رجل ولا رجولة لهم وهذا يكون رد فعل لما يعاني منه هو اصلا .
والمتتبع اليوم للوهابية يجدها حركة سياسية اجرامية خالية من كل مفاهيم الدين الاسلامي وان كل من اراد ان يتسلق سلم الوظائف في الدولة السعودية يحتم عليه اعتناق الوهابية كما كان الحال عليه في العراق بشرط الانتماء لحزب البعث اذا ما اراد العراقي ان يتدرج في الوظيفة او الدراسة . فالملة الواحدة تحاول العائلة الحاكمة تقسيمها الى ملل لتكون الاقلية فمثلا عن الشيعة يخرجون ملة الزيدية والاسماعيلية والجعفرية والتي لو جمعت هذه الملل مع بعضها البعض ضمن الملة الواحدة لكانت هي الاكثرية والوهابية الاقلية .
سكان المملكة السعودية تقريبا 24 مليون نسمة ، سبعة ملايين منهم من الاسيويين والافريقيين المقيمين فيها وهذا تقريبا ربع السكان حيث يعانون من اضطهاد والتسلط القهري ممن يسمونهم سعوديين والاصح وهابيين ، على عكس المقيمين الغربيين الذين يعاملون باحسن معاملة نتيجة للثقافة والتطور العلمي والتكنالوجي التي تتمتع بها تلك الدول كما وان حكوماتهم هي السبب في تسلط ال سعود والوهابية على ارض حجاز ونجد .اذن لو تمعنا في الاقليات السنية والتي على خلاف مع الوهابية وبعد دمجها مع البعض يكونون الاغلبية فالاقليات السنية الموجودة في المملكة هي من جميع المذاهب السنية الاربعة وهي حسب الاهمية في العالم الاسلامي:الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي،والاخير هو الاقل انتشارا في العالم الاسلامي، وليس هو الاوسع انتشارا في المملكة بسبب عدم التميز بينه وبين ابن تيمية فهنالك خلاف واسع بين الاثنين وان الاغلبية التي يعتقد انها في المجتمع السعودي هي التيمية وبثوب الوهابية ،وبسبب كونه المذهب الحاكم،واستخدام اتباعه جميع الوسائل الممكنة،المادية والمعنوية بما فيها القسوة والشدة والارهاب!،في نشره،فبعد ان كان أقلية عند تأسيس الدولة السعودية الحديثة عام 1932م،أصبح الان بفضل الوسائل السابقة الاكثر عددا،ورغم ذلك لايشكل الاغلبية لكثرة المذاهب الموجودة.
اما التشيع في شبه الجزيرة العربية والتي تشكل المملكة السعودية الان معظم مساحتها،قديم جدا،منذ فجر الاسلام الاول،وينتسب الشيعة في غالبيتهم الساحقة الى قبائل عربية أصيلة،وتعتبر المنطقة الشرقية للمملكة،ثاني منطقة بعد المدينة المنورة يدخلها الاسلام،وقد استولى السعوديون عليها عام 1913،حيث كانت تابعة للدولة العثمانية مثل العراق وبلاد الشام،وهي منطقة اشتهرت بالزراعة والمراعي الخصبة نتيجة توفر المياه فيها،ثم أزدادت اهميتها بعد تدفق البترول والغاز منها بغزارة منذ عام 1938 ولازالت،ويتركز معظم الاحتياطي فيها مما يجعلها من اغنى المناطق في العالم،وهي أيضا أقل المناطق تطورا في السعودية!وأصول الشيعة العرب فيها قسمان : الاول حضرية والثاني بدوية تحضرت واعتنق غالبيتها التشيع،واحتكاك هذه المنطقة مع ايران ضعيف،لعدة اسباب منها عدم وجود الاضرحة المقدسة والجامعات الدينية،والبعد الجغرافي،والاختلاف اللغوي،بينما العلاقة مع العراق قوية للاسباب السابقة ونفس الاصول العشائرية،بل السكن في الجانبين مشهور لذا تجد الكثير من العراقيين في الجنوب من اصول أقليم الاحساء والقطيف والعكس صحيح ايضا.
ولاهمية المنطقة الشرقية جعل ال سعود يعمدون الى تمليك الاراضي الى العائلة الحاكمة بالدرجة الاولى والى من سار بركبهم من كبارات رجال الوهابية أي المشايخ ثانيا ومع الارصدة العملاقة من الدولارات المتاتية من بيع النفط في هذه المنطقة ، ومن جانب اخر العمل على توطين الوهابية من الدول المجاورة في المناطق الشيعية وهي ممارسة التغير الديموغرافي الذي بات من الامور الشائعة والمستخدمة لدى اغلب طواغيت الارض حتى لا يقال عن الوهابية هم الاقلية .
https://telegram.me/buratha
