( بقلم : علي المالكي )
قدر للعراق الجريح أن يفقد رجاله وأحبائه واحداً بعد الآخر في وقت أحوج مايكون فيهم إليهم لإرساء مبادئ السلام وإحلال المحبة والوئام في ارض الرافدين وللأسف كل يوم نفجع بفقيد ارتحل روحا وغيب جسدا بسبب وحشية القوى الظالمة ورعونة الإرهاب الأعمى الذي يضرب البلد و لايفرق بين رجال العراق ونسائه ولابين شيوخه وأطفاله , نعم هذا هو ديدن الإرهاب وهذه خسة ونذالة وحقارة قوى التكفير والسوء التي عاثت بمقدارت البلد فسادا واستهترت بأرواح وكرامات الأبرياء وللأسف هذه المرة طال الإرهاب رمز من رموز السلام ونموذج من نماذج المحبة والإخاء ورجل من رجال العراق الشجعان الذي حمل هموم العراق في قلبه ودعا لله بصلواته وقداسه من اجل العراق البلد والشعب أن يحل الأمان وتنجلي غمامة الإرهاب السوداء ويعود العراق حاضنا لكل العراقيين بمختلف الأديان والقوميات والمذاهب من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ,
رجل أحب العراق وأهل العراق فأحبه العراقيون بمختلف قومياتهم وأديانهم وانتماءاتهم ومكوناتهم الصغير منهم والكبير الغني والفقير, رحل جسدا عن الدنيا لكنه سيبقى في قلوب العراقيين أخا وأبا وداعيا للحق غيب بجسده لكنه باقي بدعائه وصلواته وسلامه وتمنياته للعراق بالسلام والأمن والأمان وما أحوجنا اليوم إليه والى أمثاله من الشرفاء والأتقياء ودعاة السلام وأصحاب المواقف الشريفة ودعاة الخير , لقد نعاه العراق كل العراق وبكى عليه الشعب كل الشعب وصلى من اجل روحه المؤمنين , لقد ذهب شهيدا للمحبة والتسامح والإخوة وذلك من خلال دعواته المتكررة وندائاته العديدة التي أطلقها مرارا وتكرارا وأخرها قبل اختطافه بأيام عندما دعى العراقيين جميعا لنبذ الخلافات وتقوية أواصر المحبة وإرساء قواعد الوحدة بين العراقيين الذين وحدتهم الآلام والمصائب فلا تفرقهم المواقف والانتماءات هذه آخر الكلمات التي أدلى بها الشهيد المطران بولص فرج رحو رئيس أساقفة الموصل قبل أيام من عملية اختطاف تعرض لها مع ثلاثة من مرافقيه ( رامي وسمير وفراس) في الموصل والذين استشهدوا اثر اطلاق النار عليهم واستمر اختطاف المطران رحو حوالي أسبوعين حتى وجد ميتا يوم الخميس (13/3/2008) في مدينة الموصل أيضا وتم تشيعه يوم الجمعة في قرية كرمليس ويشغل المطران رحو منصب رئيس أساقفة الموصل للكلدان وقد ولد عام (1942) وتسلم منصبه ككاهن في الكنيسة عام (1965)
وينتمي رحو للكنيسة الكلدانية في العراق والكلدان من سكان العراق الأوائل وهم جزء من الحضارة العراقية منذ آلاف السنين وعاشوا جنبا إلى جنب مع إخوانهم المسلمين وباقي الأديان الأخرى بإخاء ومحبة ووئام طوال هذه السنين وحصل الكلدان في العراق على منصب رفيع في الفاتيكان عندما توج عمانوئيل دلي الثالث بمنصب الكاردينال من قبل البابا ويعد هذا الإنجاز محل افتخار للعراقيين جميعا كون العراق يحضى بتقدير واحترام قداسة البابا بنديكتس السادس عشر والذي دعى للعراق أكثر من مرة وتمنى لأبنائه تخطي هذه المرحلة الصعبة وأثارت عملية اغتيال المطران رحو حزنا كبيرا لأغلب العراقيين الذين شاركوا إخوانهم المسيحيين بالمصاب وتذرعوا لله العزيز القدير أن يتغمد الشهيد بوافر نعمته ويلهم أهله وأنصاره ومحبيه الصبر والسلوان ولم تكن عملية اغتيال المطران رحو الأولى من نوعها بل سبقتها العشرات من عمليات الاغتيال والخطف التي طالت رجال دين وعلماء واساتذه ومفكرين وركزت هذه العمليات على دعاة الوحدة وأصحاب المواقف التضامنية والوحدوية في العراق وابتدأت هذه العلميات باغتيال شهيد المحراب أية الله العظمى الشهيد المجاهد السيد محمد باقر الحكيم في النجف الاشرف ومن بعده العشرات من رجال الدين من مختلف الأديان والقوميات والمذاهب ولم يختصر الإرهاب على طرف دون آخر بل استهدف الجميع لإشعال فتيل حرب طائفية بين مكونات الشعب وباءت اغلب هذه المخططات بالفشل بسبب حنكة وحكمة العراقيين ودور القيادات الروحية والدينية في توعية الشعب وإبراز الخطر الكبير الذي تشكله قوى التكفير والإرهاب على النسيج العراقي المتلاحم وطبعا عملية اغتيال المطران رحوا جزء من مساعي قوى الظلام والإرهاب لتفتيت الوحدة والتضامن في العراق لان القتلة والمجرمين يتسترون بأسماء إسلامية وهمية الهدف منها الإساءة للإسلام دين المحبة والسلام وتفتيت أواصر المحبة والتعايش السلمي بين الإخوة العراقيين من المسلمين والمسيحيين رحم الله الشهيد المطران بولص فرج رحوا وكل شهداء العراق ولأرواحهم السلام .
https://telegram.me/buratha