المقالات

كم من الباكين على الحسين عليه السلام هم على نهج يزيد؟


الحكام الظلمة على مدى التأريخ لا يجدون بداً من اذلال شعوبهم والاستخفاف بهم ليطيعوهم وهي سنن بشرية تكررت وتتكرر على طول التأريخ لذلك قال تعالى بحق فرعون {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ} ، وهكذا كانت سنن الحكام الظلمة من بني امية في اذلال المسلمين لتحقيق طاعتهم ، اما النهج الإلهي فهو الارتقاء بالامة ليكونوا شركاء في إدارة شؤون الامة لذلك امر الله رسوله الكريم عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام ان يشاور الامة في القرارات المصيرية في قوله تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ }، وهكذا كان نهج اهل بيت النبوة في الاستمرار على سيرة الرسول (ص) حتى ان معاوية صدم من اهل العراق واليمن الذين رباهم علي عليه السلام فكان من حوار بينه وبين سودة بنت عمارة الهمدانية جاءته مشتكية من بسر ابن ارطأة قائلة: ( إنك أصبحت للناس سيدا، والله سائلك من أمرنا وما افترض عليك من حقنا، هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك، فقتل رجالي، وأخذ مالي) وبعد حوار طويل افحمت فيه معاوية كتب لها ردوا لها مالها، فسألته: (الي خاص ام لقومي عام)، فقال: (ما انت وقومك؟) ، قالت: (هي والله إذن الفحشاء واللؤم، إن لم يكن عدلا شاملا وإلا فأنا كسائر قومي) قال: (اكتبوا لها ولقومها) ثم قال: (لقد لمظكم ابن أبي طالب الجرأة على السلطان فبطيئا ما تفطمون)

 

لقد تمادى يزيد في اذلال المسلمين لذلك كانت احدى الأهداف الكبرى لنهضة الحسين عليه السلام هي إخراجهم من الذل وإعادة العزة الى نفوس المسلمين واعلنها صراحة في قوله: (ألا وإنّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين؛ بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون)

 

أمام هذين النهجين، نهج الحسين عليه السلام نهج الإباء والعزة والكرامة والرفعة ونهج يزيد نهج الذل والخساسة والوضاعة لنفتش عن نهجنا في الحياة هل هو نهج الحسين عليه السلام ام نهج يزيد؟ الكثير من الناس يتصورون جهلاً في ان بكاءهم على الحسين عليه السلام وزيارتهم له ومسيرهم اليه انهم على نهجه ومنهجه وانا أقول لهم ليس هذا هو الميزان؛ بل الميزان هو ان ننظر الى افعالنا واقوالنا لنعرف على أي النهجين نحن؟

 

الموظف الذي يرتشي لتمرير معاملات المواطنين فتلك الأموال لا تزيده امام الله وامام الحسين إلا ذلاً وليعلم بانه عدو للحسين عليه السلام وإن بكى على الحسين

 

الوزير والموظف الذي يأخذ العمولات ويحقق الفائدة من خلال منصبه على حساب مصلحة المواطنين فتلك الأموال لا تزيده امام الله وامام الحسين إلا ذلاً وليعلم بانه عدو للحسين عليه السلام وإن لطم صدره على الحسين

 

والسياسي والتاجر والمقاول الذي يمتلك الملايين من الدولارات والقصور الفخمة وقد استحوذ عليها بمختلف الطرق من ميزانية الدولة ومن العقود الفاسدة فاموال السحت هذه لا تزيده امام الله وامام الحسين إلا ذلاً وليعلم بانه عدو للحسين عليه السلام وإن اقام المجالس الحسينية الكبرى

 

إذا جاء الحسين عليه السلام في عصرنا هذا لوقفت تلك النماذج الفاسدة الى جانب معسكر يزيد؛ فهل يعقل ان الانسان العراقي اليوم يفتش عن لقمة عيشه بين الازبال والنفايات ؟ وهل يعقل ان المئات يعيشون مترفين قبال الملايين الذين يعانون شظف العيش بسبب فساد هؤلاء، ولعل بكاء الفاسدين على الحسين اليوم كبكاء اهل الكوفة حين استقبلوا موكب السبايا بعد استشهاد الحسين (ع) فخاطبتهم زينب عليها السلام وكأن خطابها الى الفاسدين المعاصرين في العراق، (أتبكون وتنتحبون! إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ......... فلقد خاب السعي، وتبّت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضبٍ من الله)

 

جعلنا الله والطيبين من أبناء وطننا المعادين للفساد من السائرين على نهج الحسين عليه السلام والمعادين لأعدائه من الفاسدين على مدى التأريخ

 

محمد توفيق علاوي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك