المقالات

الثاني والعشرون من ايلول

1156 2020-09-25

  د. حسين القاصد||

 

أهملت المؤسسات الثقافية والتعليمية والإعلامية هذا التاريخ الذي حول المنطقة إلى تنور حروب يوزع ارغفة الموت على الجميع ولم تنطفئ ناره حتى الآن. في الثاني والعشرين من أيلول من العام ١٩٨٠ وباندفاع أهوج وخطوة رعناء قرر النظام الساقط اجتياح الحدود الإيرانية لاغيا اتفاقية الجزائر التي وقعها الطاغية المقبور نفسه. وظف النظام الساقط ماكنة إعلامه وماكنة الإعلام العربي ولا سيما الخليجي لدعم رعونته هذه؛ ليتم اعتماد كذبة أن إيران بدأت الحرب في الرابع من أيلول جاعلا هذا اليوم هو تاريخ بدء الحرب المدمرة للبلدين متناسيا أنه هو من الغى اتفاقية الجزائر. استمرت الحرب ثمانية أعوام، وبدأت باجتياح العراق للمناطق الإيرانية الحدودية؛ ثم سرعان ماانقلبت الأمور وتحول العراق من مهاجم إلى مدافع وسقطت الفاو بيد الجيش الإيراني. كانت قيمة الدينار العراقي تعادل أكثر من ثلاثة دولارات؛ إلى أن انهارت العملة العراقية وانهار الاقتصاد العراقي ووافق النظام الساقط على إنهاء الحرب بالعودة لاتفاقية الجزائر. ثم وجد العراق أن كل مساعدات الخليج كانت ديونا وعليها تسديدها، وها نحن نسدد الديون لأكثر من دولة ونبذر بحدودنا؛ بل وضع النظام الساقط نفسه في وضع جعله الحكومة الوحيدة التي ترسم الحدود مع الكويت وتمنحها أجزاء من الأراضي العراقية فوق حدودها فضلا عن اختناق العراق وبقائه من دون منفذ على البحر بسبب ترسيم الحدود الجديد. كل هذا ولا أحد يخبر الجيل الجديد بأن الحرب العراقية الإيرانية بدأها المقبور صدام ليجعل العراق حاميا للبوابة الشرقية للأمة العربية التي يدعي زعامتها؛ فلقد استمر النظام الساقط لثمانية أعوام مستنفرا الإعلام والثقافة والتربية والتعليم لترسيخ فكرة العدوان الإيراني ويوم النصر العظيم الذي افقدنا نصف شط العرب وفتح علينا جهنم الكويت والحصار ثم الاحتلال الأميركي. بعد سقوط النظام الساقط لم تضع الحكومات المتعاقبة برامج توعوية لتشطب الأكاذيب والأوهام التي رسختها اناشيد الحروب والقصائد العمودية وابواق الشعر الشعبي. بل على العكس من ذلك، ظلت بعض الوزارات تؤسس من جديد لترسيخ البطولات الوهمية للنظام الساقط وصار المواطن العراقي يصفق لقاتليه وهو ما حدث في تشييع المجرم سلطان هاشم؛ بلغ الدعم لفكرة العداء الإيراني للعراق إلى جعله رأيا عاما لدى شباب كل أرشيف ذاكرتهم لا يتجاوز حادثة جسر الأئمة، لكنهم صاروا يتحدثون عن الزمن الجميل وعن عنتريات النظام الساقط؛ وما كان ذلك ليحدث لولا أخطاء وتقصير الحكومات المتعاقبة، سواء كان التقصير الخدمي والفساد المالي والإداري أو التقصير التوعوي في تأسيس ثقافة المواطنة. هكذا صار المقاتل في ال ح ش د الشعبي بطلا مؤقتا شرط أن يموت ثم ينسى وتمزق صوره بينما يتم تقديس أعدائه لأنهم ضد إيران وكأننا بصدد إيران لا بصدد بلدنا؛ فأغلب النشطاء لا يطالبون بإنهاء الاحتلال الأمريكي ولا يستنكرونه؛ لكنهم لا يترددون في جعل أي خلاف شخصي أو أي إخفاق في عمل ما، تدخلا إيرانيا، ولا نستغرب إذا سمعنا في المستقبل القريب إعتراضا على رسوب احد الطلبة أو خسارة احد فرق كرة القدم أو خلاف عائلي بأن يكون أسبابه هو التدخل الإيراني. إذن لماذا تشكر الحكومة العراقية  قوات الاحتلال على دعمها للعراق في النصر على دا١١عش..؟ ألم يكن الإنتصار على دا١١عش تدخلا إيرانيا مثمرا؟ ثم لماذا يكون أحد الداعمين متدخلا في شؤون البلاد بينما نشكر المحتل على فضله! ولماذا يكون الخبير العسكري الأمريكي ناصرا مشكورا بينما يتم استهداف الخبير الإيراني بنيران الخبير الأميركي، وجموع جماهير جيل ما بعد حادثة جسر الأئمة يصفقون ويهتفون للزمن الجميل؟ أين وزارة الثقافة من كل هذا وما مشاريعها لتنقية وعي الشباب من رواسب البعث المنحل أخلاقيا وسياسيا؟.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك