المقالات

الاستراتيجية  الفرنسية الجديدة وقمة بغداد 

1372 2021-09-01

  هيثم الخزعلي ||   الاستراتيجية الغربية وتحديدا الأمريكية السابقة كانت أمنية سياسية، وبدعوى محاربة الإرهاب احتلت الولايات المتحدة العديد من الدول.  وكانت الدول الغربية تساير الولايات المتحدة في استراتيجيتها وهي تحلم بأن يكون القرن الواحد والعشرين قرنا أمريكيا.  وبعد انفاق اكثر من ٧ ترليون دولار وخسائر بشرية فادحة اثبتت هذه الاستراتيجية فشلها، بسبب ما يعرف ب (non state acters) الفاعلون غير الدولة.  فمثلا المقاومة التي أخرجت الولايات المتحدة من العراق عام ٢٠١١، وفشل مشاريع أميركا  في لبنان بسبب حزب الله، والان انسحابها المذل من افغانستان، كلها شواهد على فشل هذه الاستراتيجية.  فلجأ الغرب الي تبني الاستراتيجية الفرنسية الجديدة، التي تعتقد أن التمدد والتأثير لا ينبغي أن يكون عسكريا، وإنما ثقافيا واقتصاديا وسياسيا.  فمثلا   قوة الجمهورية الإسلامية في إيران من وجهة نظر فرنسية، تقوم علىى أسس ثقافية وعقائديا وليست عسكرية فقط. فثلاثة من القوميات الأفغانية (البشتون والطاجيك والاوزبك ) يتحدثون اللغة الفارسية.  وقوة إيران عقائديا بأن هناك مسار جيوسياسي يمتد من وزير استان في باكستان ثم شمال غرب افغانستان فطهران وبغداد وسوريا ولبنان. وحيث ان إمكانيات فرنسا العسكرية لا تسعف طموحاتها السياسية، فميزانية فرنسا العسكرية ١،٤مليار تنفق اكثر من نصفها على وجودها في الساحل الافريقي، وطلبها الذخيرة من الولايات المتحدة في أفغانستان أبرز ضعف إمكانياتها اللوجستية، كل ذلك جعلها تطرح استراتيجية جديدة.  استراتيجية (الجيو ايكونمك مع الثقافة والسياسة  )  كبديل للاستراتيجية (الأمنية والعسكرية ) ويحاول ماكرون  تطبيقها في العراق.  وهذا سبب تواجد فرنسا في قمة بغداد، فرنسا بعد أن حصلت على استثمارات ب ٤ مشاريع في إنتاج النفط والغاز والطاقة النظيفة في العراق.  حصلت  على استثمارات في حقل ارطاوي النفطي جنوب العراق، وهذا يمثل البعد الاقتصادي للاستراتيجية الجديدة.  ثم قام الرئيس ماكرون بزيارة الموصل( محط اطماع تركيا منافسه التقليدي في ليبيا والساحل ).  واعلن عن فتح قنصلية لفرنسا في الموصل، وقد قامت فرنسا بوقت سابق بالتبرع لاعمار مكتبة الموصل وبعض المؤسسات الصحية فيها.  كما قام الرئيس ماكرون بزيارة مرقد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، وهنا يتجلى البعد الثقافي في استراتيجيته الجديدة.  ولا ينسى ماكرون البعد العسكري حيث صرح ان قواته ستبقى في العراق لمكافحة الإرهاب، مادام العراقيون يريدون ذلك...  وعطفا على الورقة التي طرحتها غرفة التجارة الأمريكية كمحاور للنقاش في مفاوضاتها مع العراق، والتي ركزت على احتكار الغاز وتخصيص القطاع المالي وجعله بيد المستثمر الأمريكي.  وتخصيص القطاع الصحي وجعله بيد المستثمر الأمريكي والاوربي، وإقامة مناطق حرة في كركوك والبصرة حيث تتركز معظم الثروات العراقية.  يتضح لنا أن الاستراتيجية الفرنسية قيد التنفيذ، وتواجد ماكرون في قمة بغداد لتفعيل استراتيجيه.  فالتشبيك الاقتصادي للعراق بالدول المطبعة العربية  ونهب خيراته، سيصحبه تشبيك اقتصادي ثقافي وامني فرنسي.  الي جانب الوجود الأمريكي وهذا ما يفسر رعاية الولايات المتحدة للمؤتمر...  اما وجود الجمهورية الإسلامية فسببه محاولة فرنسا تفعيل البعد السياسي، ومعالجة مشاكل إيران مع الغرب وحلفائه في المنطقة كبعد سياسي لاستراتيجيتها، وممانعتها لحضور سوريا لإظهار المعسكر الغربي وحلفائه كله مقابل إيران.  الا ان حضور عبد اللهيان وسلوكه الدبلوماسي الحصيف اثبت ان الجمهورية الإسلامية اكبر من المعسكر الغربي وحلفائه.. ومن كان مع الله كان الله معه... 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابن النجف الاشرف : نداء استغاثة الى السيد رئيس الوزراء محمد السوداني نرجو زيارة مدينة النجف الاشرف والاطلاع على المعتقلين مؤخرا ...
الموضوع :
السوداني يترأس اجتماعاً خاصاً بتطوير مطار بغداد الدولي
ابو رغيف : لم أجد في أي مكان ان السيد محمد شياع السوداني يحمل أي جنسية أخرى سوى ألعراقية لهذا ...
الموضوع :
السوداني والعامري يبحثان مسارات عمل الأجهزة التنفيذية وفق البرنامج الحكومي
حسن مجتبى بزّي : السلام عليكم ورحمة الله.. تحية لجناب الدكتور العزيز.. أرجو من جنابكم تأكيد المعلومة التي ذكرتموها حول وكالة ...
الموضوع :
وطنية السيد موسى الصدر
باسم السلمي : نعم ... رحم الله الشهيد السعيد المهندس الذي ضرب أروع الأمثال في البطولة والتضحية والفداء فكان ليثا ...
الموضوع :
تيار الشهيد أبو مهدي المهندس..!
ابو حسنين : وضع العرب مزري من حيث وجدوا في الارض في الجاهليه كانوا قبائل متناحره ومتشرذمه وحضارتهم السلب والنهب ...
الموضوع :
لماذا أوضاع العرب مزرية؟!
ر. ح. ن : مع شديد الاسف من يمثل المكون الشيعي من قادة وسياسيين لم يرتقوا الى مستوى يؤهلهم ليكونوا خداما ...
الموضوع :
الاطار اطارنا 
NADHIM ALAMARA : هناك خطا في تاريخ الهدم الاول ...
الموضوع :
قصة هدم قبور أئمة البقيع..
الحاج سلمان : رحم الله الفقيد و رحم آباءه وأجدادة , اللهم إرحم أمواتنا و أموات المسلمين لاسيما من لا ...
الموضوع :
وفاة سماحة السيد صادق الحكيم نجل اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم
ابو حسنين : المعلوم والمعروف عند التكارتره بان عشيرة صدام عندما جائوا الى تكريرت طردوهم منها وهي البيجات فخيموا وسكنوا ...
الموضوع :
نعم.. صدّام المقبور ليس عراقياً..!
محمد السعبري : تنقسم الحرمة الى قسمين.. حرمة ذاتية وهي التي تكون غير خاضعة للمتغيرات والظروف المحيطة كمسألة الحين والقبح ...
الموضوع :
كيف تكاثر اولاد آدم علية السلام ..وكيف تزوجوا ومن هُنَ زوجاتهم ؟؟ الجزء 1
فيسبوك