المقالات

 الطفل العراق يبين تهميش وغياب الرؤية الإستراتيجية 


محمد كاظم خضير 


الوقت الذي يتزايد فيه الاهتمام العالمي بمرحلة الطفولة عموما ، والطفولة المبكرة خصوصا باعتبارها مرحلة النمو الشامل ، نجد واقع الطفولة في بلادنا يعيش حالة من التهميش، وغياب الرؤية والإستراتيجية الرسمية الواضحة التي تسعى إلي تحقيق الطموحات وتتجاوز التحديات وفق آلية للمتابعة والتقييم ، مما يهدد بمستقبل مظلم يؤثر علي طبيعة وتكوين المصادر البشرية التي تعتبر محورا أساسيا في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، فقد أجمع علماء التربية وعلم النفس علي أن السنوات الخمسة الأولي من العمر هي المحدد لشخصية الإنسان واستعداده للتعلم ،ويرجعون كل المشاكل النفسية والاجتماعية والتعليمية التي تعتريه في مراحل مختلفة من حياته إلي أخطاء تربوية ، أو ظروف سيئة عاشها، أو ممارسات تعرض لها خلال مرحلة الطفولة المبكرة (0 إلي 6 سنوات ) .
إن انتشار الجهل والأمية وعدم الوعي بأهمية مرحلة الطفولة ، جعل الممارسات التي يتعرض لها غالبية الأطفال في المجتمع العراقي لا تستند إلي أي أساس تربوي ، وإنما تخضع لمزاجية الأبوين وأفراد الأسرة ، فالأطفال يحرمون من حياتهم الطبيعية كاللعب واكتشاف البيئة والمحيط من خلال الحركية والنشاط ، وتكسير الروتين ، كما يتعرضون للإيذاء والعنف البدني واللفظي والمعنوي بشكل مستمر ، لأن ثقافة المجتمع لا تمنح الطفل خصوصيته ، وتتعامل معه كراشد وتحاسبه من هذا المنطلق ، هذا إضافة إلي الزج بهم في أتون المشاكل اليومية والخلافات ، والغيبيات من خلال الأحاديث أمامهم ، إنهم يشاهدون أحبتهم وآبائهم يتشاجرون أمامهم ويتلفظون بعبارات تخدش أحاسيسهم ومشاعرهم، إننا لا ندرك ونحن نتصرف أمامهم بهذا الشكل أننا نجعلهم يرسمون بدموعهم التي يذرفونها صورة سيئة لا تنمحي من ذاكرتهم رغم مرور الزمن.
أما الطلاق وما يخلفه من فراغ روحي وعاطفي وما يسببه من آثار نفسية وتربوية للأطفال فهو جناية يشرعها المجتمع ، بل ويحميها حين يحولها إلي حدث عابر وقرار عفوي كقرار الزواج أصلا، ولا يخفي علينا جميعا أن الأسرة تساهم أحيانا في نقل المسلكيات السيئة والخاطئة، وتعمل على ترسيخ ثقافات غربية غريبة علي طبيعة مجتمعنا الإسلامي العربي المحافظ، فحين يجلس الآباء أمام التلفزيون مع أطفالهم الصغار يشاهدون مشاهد العنف والعقوق والإباحية الوافدة عبر الأثير ، فإنهم يشرعون ويساهمون- ربما من حيث لا يدرون- في أن تنمو هذه الأخلاقيات كسلوك يقلده أبنائهم ، ويتحول مع مرور الوقت إلي سلوك اعتيادي في حياتهم . إن هذا الواقع الاجتماعي والتربوي يجعل الأطفال بحاجة إلي فضاء الروضة ، وإلي المربية القادرة علي مواكبتهم في مرحلة حساسة من حياتهم ،
إلا أن واقع رياض الأطفال كمؤسسات لتنمية الطفولة المبكرة من خلال الإعداد لمرحلة التعليم المدرسي ، وكشريك أساسي للأسرة في عملية توجيه سلوك الطفل ، ومواكبة نموه العقلي والجسمي والإدراكي ، تعيش وضعية مزرية فنيا وتربويا ، نظرا لاعتبارات موضوعية وذاتية ، فالمجتمع لما يرتبط بعد بمفهوم الروضة كمؤسسة تربوية مهمة تؤسس للمراحل اللاحقة من التعليم ،مما ساهم في نقص انتشار رياض الأطفال ، هذا إضافة إلي غياب المعايير الفنية والتربوية للموجود من رياض الأطفال بسبب ضعف الاستثمارات ، ومحدودية التدخل الرسمي ، سواء علي مستوي التجهيزات والوسائط التربوية والمناهج التعليمية ، أو علي مستوي الرقابة والتقييم المتابعة من طرف الجهات الوصية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك