دراسات

حرب الإشاعة..الدور الدبلوماسي والاستخباري في مواجهة " التضليل الإعلامي"


د. سيف الدين زمان الدراجي ||

 

تُعد حرب الشائعات تحديًا كبيرًا في العصر الرقمي الحديث، حيث يمكن انتشار المعلومات بسرعة فائقة وانتقالها بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات الإلكترونية. وفي هذا السياق، يمكن للسياسة الخارجية والاستخبارات ان تلعبا دورًا فعّالًا في محاربة الشائعات والتصدي لها على المستويات المحلية والدولية. 

عادة ما تتطلب مواجهة الشائعات جهودًا دبلوماسية حثيثة وتواصل مستمر. حيث يمكن للدبلوماسية العامة تقديم الحقائق والمعلومات الدقيقة وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تروجها حرب الشائعات. كما لابد من أن يأخذ الدبلوماسيين والمسؤولين السياسيين على عاتقهم تعزيز الحوار والتواصل مع الجمهور لنشر الحقائق وتفسير السياسات بشكل فعّال. 

وفي ظل ذلك، يمكن أن تقوم مؤسسات صنع وادارة السياسة الخارجية بتنظيم حملات إعلامية وتوعية لمواجهة حرب الشائعات. حيث من الضروري ان يتم توظيف الوسائط المختلفة، مثل القنوات التلفزيونية والإذاعية ووسائل الإعلام الاجتماعية، لنشر المعلومات الصحيحة وتوضيح الحقائق. كما لابد أيضًا من تكثيف جهود موظفي البعثات الدبلوماسية كالسفارات والقنصليات والمنظمات الدولية  لتعزيز الحوار والتواصل مع الجمهور.

من جانب أخر، تلعب اجهزة الاستخبارات في مرحلة الرصد والتحليل دورًا حاسمًا في مواجهة الشائعات. حيث يقوم جهاز الاستخبارات بمراقبة وتحليل تداول المعلومات والشائعات عبر وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية وغيرها من المنصات الرقمية من أجل تحديد مصادر الشائعات والكشف عن الجهات التي تروج لها وتحليل الأغراض والأجندات المحتملة وراءها.

إن نظام العولمة الحالي لم يترك مساحة للسيطرة على ما يمكن ان يتم تمريره بشكل منسق الى كافة أفراد المجتمع، لذا فمن الضروري أن يتم خلق حالة من التعاون الدولي وتبادل المعلومات بين البلدان والجهات الأمنية والاستخبارية لمواجهة خطر الشائعات على النسيج المجتمعي وسلامة أبناء الوطن. كما يمكن للتعاون الدولي أن يعزز القدرة على تتبع الشبكات العابرة للحدود ومصادر الشائعات والتصدي لها.

أشارت العديد من الدراسات الى الأخطار التي تمثلها الشائعات على الأمن القومي، مبينةً بأنها من الممكن أن تكون كبيرةً ومتسعة. وفيما يلي بعض الآثار التي يمكن أن تحدثها الشائعات على الأمن القومي:

• تقويض الاستقرار السياسي: يمكن أن تساهم الشائعات في تقويض الاستقرار السياسي في الدولة، حيث يمكن أن تثير الشائعات التوترات والاضطرابات في المجتمع. وقد تستخدم الشائعات لنشر الفوضى والتشكيك في الحكومة والمؤسسات السياسية، مما يؤثر على الأمن الداخلي والاستقرار العام للبلد.

• التأثير على العلاقات الدولية: يمكن أن تؤثر الشائعات على العلاقات الدولية والسمعة الدولية للدولة. فعندما تنتشر الشائعات مستهدفةً دولة أو حكومة معينة، تتأثر سمعتها وعلاقاتها مع الدول الأخرى. ومن الممكن أن تتسبب الشائعات في تدهور العلاقات الدبلوماسية والتجارية والأمنية.

• زعزعة الثقة العامة: تؤدي الشائعات إلى زعزعة الثقة العامة بالمؤسسات والشخصيات الهامة. فقد تتسبب الشائعات في تشويه صورة القادة السياسيين أو المسؤولين الحكوميين، وهذا ما قد يؤثر على ثقة الجمهور ويقلل من قدرة أصحاب القرارعلى إتخاذ القرارات الفعالة وإدارة الشؤون الوطنية.

• انتشار الفوضى والعنف: يُمكن للشائعات أن تؤدي إلى انتشار الفوضى والعنف في المجتمع. وقد يتحرك الأفراد أو الجماعات بناءً على الشائعات المضللة والمضرة، مما يؤدي إلى أعمال عنف واضطرابات أمنية تهدد الاستقرار والأمن العام.

• التأثير على الاقتصاد: يمكن للشائعات أن تؤثر على الاقتصاد الوطني والمستثمرين. فعندما تنتشر شائعات تؤثر على الشركات أو القطاعات الاقتصادية، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تراجع الاستثمارات والتجارة والنمو الاقتصادي.

بناءً على ما تقدم، يجب أن تأخذ الدول والمؤسسات الأمنية الشائعات على محمل الجد وتضع ضمن إستراتيجياتها سياسات فعالة لمواجهة حرب الشائعات وتوعية الجمهور حولها. إن تعزيز الشفافية ونشر المعلومات الصحيحة وتوفير آليات للكشف عن الشائعات وتصحيحها، يمكن أن يساهم في حماية الأمن القومي والمجتمعات من تأثيراتها الضارة.

 

 *باحث في شؤون السياسة الخارجية والأمن الدولي*

 

ـــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك