المقالات

الإقتصاد العراقي ...إستراتيجية التشغيل

870 11:00:00 2011-03-18

علي بابان وزير التخطيط السابق و عضو ائتلاف دولة القانون

الإقتصاد العراقي ...إستراتيجية التشغيل لكل إقتصاد في العالم و في أي بلد من البلدان ( بغض النظر عن درجة التطور الذي وصل له أو عن المذهب الإقتصادي الذي يتبناه)...أولوية يحرص عليها و هدف يضعه في المقدمة ولا يقدم عليه هدفا آخر ، ففي الدول الغنية و المتقدمة مثلا نسمع أن الهدف قد يكون كبح جماح التضخم أو الخروج من الإنكماش أو التفوق في المجال التقني و ما إلى ذلك من الأهداف التي تفرضها طبيعة أوضاعها أو خصوصيات المرحلة التي تعيشها ، أما في البلدان النامية نجد أن الأولويات تختلف فبعضها قد تركز على جذب الإستثمارات في حين أن دولا أخرى تضع مكافحة البطالة على رأس اهتماماتها أو نجد أن التغلب على مشكلة فقر السكان هو الذي يحظى بالأولوية و هكذا.. في بلد مثل العراق لو وجهت لي سؤالا ما هي الأولوية التي ينبغي لها أن تكون محط الإهتمام و التركيز في مثل ظروف الإقتصاد العراقي و حساباته لأجبتك بلا تردد... أنها استراتيجية التشغيل و صناعة فرص العمل ، و إذا ما طرح السؤال عن مبررات ذلك لجاء الجواب مفصلا على النحو التالي...أن إستراتيجية التخفيف من الفقر يمكن أن تتحقق من خلال إستراتيجية التشغيل في حين أن العكس ليس صحيحا ..كما أن العراق و بسبب ثراءه الطبيعي قد لا يجعل من إستجلاب الإستثمارات الأجنبية إهتمامه الأول . عندما نتحدث عن إستراتيجية تشغيل في العراق لابد من ملاحظة ثلاثة إعتبارات في غاية الأهمية ..الإعتبار الأول... أن منظومة التشغيل لا توجد إلا في ظل عملية إنتاجية نشطة و كفوءة و فاعلة لا تترك مصدرا من مصادر الثروة في البلد إلا و تحرك عجلة الإنتاج فيها.. ولا يمكن لنا أن نعتبر أن صنع الوظائف الوهمية في أجهزة الدولة و مؤسساتها ضمن منظومة التشغيل التي نعنيها. الإعتبار الثاني..أن التشغيل الذي نريده لابد أن يبنى على مفاهيم الإدارة الحديثة و المعتمدة على الحوسبة و الذي يقوم على الاستخدام الكفؤ و الأمثل للموارد البشرية. الإعتبار الثالث... علينا أن نقلص من التزامات الدولة قدر الإمكان و نحيل المزيد من المهام و المسؤوليات إلى القطاع الخاص العراقي و الأجنبي بعد أن يتم إزالة العوائق التي تواجه هذا القطاع في الوقت الحاضر و بعد أن توفر المستلزمات الضرورية لنشوءه و تطوره. أن نظرة واحدة إلى تجربة الدول المتقدمة في التشغيل و التغلب على البطالة قادرة على أن ترفدنا بالمزيد من الدروس الثمينة فهذه الدول لا تسعى إلى حل مشكلة البطالة من خلال حلول مبتسرة أو غير واقعية تلحق الضرر بإقتصادها فلا فرصة لأي إنسان أن يلتحق بعمل إذا لم توجد المبررات الفنية أو العملية لهذا العمل ولا ضغوط على أية مؤسسة عامة أو خاصة لكي تخلق فرص عمل لا تحتاجها أو تشغيل أفراد لا توجد مبررات واقعية لعملهم داخل المؤسسات ، إذ أن الإقتصاد المتعافي و الكفؤ هو الذي يصنع فرص العمل الحقيقية لا الوهمية ، و عندما تلحق إنسانا لا حاجة حقيقية له بمؤسسة فأنك تلحق الضرر بهذه المؤسسة و لنظام العمل فيها..و لنتأمل هل أن إقتصادا كالإقتصاد الياباني أو الألماني أو الأمريكي عاجز عن استيعاب الخمسة أو الستة بالمائة من العاطلين في مؤسساتها الإقتصادية العملاقة ...الجواب على ذلك هو كلا بالطبع..و هذه الدول قادرة بمؤسساتها الإنتاجية على إستيعاب العاطلين خلال ساعات و لكنها تحجم عن فعل ذلك للسبب الذي أشرت إليه و لأنها تريد أن تقيس أدائها الإقتصادي من خلال قياس فرص العمل التي يولدها إقتصادها...فالمزيد من هذه الفرص يعني إقتصادا متوسعا يعمل بكفاءة و القليل منها و المزيد من البطالة يعني اقتصادا لا يعمل بكفاءة و تلك الدول المتقدمة حريصة جدا أن ترى الصورة الحقيقة لاقتصادها بلا رتوش أو تزيين. علينا أن نمعن النظر في هذه النماذج لاسيما و أننا نجد توجها لدى الدولة لخلق عشرات الآلاف من الوظائف في الأجهزة الحكومية و تكون نتيجة ذلك نموا مفرطا في النفقات التشغيلية للدولة على حساب النفقات الاستثمارية التي تصنع فرص العمل الحقيقية و تدير عجلة الإنتاج و دورة الحياة الاقتصادية في المجتمع. لعل من نافلة القول و من بديهيات الأمور التذكير بأن البطالة و نسبها المرتفعة هي أصل الكثير من المشاكل و المعضلات في مجتمعاتنا العربية و هي سبب للتذمر السياسي و الاجتماعي و للاحتقانات التي تنذر بهز الاستقرار في العديد من الدول و ما أحداث العالم العربي خلال الأسابيع الماضية و دروسها الهامة عنا ببعيدة ، فمصادرة عربة البوعزيزي التي استكثرها النظام التونسي على ذلك العاطل الفقير أشعلت ثورة في تونس ما لبثت أن امتدت بنيرانها إلى أكثر من قطر عربي. إن نسب البطالة في العراق تدعوا للقلق الواضح و سواء أكانت هذه النسبة 20 أو 40 بالمائة فأنها لا تناسب بلدا بأوضاع العراق و ثرائه فضلا عن أن بقاء البطالة بهذه النسبة تعني مزيدا من التأزم الاجتماعي و السياسي الذي يقود إلى سيناريوهات كارثية نحن في غنى عنها مع وجود العديد من بؤر التوتر السياسي و التفجر الاجتماعي في بلادنا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زهراء محمد
2011-03-18
واخيرا اقول اتمنى ان ينعم العراقيين بنعمة ثرواتهم الربانية والتي هي لكل الواننا في العراق وليس (للون واحد؟! )كما كان في عهد المقبور!!! عندها سوف تنمحي البطالة ويزدهر البلد ويتنافس العقول الفتية في بناء العراق الجديد ...  
زهراء محمد
2011-03-18
اقتصاد العراق دمرته الطائفية والتحزب!! هولاء المسؤلين يغرفوا وينهبوا بدون ضمير اتوا لنهب للسرقةلااكثر؟ والصفقات التي تجرى بالخفاء وبالعلن سوى داخل العراق ام خارجه ؟العقود والاستثمارات والتي هي بيد جماعة محدودة من البعثية المبطنين في الحكومة العراقية كانت بيدهم ايام المقبور ولحد هذه اللحظة بيدهم؟؟ لماذا كثرت البطالة بين الشباب؟لنكن واضحين (الطائفية والاحزاب) هي السبب الاول في العراق يعني الكثير من العراقيين لاينتموا الى الاحزاب ماذا سيكون مصيرهم ياسيد بابان وانت مسؤول سابق؟اليس الاقصاء ام ماذا؟
زهراء محمد
2011-03-18
سؤالي الى لجنة النزاهة والذي احد النواب من يترأسها حسب علمي صباح الساعدي.. الذين حكم عليهم بقضايا الفساد ماهي النتائج الاخيره لهولاء المفسدين؟؟حسب اعتقادي ان هذه اللجنة كانت للااعلام فقط ؟ لذر الرمد في العين لااكثر !!والابرب السموات بلد طايف على مخزون نفطي كبير وشعبه ميت من الجوع والفقر لطبقات حتى دول افريقيا ليست مثلهم انا رايت بأم عيني اطفال يبحثوا في القمامات عن طعام ! اين حكومتنا النائمة ياسيد بابان وانت كنت وزيرا سابقاً؟؟ هناك مدن عشوائيه في العراق يعني تحت الصفر بمئات المرات.!!
زهراء محمد
2011-03-18
ياسيد علي بابان .االقانون في العراق ضعيف جداً ؟!حيث القانون يطبق على الفقير فقط؟ اما المسؤل يقفز على القانون متى ماشاء !!وهذا الشى لايوجد ابدا في دول العالم المتقدمة لان هناك محاسبة وهناك عيون وهناك ايادي تدون الاخطاء بالخفاء ثم تظهر بالعلن كالقنبلة في الصحف والجرائد وكذلك يغرم ويرجع كل ماسرقه..اما في العراق كل (مسؤول عراقي هو حكومة )له حصانه له وترسانه وحمايات لا مثيل له في اي دولة؟! ماعدا المافيات وصدقني المافيات انا رايت قسما منهم لهم مرافقين ولكن ليس كالكم الهائل من حمايات المسؤلين في العراق
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك