المقالات

الحكومة العراقية بين المستحيل أوالالتزام بالممكن

1488 23:57:00 2007-07-15

( بقلم : طالب الوحيلي )

يقال في قواعد القانون ان لا التزام بمستحيل ،اي ان اهم شروط محل الالتزام ان يكون ممكن التنفيذ ،والتزامات الحكومة الوطنية في هذه المرحلة القاسية والصعبة لما يكتنفها من اشتراطات وارهاصات تكاد تكون دائرة بين المستحيل والممكن . فالمستحيل ما تتحكم به قوات الاحتلال بعيدا عن راي الحكومة او موافقتها ،ولعل لذلك قوائم طويلة من تجاوز تلك القوات لمبادئ السيادة الوطنية التي منحت للعراق بموجب قرارات مجلس الامن الدولي حصرا ،وبذلك منح العراق شرعية دولية لا يمكن لطرف دولي اهمالها ،لاسيما الولايات المتحدة الامريكية راعية مشروع تحرير العراق من النظام الصدامي الديكتاتوري ،لكنها في واقع الامر قد تفوقت على ذلك النظام القمعي كثيرا في دكتاتوريتها التي فرضتها على الشعب العراقي على الرغم من رعايتها للديمقراطية كما تدعي ذلك ،ملوحة بتطبيقها لمشروع مثالي لتلك الديمقراطية! ، وقد عرف المواطن العراقي دون حاجة لحدس او جهد مدى اعاقة قوات الاحتلال للحكومة العراقية في تنفيذ برنامجها المعلن لخدمة الشعب العراقي وبناء دولته الاتحادية المستقلة ، وقد يعذر الحكومة عن عدم استطاعتها اداءه او فرضه على ارض الواقع ،ومن تلك القوائم، عدم توفر الارادة الكاملة لقوات الامن العراقية في ادارة الملف الامني بصورة شاملة ،وعدم وجود صلاحية للحكومة في بناء الجيش وقوات الشرطة على وفق ما يقتضيه الواقع العراقي ومستوى الحاجة الماسة لوجود جيش مكتمل العدة والعدد،قادر على فرض احترام الدولة على الجميع وفي اي مكان من العراق ،وما ينبغي عليها من التعاقد مع اسواق السلاح العالمية المختلفة لاستيراد الاسلحة المناسبة ،فيما نجد تلكؤا ملحوظا بهذا الصدد من قبل الادارة الامريكية التي الزمت نفسها هي الاخرى وامام مجلس الامن الدولي والعالم باسره بوظيفة اساسية الا وهي تكوين وتطوير الجيش وقوات الامن العراقية لتكون قادرة على حماية البلاد من قوى الارهاب وفرض القانون ،وذلك جزء من تلك الاستراتيجية المعلنة بعد صدور تقرير بيكر هاملتن تحديدا،وقد اوردت التقارير الصحفية خبر تزويد الجيش العراقي ب 5000 بندقية امريكية الصنع من اصل صفقة بحدود المليار دولار وهذا العدد من البنادق لايكاد يكفي حاجة لواء من الوية الجيش العراقي ،فيما ينبغي توفير اسلحة ساندة ومعدات هندسية وغير ذلك من متطلبات التعبئة العسكرية .ناهيك عن ان صلاحيات القوات المتعددة الجنسيات مازالت بلا حدود بالرغم من الطلبات المتكررة من قبل القوى السياسية والحكومية في تحديد صلاحياتها ،حيث ان انشطتها على الصعيد الميداني مازالت غير منضبطة خصوصا في بعض مناطق بغداد المستقرة مثل مدينة الصدروالشعلة وحي العامل والحرية والشعب التي تكاد تكون مسرحا يوميا لانشطة القوات الامريكية بكافة قطعاتها واسلحتها وبغياب تام للقوات العراقية ،حيث صارت تلك المناطق بكافة اهلها هدفا عشوائيا لها .وثمة ملاحظات مثيرة لاهتمام الشارع العراقي في ادارة الحكومة منها قضائية والاخرى اقتصادية وخدمية قد ينصف الحكومة في كونها مقيدة باجندة او برنامج الاحتلال كفرض المحاصصة عليها في العمل الاداري لبعض الوزارات او تقييد تنفيذ القانون على بعض الضالعين بجرائم ماسة بامن الدولة وسيادة الدستور وجرائم ارهابية تحت يافطة المصالحة الوطنية ومع اطراف داخلة اصلا بالعملية السياسية اي انها متصالحة او متصادقة فعلا على جميع فقرات العملية السياسية حتى المختلف عليها ،ولعل مسألة الوقود والكهرباء هي امور خارجة عن ارادة الحكومة ولا قدرة لها على معالجتها على الامد القريب !!فضلا عن تاخر الاعلان عن التعديل الوزاري الذي بات محل ترقب واهتمام الجميع لما يعني ذلك من مصداقية لاستقلال القرار السياسي بعيدا عن املاءات الاخرين ..

لكن الحكومة العراقية مع ذلك امامها الكثير من من الالتزامات غير المستحيلة التطبيق ،اي الممكنة الاداء، وهي تمس حياة المواطن العراقي وتعد الوجه الاخر للسيادة الوطنية ،منها سيادة القانون التي لايمكن ان تبدأ الا من خلال السلطة التنفيذية ،لترابط الحلقات بين سلطات الضبط القضائي من جهة وبين المؤسسة القضائية التي لا يمكنها ان تعمل بمفردها حسب تقاليد قانون اصول المحاكمات الجزائية ،حيث تعج الحياة العراقية بالظواهر الجرمية المختلفة التي تفاقمت واستفحلت بسبب تخلف السلطة القضائية عن اللحاق بجموح ارباب الجريمة على اختلاف الوانها والتي تعد معظمها ركائز الارهاب الذي يعاني منه العراق ،فلو قدمت العناصر الضالعة بارتكاب الجرائم والملقى عليها القبض من قبل قوات الامن العراقية الى القضاء العراقي بعد استنفاره كما تستنفر تلك القوات ،وطبقت قواعد القانون العراقي بحذافيرها على كل متهم ،لنال كل جزاءه العادل بين الافراج او الادانة وما يرافق ذلك من تطبيق للحق العام الذي لايجوز الاتفاق على مخالفته ،والحكم للمدعين بالحق الشخصي بما يقر اعينهم من حق في التعويض، ولا اظن ان قوات الاحتلال سوف تتدخل في ذلك الا بحدود معينة ،مستبعدين طبعا اجراءاتها الخاصة بها في اعتقال من تشاء واطلاق سراحه دون الرجوع اصلا للقضاء العراقي !!

وامام الحكومة تطهير مؤسساتها ووزاراتها من هيمنة الارهاب الاداري والفساد المستشري والرشوة والمحسوبية والتصرف بالمال العام دون اي وجه حق واضعاف الثقة العامة بالدولة واسستغلال الوظيفة العامة للاغراض الشخصية ،والترهل الاداري وسيادة العلاقات الغريبة في التعامل مع المراجع في الدوائر الرسمية ،واضاعة الحقوق ،وحرمان المواطن من حقه في الوظيفة العامة وفي وضع الانسان المناسب في المكان المناسب ،و معالجة الفقر المستشري ،ومكافحة البطالة ،ومنح الحقوق التقاعدية لمستحقيها ،وتطوير التربية والتعليم وغير ذلك من المهام التي ينبغي على الوزارات ادائها ..

خدمات بسيطة لايصعب على الدولة اداؤها ،اصبحت بحكم المستحيلة لدى المواطن العراقي هذه الايام ،كوضع البدائل لمشكلة الكهرباء مادامت تخضع لرغبات قوات الاحتلال كما يفهم ذلك اي مواطن مهما كان بسيطا ،اذ يستحيل تصور وجود نقص في الطاقة الكهربائية في العراق الا اذا اتخذ ذلك كجزء من اذلال الشعب العراقي ،ووضعه في دوامة مظلمة ،ويحق لنا ان نقيس الاموال التي استنزفت منذ سقوط الطاغية ولحد الان على الكهرباء لنجد انفسنا في نفق مظلم يؤدي الى فضاء بلا ضوء !!

يقال اذا دخل الكفر بلدة يقول له الفقر خذني معك ،ويمكن ان يكون العكس ،ولعل ابو ذر الغفاري رحمه الله اصدق اذ يقول عجبت لمن بات خميصا (او جائعا ) ان لايخرج من داره مصلتا سيفه ،وتلك الحقيقة لم تلتفت اليها حكومتنا الوطنية وبرلماننا ومجلس رئاستنا كما يبدو لان الجميع منشغل بالارهاب وبما تثيره بعض الكتل السياسية من زوابع لا خاسر فيها سوى الشعب العراقي الذي مازال يتذكر ملحمة الانتخابات وما افرزته صناديق الاقتراع التي حلم بانها ستورثه العراق وخيراته وسعادة لاحدود لها وحكومة تعدم المستحيل من اجله ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك