المقالات

تحجر (العقل العربي) في مواجهة التحديات


 

محمود الهاشمي ||

 

وانت تتبصر بالحركة الثقافية والفكرية ودور النشر والعناوين والاسماء الكبيرة في الادب والشعر والفنون الاخرى في لبنان ،لاتملك سوى ان تصاب بالاعجاب بهذا البلد الذي يملك كل هذا الثراء سواء من ابنائه الذين واصلوا الحياة على ارضهم او اولئك الذين اثروا الهجرة لسبب او لاخر .

مافي لبنان مثله بالعراق ومصر وسوريا والجزائر وبقية الدول العربية ،حيث المكاتب تزدحم بمؤلفات قديمة وحديثة لكبار الكتاب العرب ولمختلف المعارف .

هذه (البلدان ) التي تمتد من المحيط الى الخليج ،لم تستطع ان تواكب الحضارة العالمية ،بل انكفأت على فشلها من عام لعام

فيما تزداد معانات شعوبهم وبدلا من السكن في مدن عامرة تضاهي الدول المتقدمة يسكن ابناؤها في مناطق مزدحمة ويعيش الاغلب في فاقة وهوان ،بل الكثير منهم يسكنون العشوائيات والمقابر مع عظام الموتى .

المؤلفات التي تتحدث عن فشل التجربة العربية في مواجهة التحديات كثيرة ،ومعظمها ينصب على (التدخلات الخارجية ) وصناعة الحكام العملاء وتسليطهم على رؤوس الناس ،وغريب ماقرأت ان الثروات العربية وراء فساد ابنائها!!

ان الارث الثقافي من اداب وفنون وخطب عن (انتكاسات العرب ) كثير وبات جزء من عزاء الامة وهم يرددون هزائمهم وخذلانهم وخسائرهم ،لذا فان مراجعته (مخزية ) .

لا اريد ان اذهب بعيدا بالتاريخ كي نؤكد ان العرب بناة حضارة وتاريخ وتميز في ذلك ،لكن اقول ان العرب الذين هاجروا او هجّروا من  بلدانهم ،كانوا متميزين على القوميات الاخرى

وشكلوا رقما مهما في المعادلة العلمية والفكرية والاقتصادية والثقافية في المهجر  ،وليس مصادفة بقدر ماهي حقائق تفوق التصور احيانا ،فمثلا (لابد ان نصدق ان صانع تجربة النظام الاقتصادي الصيني الحديث عراقي)!

ترى هل ان الارض العربية موبوأة لدرجة تعطل عقول شعوبها ؟

ان التحديات التي تواجه الشعوب العربية تواجه الدول الاخرى ،وقد شهدوا حروبا واستعمارا واوبئة ومخاطر وكوارث بيئية كبيرة ،لكنهم تفوقوا عليها وانتصروا واستطاعوا ان يبنوا تجارب متميزة !

اليابان دولة فقيرة في مواردها الطبيعية وثرواتها وهي مجرد جزر متناثرة وسط المياه لكن تجربتها فاقت دولا كبرى اكثر ثراء وموقعا

حيث استفادوا من ثروات العقول اليابانية وبات المواطن الياباني مصدر ابداع وتطور على كافة الاصعدة ،وهذا ينطبق على دول عديدة غير اليابان ،حيث ان فيتنام التي خرجت من الحرب الطويلة من عام (1953 وحتى 1975) وخسرت الالاف من ابنائها ودمرت الحرب بناها التحتية ،وهي بلد قليل الثروات لكن تجربتها الان تتقدم بسرعة مذهلة ومنافسة لدول العالم المتقدم بعد ان حطت  قدمها على طريق التقدم .

الان انظر الى الشعب اللبناني المحشو بالثقافة والفكر والتاريخ والتنوع وهو عاجز عن ايجاد حل لمشاكله منتظرا ان تأتيه الحلول من خارج البلد  (فرنسا ،اميركا ،روسيا ،الصين ،السعودية ،قطر )

ووصل به الامر انه عاجز ان يوفر لقمة العيش لشعبه ،بحيث تتصدق دولة بحجم قطر على جيشه لاطعامهم .

ترى مافائدة هذه المطابع والمؤلفات والصحف التي تصدر يوميا ملأى بالاراء والافكار ؟ لبنان عاجزة عن تشكيل حكومة ،

وفي كل حركة وسكنة (مشكلة ) و(ازمة)!؟

السؤال ؛-هل اننا سمعنا يوما ان دولة خارجية صنعت تجربة  ناجحة لدولة اخرى ؟

واذا عجزت هذه (العقول ) في صناعة حكومة على الاقل (تمشية) امور الناس فكيف لها ان تبني مصنعا او معملا او مشروعا تنمويا ؟

هذا (البؤس ) اللبناني يشبه (بؤس ) بلدي العراق ،حيث وانا اتصفح اسماء المرشحين للانتخابات المقبلة ،اشعر بالقرف والانكسار

واسأل ؛-من اين جلبتهم الكتل السياسية ، ولاي  مقياس خضعتهم ؟

لم اقرأ بينهم اسما واحدا لشخصية متداولة عنوانها النجاح ،او شخصية فكرية او ثقافية او اعلامية بل لم اجد بين الكتل السياسية من استعان بمركز دراسات او مراكز مشورة او رجال فكر ورأي ! فجأة خرجوا علينا بهذه الاسماء وليس لنا من خيار غيرهم ،لنعيد (البؤس ) لاوطاننا بايدينا !

لاشك انا اتابع بشكل يومي مايجري بالدول العربية الاخرى فلم ار من تجربة واحدة محط تقدير فهذه تونس داخلة في فوضى وليبيا الى فوضى اكبر والجزائر بالطريق ،اما قادة دول الخليج فلا يرغبون التفكير ولو للحظة للانعتاق

من واقعهم ،فهم وشعوبهم واموالهم اسرى بيد الارادات الدولية !

لاشك من السهل ان نحمل اميركا واسرائيل ودول الخليج المسؤولية ،ونحمل (امية ) سياسيينا المسؤولية الاكبر ،ولكن هذه العوائق موجودة مع وجود بلداننا مع تغير في عناوين الاستعمار والشخصيات وغيرها ،فهل يكفي ان نعدها كل يوم ؟

ان دولة مثل الهند فيها من التحديات مايفوق العقل لدرجة اننا في العراق كنا نستورد منهم (جثث الموتى ) لغرض التشريح الطبي وباثمان رخيصة ،والناس تموت هناك من الجوع ،في بلد عدد سكانه مليار ونصف المليار نسمة   وثرواته متواضعة فاستقامت الهند الان وبين يدي كتاب عنوانه (الهند والرقص مع العمالقة )!

لاشك ان كل تجربة (نهضة ) تختلف عن الاخرى ولكن الاهداف واحدة (مواجهة التحديات )و(بناء البلد )!

لا اتوقع في بلدي العراق ان  يمنح  السياسيون فرصة لاصحاب العقل الراجح للمشاركة وصناعة الراي،بل هؤلاء خصومهم ،كما لست اميل ان اصر على الاعتقاد ان (العقل العربي ) مصاب بالتحجر ،وغالبا مايساعد خصمه على لي ذراع وطنه ، وإلا مجرد ان اعلنت وزيرة خارجية اميركا السابقة كوندا ليزا رايس عن مشروع (الفوضى الخلاقة ) بالمنطقة سرعان ماطبقه العرب على انفسهم بشكل يفوق تصور (رايس) نفسه !

الان وحين انتهى زمن (الفوضى ) وتحولت الدول العربية الى اشبه بسوق مزاد ،وترك الملايين بلدانهم عادت علينا رايس بمشروع جديد قبل ايام اسمه (الطغيان ) ولاشك انه مشروع سنوافقه جميعا لانه يذهب بنا الى عهد الدكتاتوريات والتفرد وخنق الحريات ،

بعد عهد من الفوضى وما جلبت لنا من ويلات !

ترى هل نحن الى هذا الحد عجينة بيد الاستكبار  يصنعون منا ماشاؤوا ويهشموننا متى شاؤوا ؟

قد  اكون متشائما كثيرا ،لكن حين احسب التاريخ منذ قصيدة

ابراهيم اليازجي 

(تَنَبَّهُـوا وَاسْتَفِيقُـوا  أيُّهَا  العَـرَبُ       

فقد طَمَى الخَطْبُ حَتَّى غَاصَتِ الرُّكَبُ

فِيمَ  التَّعَلُّـلُ بِالآمَـال  تَخْدَعُـكُم       

وَأَنْتُـمُ بَيْنَ  رَاحَاتِ  القََنَـا  سُلـبُ

اللهُ أَكْبَـرُ مَا هَـذَا  المَنَـامُ  فَقَـدْ       

شَكَاكُمُ  المَهْدُ  وَاشْتَاقَتْـكُمُ  التربُ

كَمْ تُظْلَمُونَ  وَلَسْتُمْ  تَشْتَكُونَ  وَكَمْ        تُسْتَغْضَبُونَ  فَلا  يَبْدُو  لَكُمْ  غَضَـبُ)

ُاجدهُ  زمنا طويلا مسبوقا بفترة مظلمة دامت (720) عاما .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك