اليمن

اليمن/ السهل الممتنع.. الكائن الأعزب..!

1244 2023-06-23

عبدالملك سام ||

 

من بين كل الانتقادات التي كنت أسمعها من المبلبلين الذين لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب، لم يكن يستفزني موضوع مثل إنتقادهم لمشروع العرس الجماعي الذي تقيمه هيئة الزكاة كل فترة؛ وكأن الشخص الأعزب ليس مستحقا للمعونة والمساعدة، رغم أن الضغط النفسي الذي يعاني منه العزاب في هذا الزمن يفوق كل أساليب التعذيب التي تم أبتكارها في جوانتانامو!

شريحة العزاب، وما أدراك من العزاب؟! ولو كنا نسينا فلنعد بذاكرتنا إلى تلك الفترة العصيبة التي مررنا بها كلنا، ولنتذكر الزمن الذي بدأت فيه تلك التغيرات الفسيولوجية بالظهور، وبدأت فيه تلك الأسئلة الوجودية التي لا اجابات لها تتكرر، وبدأ الشاب يلاحظ أن هناك قمر في السماء فيظل يراقبه لساعات دون هدف، وبداية السهر والوجوم لساعات، وحب الشباب الذي يحيل الحياة جحيما، وهوس الفضول، ورهافة الإحساس، والميل لتجربة كل شيء، والبحث عن هدف للحياة، والخوف من مرور الأيام.. هل تتذكرون تلك الأيام؟

تخيل أن هذا الجحيم المسمى "مراهقة"، بكل ما عانيناه وما تركه فينا من ندوب نفسية وأحيانا جسدية، إلا أننا - برأيي - كنا أفضل حالا من شباب اليوم التعساء، فنحن لم نواجه حربا ثقافية وأجتماعية وأخلاقية بهذا المستوى المروع والخبيث، ولا كانت بأيدينا هذه الوسائل التي تتيح الفساد بأي مكان وزمان، بل أنني أتذكر أن بعض الشباب زمان (وقد صار معظمهم اليوم أباءً وأمهات) لم يكن بمقدورهم أن يفسدوا حتى لو كان لديهم الإستعداد لذلك، وكان بعضهم يتوب ويدعي الإستقامة فقط لأنه ببساطة ليس هناك ما يتوب عنه عدا النوايا الشريرة التي لم تتحقق!

أشر الناس وأخبثهم وأسواءهم مصيرا هم أولئك الذين يتجاهلون فاقة وحاجة شبابنا الذين يبحثون عن الزواج، خاصة النساء الشمطاوات؛ وذلك لمعرفتي أنه لا يوجد أب محترم يبالغ في مهر إبنته إلا لكي يرضي زوجته التي تريد أن تبهر قريباتها وجاراتها حتى ولو كلفها ذلك حياة أسرتها، وآخر فلس في جيب زوجها ونسبائه الجدد، ودون الإكتراث بما يتحمله الشاب من ديون وهو ما يزال في بداية الطريق!

المواعظ ما عادت تنفع، وتكاليف الأعراس تزداد كل يوم بممارسات وتقاليع جعلت من هذه النعمة لعنة على كل عازب، فمن بدع تحريم الزواج المبكر، وصولا إلى بدع حفلات الخطوبة وتوابعها التي قد تصل إلى رقم بستة أصفار بمقياس "ريختر"، إلى طلبات أهل العروس وأصدقاء العريس وضيوف العريس والمجاملين، وأزمات السكن وغلاء المعيشة التي تحيل حياة شاب في مقتبل العمر إلى جحيم مستعر!

أصبحنا نتفرج على شبابنا وهم يكبرون ويعانون ويتعرضون لشتى أنواع الخيبات والإضطرابات النفسية دون أن نحاول مد يد العون لهم سوى بالتحذير والتعنيف وأتهامهم بالإستهتار، وإذا ما ندت هفوة من شاب فالكل حينها يتحرك لقمع قلة أدب هذا الشاب الفاسد ونحن نلعن الزمان الذي أنجب هؤلاء الشباب المستهترين!

كلما بحثت عن حل لمشكلتهم التي تؤثر على حياتهم وحياتنا وجدت نفسي أصدم بحقيقة أن الحل في أيدينا نحن كمجتمع يعيش هؤلاء بيننا، وأن هؤلاء لو تحصنوا ضد الفساد في وقت مبكر فلن يجدوا وقتا ليفسدوا فيه، فجزء كبير من مشكلتهم سببه أن لديهم وقت فراغ كبير لا يستطيعون التركيز في إستغلاله بوجود عائق الإرتباط..

ماذا لو أعتبر الأباء والأمهات بماضيهم، وتخلصوا من أنانيتهم لمصلحة أبنائهم وبناتهم أولا؟ لماذا لا تعتبر من جاء طالبا يد أبنتك أبنا جديدا ينظم لعائلتك وتعامله على هذا الأساس؟ أو أن تعتبر زوجة أبنك بنتا جديدة لك تحميها وتثقفها وتخاف عليها وترأف بها؟ ما الذنب الذي أقترفه هؤلاء حتى نعاملهم كمشترين ونحن البائعين في علاقة أساسها الصحيح المودة والرحمة لا الصفقات؟!

 معدلات الطلاق العالية ليست ظاهرة بل أثر، والفساد الأخلاقي ليس ظاهرة بل أثر، فالمشكلة الحقيقية تتعلق بألتزامنا بتعاليم ديننا فعلا لا قولا فقط، ومرتبطة بظاهرة المغالاة في المهور، بالإضافة إلى أن كل شيء ملقى على عاتق شاب مسكين لم يبدأ حياته المهنية بعد، ولكنه مطالب بمصاريف الخطوبة، ومهر باهظ، وتكاليف عرس تقصم الضهر، وبيت مؤثث، ومستقبل مضمون، وكأن المسكين يعمل رائد فضاء!

الحل بأيدينا، ولنتذكر أن من لا يرحم لا يرحم! وإذا غيرنا نظرتنا لموضوع الزواج فستتغير أشياء كثيرة في حياتنا، وإذا لم ننتصح بجمال تعاليم ديننا وبكلام المنطق، فعلى الأقل نراقب ما يدور حول شبابنا من مؤامرات بعين الحرص، ولنفكر بتروي في حلول، وأنا متأكد أننا لو أستهدينا بالله فسنجد أن الحل سيظهر دون عناء، وسينقشع ضباب الزيف والكذب الذي طالما عانينا منه.. والله من وراء القصد.

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك