المقالات

البُعد الإعلامي في صلاة الجُمعة

983 16:07:00 2008-03-16

بقلم / أحمد رضا المؤمن

في زحمة وسائل الإعلام والتبليغ التي نعيش آثارها وتأثيرها في جميع نواحي حياتنا اليوم من تلفاز وإنترنيت وهواتف نقالة وأطباق محطات فضائية ومذياع ... إلخ في زحمة كُل ذلك تسائلت في نفسي .. ما هي وسائل الإعلام قبل ثلاثة قرون من الزمن ؟ وكيف كان الناس يتأثرون ويؤثرون ببعضهم البعض وخصوصاً في مناطق مُجتمعنا الإسلامي ؟!

طبعاً تعرفت على الكثير من هذه الوسائل ، ولكني لم أجد وسيلة إعلامية أشد تأثيراً وأهمية من صلاة الجمعة بجميع تفاصيلها في الحقب الماضية .

ولتوضيح قوة هذا التأثير فإنه ينبغي التوقف على مجموعة نقاط نفصل من خلالها طبيعة الأداء الإعلامي لصلاة الجمعة ومدى تأثيره ونبدأ من :

الأذان :

إذ يُعتبر الأذان عند المسلمين من أهم وسائل الإعلام مُنذُ البعثة النبوية الشريفة وإلى يومنا هذا ، ففي الأذان فلسفة عميقة جداً ، قد لا يحس أو يستشعر تأثيرها إلاّ من يعيش بين قوم غير مُسلمين ، ففي الأذان عبارات التوحيد ( أشهدُ أن لا إله إلاّ الله ) وعبارات إعلان النبوة والرسالة للنبي الأعظم مُحمّد "ص" ( أشهدُ أن مُحمّد رسول الله ) وعبارات الولاية ( أشهدُ أن علياً ولي الله ) .. إلخ ، وعملية تكرار هذه العبارات لخمس مرات يومياً يؤدّي بالنتيجة إلى ترسيخ العقائد في المناطق التي يصدح فيها صوت الأذان خصوصاً إذا كان بكيفيّة صحيحة ومُحببة وواضحة للمُستمع .

الأدعية :

فلا يخفى على الذين تشرفوا بالتأمل في أدعية النبي "ص" وأهل البيت "ع" بأنها تحتوي من المفاهيم العظيمة والفلسفة الفكرية السياسية التي تهتم بتربية الأمة وتوجيه مسارها نحو الفلاح . ومثال ذلك ما ورد في دُعاء الإفتتاح ( اللهم إنا نرغب إليك بدولة كريمة ، تُعز بها الإسلام وأهله ، وتُذل بها النفاق وأهله ... ) . وهو دُعاء كان يُثير سخط الطاغية صدام وزبانيته فكان أن منع لسنوات طويلة لأنه كان يوحي لهُم بأن هُناك دعوة صريحة لقيام دولة يعز بها لله بها الإسلام وأهله بالوقت الذي كان مع زبانيته يسعون جاهدين إلى لإذلال المسلمين في العراق .

إجتماع المصلّين :

من المعروف بأن من شروط إقامة صلاة الجمعة هي حضور ما لا يقل عن خمسة مُصلين بضمنهم إمام الجماعة ، أي وبعبارة أخرى فإن طبيعة هذه الصلاة هي طبيعة إجتماعية أقرب ما يُمكن تمثيلها بمؤتمر أو ندوة يجتمع خلالها المسلمون لإقامة الصلاة يتبادلون فيها أخبارهم وهمومهم والتباحث في السبل الكفيلة لحل مشاكلهم والسعي لتحصين ثغورهم وحماية بيضة عقيدتهم وبشكل إسبوعي ــ كُل جمعة ــ أي أنه مؤتمر أو ندوة إسبوعية تهتم بمراجعة جميع الأحداث العبادية والسياسيّة التي تهم المسلمين وتصلح أمورهم كُل أسبوع .

خُطبتي صلاة الجمعة :

تتضمن صلاة الجمعة خُطبتين واحدة عبادية تتناول الشؤون العبادية والأُخروية وأخرى سياسيّة تتناول شؤون العباد والبلاد والسُبل الكفيلة للحفاظ على الواقع الإجتماعي والسعي نحو تطويره ، والخطابة من في هذين الخطبتين من الأهمية بمكان أن لها أثرها المباشر على عقول وقلوب الجماهير ، فإذا كان الخطيب مُثقفاً ومُتديناً وبارعاً في اللّغة وطليقاً في اللّسان تدعمهُ مادة علمية وثقافية رصينة ، فهو أفضل وسيلة تبليغية بين وسائل الإعلام المتعددة . و هي وسيلة كبقية الوسائل ، إذا أُسيء إستخدامها ستقع ضمن الوسائل المحرمة ، فقد تؤدي إلى تخدير الجماهير ، أو تبث روح الشك في نفوس الجماهير في أمور ثابتة ، أو تثبّت حالة فكرية مهزوزة ، وهي في كُل الأحوال وعاء يُمكن ملأهُ بالخير والشر وتقديمه للمُجتمع والفرق بينه وبين الأوعية التبليغية الأخرى أنه مُباشر يعيشه الفرد وجهاً لوجـه ، إناء بين شفتي المتلقي ومادة تمسّ عقلهُ وقلبهُ دون حاجز . وبالتالي فإن التأثير الإعلامي لخطبتي صلاة الجمعة تأتي قوة تأثيره من كونه منتظم إسبوعياً وكذلك لتضمنه مواضيع ذات علاقة بالهم الداخلي والخارجي للأمة بحيث يُمكن لخطيب الجمعة أن يوصل حزمة من المفاهيم والوصايا والتبليغات والتحذيرات التي تنفع المصلين ، كما أن لهذه الخطب دور عظيم في شحذ الهمم وتوحيد توجهاتها بما يُساعد على عدم تشتت الأهواء والأفكار بين العوام خاصة إذا كانت هُناك نوع من المركزيّة في إدارة وتنسيق مكاتب أئمة الجمعة والجماعة . وهي تعمل وإلى عصرنا الحاضر ــ خُطبتي صلاة الجمعة ــ ما تعجز عنه عشرات القنوات الفضائية التي لا تستطيع نقل أكثر من تسجيل للكلام دون المشاعر الروحانية والأخلاقيات التي تتضمنها صلاة الجمعة . والحمد لله رب العالمين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك