احمد عبد الكريم الخطيب
اثار اتهام مكتب رئيس الوزراء اهتمامي عندما قام باتهام جهات بدفع ويكيليكس لنشر الوثائق في هذا التوقيت, أسأل هل ذهب احدا من عباقرة المستشارين الاثرياء في رئاسة مجلس الوزراء ليطلع على الموقع وتاريخه,فأول من أتهم ويكيليكس بهذا الاتهام هو البنتاغون,لان الموقع قام بفضح الحكومة الاميركية بعدة مجالات أذكر على سبيل المثال منها شفافية التعاملات التجارية التي تدعيها الحكومة الاميركية,الفساد الاداري من حيث العمولات والضرائب والاسماء الوهمية, مراقبة المواطنين عن طريق الانتيرنيت, اضرار البيئة,محاربة الصحافة الحرة....الخ, هذا قليل قمت بترجمته بسرعة لاطلاع القارئ عليه والعنوان لمن يريد التأكد على الموقع بنفسه.
الان اسأل من المقصود بجهات دفعت بنشره وبهذا التوقيت بالذات؟ إذ أن الولايات المتحدة منذ ال2008 قامت برفع دعوى قضائية وملاحقة الموقع, واليوم بعد نشر تلك الوثائق قرأنا تصريحات شتى من البنتاغون ووزارة الخارجية الاميركية والقيادة العامة للقوات المسلحة ضد النشر لانه يفضح الجرائم والانتهاكات البشعة لهذه القوات بحق أبناء الشعب العراقي المستضعف, وبنفس الوقت يعرض حياة قواتهم للخطر, فمن الذي فعل هذا؟ لو كنا خلال السبعينات لأتهمنا الاتحاد السوفيتي لانه قوة عظمى لديها هذه الامكانيات من جهة, ولانه يخوض حرب باردة مع الامبريالية العالمية المتمثلة بالولايات المتحدة انذاك من جهة أخرى, أما اليوم فلايوجد أي شئ من ذلك ,هل معناه بأن هناك مؤامرة عالمية ضد شخص (رئيس الوزراء) وتشارك بها (جهات) من داخل العراق للطعن بشرعية الحكومة وفضحها لغرض تسقيط الحكومة لأن مأزق الكرسي لم يحل بعد!؟.
هناك مشكلتان في هذا الطرح , الاولى أن كل شئ يحدث ضد الحكومة فأن المقصود به شخص المالكي ولغرض تشكيل الحكومة ومن له الحق بهذا الكرسي دون سواه بغض النظر عن بشاعة هذه الجرائم والانتهاكات الاميركية, وأن أي تقدم بأي مجال ما يحدث في العراق (ولو ان هذا غير موجود) ولو باقصى شماله وجنوبه, فهو بفضل المالكي وليس الحكومة!, ألا تكفينا الثلاثون سنة الاخيرة من تاريخنا أن نتعلم ونبدأ بداية صحيحة لنكفل لابناءنا شئ من الكرامة الانسانية مستقبلا,هل كل شئ يبقى يدور حول شخص واحد جالس على هذا الكرسي المقيت في العراق, بحجة أن البلد يجب أن يحكم بشخص قوي, فيصادر كل الصلاحيات من الاخرين,ويأخذ الناس على بساطتهم, إذا كنت لاتريد مشاركتنا الكرسي فدعني اشاركك شئ من الهموم وليبقى هذا الكلام بيننا, أبناء مدينة الصدر والبياع والبصرة والعمارة والناصرية والديوانية وبابل والنجف وكربلاء يضعون الحجارة والتنك ليمشوا عليها لان المجاري الطافحة هي التي اصبحت معجزة النهر الثالث وأن الخيسة أصبحت جزء من حياتنا,والكهرباء صارت خرافة نخيف بها الاطفال مثل حكايات الطنطل,والماء كان متوفر لأجدادنا في سومر وبابل قبل سبعة الاف سنة أفضل مما عليه الحال اليوم ,
ولكننا نشكرك على الوعد بأنك ستخرج من السجون بصفقة سياسية تلك المليشيات التي قضيت عليها انذاك, حيث بعدها تحسن الوضع الامني وصارت سببا لنجاح دولة الرئيس في الانتخابات, فكل هذه ليست وكيليكس ياسيدي بل هي معاناتنا المعيشية وحياتنا اليومية, والتي اندمجت مع القهر والظلم الذين أصابهما الملل من معايشتهما لنا ولانزال صابرين لانه سلاحنا الوحيد فهل ستعتبره سلاح حقيقي وتعتبرنا مليشيات.
أما المشكلة الثانية, فهي عقلية المؤامرة, فكل انتقاد يعتبر هجوم وكل هجوم يجب أن يرد بعنف,ولو باطلاق الاكاذيب وتلفيقات لعمل قضية تستخدم لضرب شخص أو جهة منافسة أو منتقدة مثلما حصل مع شركاء الامس من المجلس الاعلى خلال انتخابات المحافظات, أو اتهامات وتسقيط مثلما حدث مع القائمة العراقية قبل وبعد الانتخابات الاخيرة, واذا حدث ان تصرفت السلطة الرابعة بحرية وأمانة فيجب التنكيل بها ورفع قضية ضدها, فقط كونها فضحت مشروع ما, مع بيان أوجه الفساد فيه مثلما حدث مؤخرا لصحيفة العالم, فهناك طرق اخرى لمعالجة مثل هذه الامور تتم بطريقة اكثر انفتاحا ومدنية, لكي نضرب المثل الصحيح ونبين بأننا مع حرية التعبير عن الرأي ولكننا ضد القذف, وأن الجميع يبحث عن الحقيقة لخدمة الوطن والشعب,
ولكن للاسف طريقة التعامل هي الهجوم والهجوم المضاد,أي ما معناه أن كل طرف موجود في خندق يدافع عن خندقه, هذه هي عقلية حكومة اليوم والتي تريد أن تكون حكومة الغد!فكيف تستطيع دولة القانون تأليف حكومة شراكة وطنية بهذه العقلية وبنفس الشخصيات, ولماذا لاتوجد هذه الشراكة اليوم فالذي يدير العراق ولديه كل القرارات هو شخص واحد فقط, فهو من يقرر أن الصح صحيح وأن الخطأ خطأ, يجب على الاخوة في دولة القانون أن تكون لهم وقفة مسؤولة امام الله وأمام الشعب والتاريخ والتفكير بأن يتنازلوا عن المصالح الحزبية الضيقة والخوف من المؤامرات ويشاركوا الكتل الاخرى, وبداية بالطاولة المستديرة لتكون نواة لبذرة طيبة, ثم بالقرارات اليومية لانها ليست حكرا لاحد بل لجميع مكونات الشعب المتمثلة بأعضاء البرلمان وأن هذه أمانة وليست ملكا عضوضا,وانها أمانة مؤقته لاربع سنوات ومشروطة بالنجاح وخاضعة للرقابة من قبل السلطة التشريعية وان السلطة التشريعية لخدمة الشعب, وأن الشعب يقول كفى, فقد أنتخبنا قبل ثمانية أشهر ولدينا في ذاكرتنا تجربتنا مع هذه الحكومة وأن الوقائع في قلوبنا وعقولنا وليست من ويكيليكس.
https://telegram.me/buratha