المقالات

سيادة الشعب أم الدولة.. في ذكرى الشهداء/3

1104 2020-12-29

 

🖊ماجد الشويلي||

 

من أبرز مظاهر التناقضات التي تزخر بها العملية السياسية ، بل والواقع العراقي الذي يتلفع الشعب بدثاره في ظل النظام السياسي الحالي ،أن الشعب العراقي بغالبيته العظمى يجنح للأنفة والخيلاء والأبهة ، وهذا ماشخصته فيه عيون المصريين بإرثها الفرعوني العميق ، حتى ورد في أمثلتهم الشعبية وهم يصفون المتبختر  بقولهم((گتك نيلة وإنت عامل زي الوز العرائي)) ، وأحياناً يوبخون المختال والبَطِر  هكذا ((ماتتبغددش)) أي لا تكن كأهل بغداد !

وبالفعل فإن العراقيين معروفون بالكبرياء والخصال الحميدة من الكرم ،والشجاعة ،ورفض الضيم ،والخنوع ،تشهد لهم بذلك ثوراتهم وانتفاضاتهم على طول خط التأريخ ،حتى غدت ربوع بلادهم مغرساً لجثامين ضحايا الطغاة والارهاب .

لكن العجيب ما أن تمكن العراقيون من أخذ زمام المبادرة لتحديد نظامهم السياسي ، واختيار حكومتهم ، حتى بدأت الهوة تتسع والفجوة تتعمق بين ثقافة الشعب وخصاله ، وواقع الأداء السياسي والمواقف الرسمية الناجمة عنه .

وخير مثال على ما تقدم هو إقدام الولايات المتحدة على اغتيال الشهيدين الجنرال الحاج قاسم سليماني والحاج أبي مهدي المهندس على الأرض العراقية، وخروج مئات الآلاف من أبناء الشعب العراقي  عقب ذلك منددين بالجريمة ، ومصرين على معاقبة مرتكبيها ، حتى أن ممثليهم في مجلس النواب وجدوا أنفسهم مرغمين على استصدار قرار يلزم الحكومة بطرد المحتل والقوات الاجنية بشكل كامل من العراق .

إلا أن الأداء الحكومي والموقف الرسمي اتسم بالرضوخ والتاهون بمحاسبة ترامب ، الذي اعترف صراحة بمسؤوليته عن الجريمة النكراء .

رغم أن المرجعية العليا في خطبة الجمعة التي أعقبت الجريمة ، اعتبرتها انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق والمعاهدات الدولية .

إلا أن الحكومات العراقية لم تتعاطَ مع الولايات المتحدة على هذا الاساس .ولقد قرأنا في بيان رئيس الجمهورية السيد برهم صالح  إدانته لقصف الجمهورية  الاسلامية إلايرانية لقاعدة عين الاسد رداً على اغتيال الشهيدين

وشاهدنا كيف أن رئيس الوزراء السيد  مصطفى الكاظمي التقى ترامب في واشنطن بحميمية عالية، عبر عنها بأن وجهات نظرهما متطابقة الى حد بعيد،

ولم يتطرق لا من بعيد ولا من قريب لجريمة اغتيال الشهيدين الحاج قاسم سليماني وابي مهدي المهندس .

لكننا وجدنا الإدانة حاضرة لمجرد أن ردت إيران على اغتيال أحد أكبر قياداتها الأمنية ، حتى أن الحكومة استدعت السفير الإيراني لوزارة الخارجية لتسلمه مذكرة احتجاج على انتهاك السيادة العراقية ، في الوقت الذي نفذت فيه إيران هذه الضربة استناداً  للمادة 15 من ميثاق الامم المتحدة التي تبيح لها الدفاع عن النفس والرد على الاعتداءات .

في حين أحجمت فيه الحكومة العراقية عن اتخاذ اي خطوة دبلماسية تجاه الولايات ، المتحدة واكتفت بالجهد الدبلماسي  الإيراني الحثيث الذي تكلل بانتزاع قرار أممي من المفوضية السامية لحقوق الإنسان ؛يدين الولايات المتحدة على ارتكابها تلك الجريمة الكبرى .

لقد كان من الأولى بالحكومة العراقية أن تتماهى مع خصال شعبها وثقافته بالثأر لإغتيال أحد أبرز قادتها الأمنيين (ابو مهدي المهندس) وضيفها الرسمي (الحاج قاسم سليماني)وهذا المعنى الذي ذكَّر به الإمام الخامنئي رئيس الوزراء العراقي في زيارته لطهران حينما قال له(( أنكم عرب والحاج قاسم كان ضيفاً عليكم ))

 ومن هنا وجد الشعب العراقي نفسه هذه المرة ، مضطراً للدفاع عن سيادته بأساليبه الخاصة   وعن طريق ممثليه ، لكن ليس في مجلس النواب هذه المرة ؛ وإنما عن طريق ممثليه في قوى المقاومة التي أخذت على عاتقها الثأر لدماء الشهيدين ولو بعد حين .

الأمر الذي تكفله كافة الشرائع السماوية والقوانين الدولية .

فالشعب العراقي يمكن له أن يتحمل الجوع أو الحرمان ، إلا أنه لن يتسامح مع انتهاك كرامته   وله من القدرة على الثأر الشئ الكثير  .

وهنا تبرز حقيقة سيرضخ لها القانون الدولي وسيتعاطى معها مرغما ؛ أن السيادة مصدرها الشعب وفقاً لقيمه ومثله التي يؤمن بها   وليست السلطات فحسب .

بل وأن السلطات لاقيمة لها إن لم تحفظ للشعب سيادته وكرامته .

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك