المقالات

العنف ونسق الإيهام النقدي

1086 2021-02-08

 

د. حسين القاصد ||

 

يحتاج الانسان الى التواصل ، ولا تواصل دون توافق ذهني ، او توقع لقول او انتظار لمقولة ، او رغبة في البوح بما يعتري النفس من مشاعر وهواجس ؛ لذا ارتأيت أن أبدأ مقالي بهذا الاقتباس لطراد الكبيسي اذ يقول : ( لقد نزل الشعر ساحة المنازلة مرتديا بدلة القتال ، كما كتب البعض في معركة الفاو ، لكنه _ أي الشعر_ لم يتخل عن "بدلته الادبية" أي لم ينس انه " السلاح" المعنوي الثقافي الحضاري في معركة لها عمقها الحضاري والثقافي ) ان التأكيد على العمق الحضاري والثقافي هو نسق الايهام لترسيخ امتداد الماضي ، وهو محاولة لتأصيل تحبيب العنف ، ذلك العنف الذي تخلى عن معظمه الشاعر المدني الذي استقر قرب الحدائق والمدن وابتعد عن صحراوية المفردة القاسية .

 ان دخول الشاعر الى المعركة ببدلته الادبية ، كما يدعي المنظرون للقصيدة المقاتلة ، لن يكون سهلا من دون ارتباك الاستعارات وتشويه الدلالات ، واغتصاب اللغة .

ولعل من بين عسكرة اللغة واغتصابها وسلبها غاياتها النبيلة  واثارها على القصيدة العراقية هو ظهور عنوانات لمجاميع شعرية تشي بالرعب وتوصد باب التفاؤل ، وإلا في أي باب او أي نسق جمالي ، يمكنني أن اضع ديوانا اسمه ( انتظريني بثياب القتال ل محفوظ داود سلمان ، دار الشؤون الثقافية ، 1988 .)!!

أي خراب هذا ؟ أي اغتصاب للابتسامة ؟ كيف للحبيبة ان تنتظر حبيبها بثياب القتال ؟  ولعل من اشرس الاساءات للغة ان نسميها ( لغة النار الازلية ، ، اشرف على اعداده ماجد السامرائي ، مديرية الثقافة العامة :1973) وهو ديوان مخصص للاحتفال بتأميم النفط ، وبدلا من ان يكون الاسم تفاؤليا مبشرا بالخير والفرح والمكاسب المفترضة من هذا التأميم ، جاء معد الكتاب وجامع قصائد اللهيب والنار بتسمية لغة النار الأزلية ليجعلها صبغة لكل قصائد الديوان  ويخرج اللغة من جمالياتها الى الحرائق والخراب.

 لقد القى العنف الايدلوجي وعسكرة المجتمع بثقلهما على كل ماهو جمالي وابداعي ، فصارت المتضادات محببة للشعراء ، من مثل ( الفدائي والوحش ) لآمال الزهاوي عن دار العودة – بيروت ، ومثله ، أيضا، المشانق والسلام لعدنان الراوي ، منشورات دار الآداب ؛ ومما لاشك فيه أن هذا الكم الهائل من القنابل اللغوية التي تكاد ان تنفجر على المنصات او في صفحات الكتب ، كانت توزع بانتظام على المناهج الدراسية ، ليصبح لدينا شعب لايرغب اطفاله في أية ألعاب او دمى سوى الالعاب النارية.  هكذا تمت عسكرة المجتمع بعد استتباب عسكرة اللغة بالكامل وتجنيدها سلاحا للمعركة واخراجها من نسائم الحدائق والجمال  ، حيث استبدلنا الوردة بالرصاصة ، ونسيم الحدائق بدخان النار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك