المقالات

لابوعلي ولا مسحاته..!

1597 2020-11-30

 

د. حسين القاصد ||

 

    للأمثال الشعبية العراقية جذور في الموروث العربي الفصيح ؛ فهي غالبا ما تأتي باستدعاء المعنى بقالب من اللهجة العامية ، وتضرب مثلاً ، كما هي في فصاحتها ؛ ومن بين ما استدعي وانتشر باللهجة العراقية العامية ، هو المثل ، عنوان المقال ، ويقال هذا المثل لليأس من الانتظار ؛ والمسحاة كلمة فصيحة ، فهي :اسم آلة من سحَا وسحَى، أداةُ القَشر والجرف ؛ وفي الموروث الشعري العربي قال الشاعر :

 لقد ذهب الحمار بأم عمرو       فلا رجعت ولا رجع الحمار

وقد روى الجاحظ في (نوادر المعلمين): " ألّفت كتاباً في نوادر المعلمين، وما هم عليه من التغفل ثم رجعت عن ذلك، وعزمت على تقطيع ذلك الكتاب. فدخلت يوماً مدينة، فوجدت فيها معلمًا في هيئة حسنة، فسلمت عليه، فرد عليّ أحسن رد، ورحب بي، فجلست عنده وباحثته في القرآن، فإذا هو ماهر فيه، ثم فاتحته في الفقه والنحو وعلم المنقول وأشعار العرب، فإذا هو كامل الآداب. فقلت: هذا والله مما يقوي عزمي على تقطيع الكتاب.

كنت أختلف إليه وأزوره، فجئت يوماً لزيارته، فإذا بالكُتَّاب مغلق ولم أجده، فسألت عنه، فقيل مات له ميت، فحزن عليه، وجلس في بيته للعزاء.

ذهبت إلى بيته وطرقت الباب، [....] وإذا به جالس، فقلت: عظّم الله أجرك! لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، كل نفس ذائقة الموت فعليك بالصبر، ثم قلت:

هذا الذي توفى ولدك؟ قال: لا، [.....] فقلت: وما هو منك؟ قال: حبيبتي! فقلت في نفسي فهذه أوّل المناحس، فقلت: سبحان الله النساء كثير، وستجد غيرها. فقال: أتظن أني رأيتها؟ قلت وهذه منحسة ثانية، قلت: وكيف عشقت من لم تر؟ فقال: اعلم أني كنت جالساً في هذا المكان وأنا أنظر من الطاق إذ رأيت رجلاً عليه بُرد وهو يقول:

يا أم عمرو جزاك الله مكرمة  .. ردي علي فؤادي أينما كانـــا

فقلت في نفسي- لولا أن أم عمرو هذه ما في الدنيا أحسن منها لما قيل فيها هذا الشعر، فعشقتها!! فلما كان منذ يومين مرّ ذلك الرجل بعينه وهو يقول:

لقد ذهب الحمار بأم عمرو       فلا رجعت ولا رجع الحمار

فعلمت أنها ماتت، فحزنت، وأغلقت المكتب، وجلست في الدار".) .

 بعد هذه السياحة مع الجاحظ وام عمرو ، وحبيبها الذي لم يرها ، ليس لنا الا أن نقول سامح الله الشاعر جرير ، ولا أظن أن شاعرا وراء انتظار ( أبي علي ومسحاته) وليس غير نسق الاتكاء التداولي وهو اليأس ، والعقد الذهني مع المتلقي بالاتكاء على الموروث نسقاً ثقافيا.

ـــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك