المقالات

جمهورية البعث الأولى


 

 ضياء ابو معارج الدراجي ||

 

·        ٨ شباط ١٩٦٣ الى ١٧ تشرين الثاني ١٩٦٣

 

 

بعد انقلاب ٨ شباط ١٩٦٣ الدموي المشترك بين البعثية والقومية ضد الشيوعية بدعم ناصري مصري وعربي واممي لإنهاء الازمة العسكرية التي اعلنها عبدالكريم قاسم لاستعادة الكويت بعد اعلانها امارة مستقلة من قبل قوات الاحتلال البريطانية عام ١٩٦١ لم يكن لحزب البعث العربي الاشتراكي أي برنامج سياسي او اقتصادي لا قبل الانقلاب و لا بعده وكل ما كان لديهم فقط هي شعاراتهم الجوفاء حول الوحدة، والحرية، والاشتراكية !!! وامة عربية واحدة ذات الرسالة الخالدة تلك الشعارات التي أستخدمها البعثيون عند قيام انقلاب ١٤ تموز القاسمي الشيوعي عام ١٩٥٨ ضد الملكية مباشرة، لشق جبهة الاتحاد الوطني، واللجنة العليا للضباط الأحرار، وتبين فيما بعد أن تلك الشعارات لم تكن إلا وسيلة للوثوب نحو السلطة واغتصابها، فلا وحدة ، ولا حرية، ولا اشتراكية ، بل كان جُلّ همهم يتركز حول وسائل تثبيت حكمهم، والسيطرة على المرافق العامة والخاصة  للدولة العراقية  العسكرية منها والمدنية، وقد جرّت سياستهم تلك إلى فرض حكم الحزب الواحد، وتقليص دور شركائهم القوميين، مما أدى إلى قيام وتنامي الصراع بين الجانبين بعد فترة وجيزة من اعدام عبدالكريم قاسم رئيس الجمهورية الاولى في العراق بعد اول حكم ملكي دام ٣٨ عام.

لقد اعتمد البعثيون لتحقيق سيطرتهم على مرافق الجمهورية العراقية الثانية بتوسيع  قاعدة حرسهم القومي حتى وصل تعداده إلى ( ٣٤ ) ألفاً، هادفين من ذلك إلى أن تكون لهذه القوات اليد الطولى في كل شيء مستهينين بالجيش العراقي وقادته و بتشجيع من قبل امين سر الحزب و رئيس الوزراء احمد حسن البكر في ذاك الوقت ، حتى وصل بهم الأمر إلى التجاوز على ضباط الجيش من القوميين و توقيف بعضهم، و تفتيشهم، و أهانتهم  في الشوارع امام الشعب  وفي الثكنات العسكرية امام المراتب حتى بلغ بهم الاستهتار الى حدودٍ بعيدة جدا للسير مسلحين بملابس مدنية في الشوارع العراقية واهانه معارضيهم والمتذمرين من استهتارهم علانا في شوارع بغداد والمحافظات.

لكن حسابات البعثيين كانت خاطئة فالحرس القومي التابع لحزب البعث  مهما بلغ تعداده ، فهو لا يصل إلى تعداد قوات الجيش العراقي وقوته كما أن السلاح الذي يمتلكه الحرس القومي البعثي لا يمكن أن يقاس بما لدى الجيش العراقي من أسلحة ثقيلة، و معدات و طائرات و خبرات قتالية و امكانات مختلفة  هذا بالإضافة إلى افتقار الحرس القومي و قيادته البعثية إلى الحكمة  و التبصر  فقد اتسمت كل تصرفاتهم بالاستهتار والتسرع والهمجية مما أفقدها أي تعاطف على الصعيدين  الشعبي والعسكري، و ما زاد الطين بلا هو سعيهم إلى تقليص نفوذ الضباط القوميين داخل الجيش العراقي  مما دفع هذا التصرف الى اندلاع صراع مسلح بين الطرفين و وصوله الى  مراحل متقدمة ليعلن بخطاب رسمي على لسان عارف بعد اقل من تسعة أشهر حُسم الصراع لصالح القوميين  بقيادة رئيس الجمهورية عبد السلام عارف واسقاط الحرس القومي وقياداته البعثيه بقيادة رئيس الوزراء احمد حسن البكر  وزجهم مع امينهم العام  رئيس الوزراء وقياداتهم في السجون وتشريد الاخرين الى دول الجوار لتنتهي  طموحات البعثية في حكم العراق.

 لكن بعد مقتل عبد السلام عارف واستلام الحكم من قبل شقيقه عبدالرحمن عارف واندلاع تظاهرات الطلاب العراقي ضد حكمه عام ١٩٦٨ لسوء الأوضاع  الاقتصادية والخدمية والعجز المالي وتفشي الفقر والجهل تم عزل عبد الرحمن عارف وتنصيب احمد حسن البكر رئيسا للجمهورية ليقوم هذا الاخير باعاد البعثية من جديد وتسليمهم مقاليد الحكم على مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية ليقوموا بعد اسبوعين بقتل واعتقال واعدام كل معارضيهم في مؤسسات الدولة ويعلونوا انقلاب عسكريا و بحكم الحزب الواحد وتخوين من ينتمي الى احزاب اخرى واعدامه لتبدأ جمهورية الرعب الثانية للبعث والثالثة للعراق بصفحات دموية استمرت ٣٥ عام

كان انقلاب ١٩٦٨ بقيادة أحمد حسن البكر،  ونائبه صدام حسين،وذياب العلكاوي متسلقين مظاهرات الطلاب العراقي ضد عارف حيث تضمن هذا الانقلاب اعتقالات و اغتيالات كثيرة جرت بعد تسلم حزب البعث للسلطة شملت العسكريين والسياسيين السابقين من أمثال عبد الرحمن البزاز رئيس الوزراء الأسبق وطاهر يحيى و عبد العزيز العقيلي ولاحقا رشيد مصلح والعديد من العسكريين الآخرين بينما أقدم عدد كبير من القادة العسكرين على التقاعد.

وفي ٣٠ تموز ١٩٦٨، اكمل البعث انقلابه لطرد أبرز العسكريين الذين قاموا بالحركة معه وهم إبراهيم الداود وعبد الرزاق النايف وجرت تصفيتهم بعد ذلك في المنفى ،وكان الانقلاب البعثي الثالث على قياداته عام ١٩٧٩ لعزل البكر و تسلم صدام التكريتي حكم العراق ليوزع مناصبه العليا على عائلته واقربائه وعشيرته ويبدأ حملة بتصفية شركائه وقادته بالحزب بما يعرف بمؤتمر قاعة الخلد و الذي اعدم خلاله ابرز قادة حزب البعث العربي الاشتراكي واعلن حربا ومقاطعة لحزب البعث السوري و اعتقال و اعدام كل من ينتمي اليه من العراقيين او يتعاطف معه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك