المقالات

زجاجة خمر.. رمز التشرينيين الوطني؟!

1255 2021-07-08

 

قاسم العجرش ||

 

الحراك المجتمعي الاحتجاجي، خصوصا الذي يستعمل العنف وسيلة للوصول الى أهدافه، غالبا ما تندفع فيه الفئات المهمشة والهامشية، فئات يلعب المخيال الشعبي لعبته فيها، ترتكز معظم تحركاتها حول بطل ثائر تلوذ به، تمجده وتصفق له، ويقودها في معركتها لنيل حقوقها.. بطل شعبي، يخشاه الجميع ويحتمي به الذين نزلوا الى الشوارع، ليخرج بهم من الهزيمة والانكسار إلى الفوز والانتصار!

الأسلوب العكسي لتشويه الجهة المستهدفة، وتصويرها كشخصيات تافهة؛ ليست جديرة بالمراكز الرسمية التي تشغلها، هو أن تضع قبالتها أشخاصا آتين من قاع المجتمع، وتضعهم في صَفِّكَ كأيقونات وكأبطال ومناضلين وقديسين!

الأبطال الذين تصنعهم لا يخجلون من ماضيهم حتى وإن كان نتنا، ولا من كونهم أبناء بيئات منحرفة، فهذه “حسنات” لصالحك وصالحهم، أن تقول هؤلاء أبطالي الشجعان، أتوا من رحم المعاناة ورحم المشكلات..ودائما في المخيال الشعبي، البطل يتيم، ربته أمه في ظروف صعبة..البيئات المرتاحة لا تنتج أبطالا بل مترفين..ترويج ليس له أساس منطقي،ولكنها تستخدم تشرينيا على نطاق واسع.

البطل الذي تصنعه؛ يحتاج إلى عدو، ويحتاج إلى قوى “الشر”؛ التي سيقف أمامها مظهراً شجاعته وبسالته الفائقة، لا يهم إذا كان من سيقوم بدور الوغد، هو بالحقيقة يستحق العداوة أم لا، ولا يهم إذا كان ما يدور بين البطل والوغد، هو صراع أم صفقة، كل ما يهم هو إقناع الجماهير بأمجاد البطل..!

المعجزة الحقيقية أن تصنع (روبين هود) الجديد، بطلاً من لحم ودم يعيش وسط الناس، ويرونه بطلاً فعلاً ويحكون بطولاته الوهمية بأنفسهم، مثلما يحدثون عن عنترة بن شداد!

البطل يحتاج إلى الهيبة، لهذا كانت أول خطوة هي صناعة الهيبة لـ”أبطال” تشرين، ليس مطلوباً من البطل التشريني؛ أيدخل في حوار أو أن يدلي برأيه في أي شيء، كل ما عليه هو أن يدخن بشراهة، وأن تنظر إلى من يعتبرهم أعداءه بتحدٍّ، ويظل صامتاً، وألّا يظهر على وجهه أي تعابير كأنّه خشبة،

ولأن وجود الأبطال الشعبيين؛ حتى لو كانوا وهميين، يمنح المهمّشين الإحساس بالأمان والدفء الاجتماعي والانتصار الذي يفتقدونه، فإن الخطوة التالية.. هي رسم الشخصية العنيفة النبيلة، القادرة على القتال من أجل المبادئ، فيشاع أن قوات الأمن قد اعتقلته؛ ولكنه استطاع ردعهم وتعامل معهم بكل قسوة، وتركهم مثخنين بالجروح والإصابات، هو بطل شعبي متجهم، ينتصر للمبادئ، ثم إن “البطل” غبي وأحمق عندما يغضب، خصوصاً مع الشباب الذين لا يراعون الأصول التشرينية..!

على الرغم من أنّ شخصية البطل الوهمي الشعبي التي صنعها الجوكر الأمريكي، كانت في البداية على نطاق ضيق، لا يتجاوز المئات من الشباب، إلا أنّ التجربة بحد ذاتها تملك دلالة اجتماعية مهمة، ليمكن اعتبارهم عينة من المجتمع، وبالتالي يمكن تكرارها على نطاق أكبر! صناعة البطل التشريني تزداد طردياً، مع مستوى الصانع والمجتمع المصنوع له.

المهمّشون يحتاجون دائماً إلى بطل شعبي، يشبههم، ويمتلك القوة والقدرة والشجاعة، التي تجعلهم يحتمون به، لا يشغلهم من هو ومن أين أتى، ولا يهمهم إن كان ابن عاهرة مثلا، طالما لا يطالبهم بشيء، ولا يكلّفهم ما لا يطيقون، ولا يعنيهم إذا كانت بطولاته حقيقة أم قصصاً وهمية؟

كلام قبل السلام: البطل التشريني حاجة، تمنح الجموع السائرة بلا هدى، الإحساس بالأمان والدفء والانتصار الذي يفتقدونه، وعلى قدر ما يمنحهم من البطولات، يمنحونه التقديس والاحترام، والمبالغة في تحويله إلى أسطورة وشخصية خارقة، وإن مات وبيده زجاجة خمرة، تتحول الزجاجة معه إلى رمز وطني.!

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك