التقارير

آسيا الوسطى والقوقاز لن تكون اطلسية والقرن الحالي لن يكون تركياً يا سلطان  طوران


محمد صادق الحسيني ||

 

بعد فوزه بالرئاسة قام اردوغان بحركة بهلوانية جديدة من نوع الهيلاهوب التي يتقنها واطلق مجموعة تصريحات في جولة خارجية له في كل من قبرص واذربايجان ، زعم فيها ان القرن القادم سيكون قرن تركيا بامتياز…!

ولكن مهلاً ايها اللاعب المتعجل فقد حفظت شيئا وغابت عنك أشياء :

١)  زيارة اردوغان لشمال قبرص ليست بالحدث الاستثنائي ، اذ ان كل الرؤساء الاتراك ، بعد غزو الجزيره سنة ١٩٧٤ ، يقومون بزيارة القطاع الشمالي منها ، مباشرة بعد انتخابهم وفي اول زيارة لهم خارج البلاد .

لكن على اردوغان ان يتذكر بان الاداره العثمانيه  هي التي تنازلت عن جزيرة قبرص ، كاملةً وليس فقط عن الجزء الشمالي منها ، للامبراطورية البريطانية سنة ١٨٧٨ ، وعليه فان تركيا لن تتمكن من استعادة الجزيرة كاملةً الى سيطرتها ولا ان تحول شمال الجزيرة الى منصة انطلاق للسيطرة على شرق المتوسط .

فبالاضافة الى مصر وسورية ولبنان وفلسطين ،  وهي الدول المشاطئة للبحر المتوسط ، فعلى اردوغان ان يضع في حسبانه وجود اربعة قواعد عسكرية بريطانية في الشطر الجنوبي / اليوناني / من الجزيرة . وهو ما يجعل الجزيرة ، من الناحية الفعلية ، جزءاًلا يتجزأ من حلف شمال الاطلسي ، الى جانب وضع الجزيرة الجيوسياسي " الجديد " ، بعد ان اصبحت عضواً في الاتحاد الاوروبي .

٢ ) كذلك الامر  في ما يتعلق بزيارة اذربيجان ، فالسياسة التركية تجاه آسيا الوسطى ، وخصوصاً تجاه اذربيجان ليست مرتبطة باسم الرئيس بقدر ما هي مرتبطة بالسياسة التركية العامة . وهي سياسة قديمة تعود جذورها الى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، وتاتي في اطار الصراع الذي كان دائراً آنذاك بين الامبراطورية الفارسية والروسية والعثمانية ، حول النفوذ في آسيا الوسطى والقوقاز .

٣) وعليه فان تصريحات اردوغان لا يمكن اعتبارها اعلان انتصاره ، في الصراع على النفوذ في البحر الابيض المتوسط او في آسيا الوسطى ، وانما هي رسائل صاخبة  ، لأسياده في واشنطن وبروكسل وتل ابيب ، اراد ان يبلغهم ، من خلالها ، بانه جاهز لان يبقى رأس حربة لحلف شمال الاطلسي ، سواءً في شرق المتوسط  ( الصراع العربي الاسرائيلي) او في آسيا الوسطى والقوقاز ( الصراع على النفوذ مع روسيا  وايران القوة الاسلامية الجديدة  الصاعدة / او بالاحرى محاولات الغرب الاطلسي التعرض لكلا البلدين في تلك المنطقة ، من خلال تقويض التوازنات الجيوسياسية القائمة هناك حالياً ، وذلك بهدف خلق بؤر صراع جديدة ، تشكل ازعاجاً لكل من روسيا  وايران والصين ، في آن واحد .

٤) فما هو مصدر هذا الازعاج لكلا البلدين ؟

فبالنسبة لروسيا يعني ذلك تطويقها بحزام ناري ، يمتد من اقصى شمال غرب حدودها ، مع فنلندا ، عبر اوكرانيا ودول شمال القوقاز ، جورجيا وارمينيا ، وصولاً الى كازاخستان ، التي تربطها حدود طويلة مع روسيا ، تبلغ ثلاثة آلاف وسبعة كيلومتر ، الى جانب ان لها حدوداً طويلة مع الصين ايضاً .

وهو الامر الذي يجعل الاستقرار في آسيا الوسطى وشمال القوقاز وجنوبه امراً حيوياً بالنسبة للقوتين العظيمتين ،روسيا والصين  ، وفي اكثر من مجال حيوي .

خاصةً وان سيطرة حلف شمال الاطلسي ، عبر اردوغان ، على آسيا الوسطى ، آخذين بعين الاعتبار قربها من حدود الصين الغربية ، وما تعانيه منطقة السكان الايغور من اضطرابات هناك ، تعني ان احتمال اقامة تحالفات عسكرية ، بين دول آسيا الوسطى وتركيا ، اذا ما تمكن اردوغان من تعزيز الدور التركي هناك ، ستعني دمجاً تدريجياً لتلك البلدات في هيكليات حلف شمال الاطلسي العسكرية ، سواءً من خلال برامج " التدريب المشترك " او ما يطلقون عليه المناورات المشتركه وغير ذلك من اساليب الحلف الخبيثه .  وهي تطورات لا يمكن للصين الشعبيه  ان تسمح بحدوثها ، تحت اي ظرف كان ، كونها ستشكل ضربةً كبيرة لمشروع الصين العملاق ، الحزام والطريق ، وهو المشروع الصيني الاستراتيجي ، على الصعيد الدولي وليس الاقليمي فقط ، والذي يهدف الى خلق استقرار دولي استراتيجي حقيقي ، ليس فقط على الصعيد العسكري ، وانما على الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، اي خلق عالم جديد يختلف عن عالمنا الحاضر ، الذي تتحكم بمصيره قوى الاستعمار القديم والجديد .

وهو بالنسبة لايران الجديدة  ايضاً يمثل  الكوريدور الحيوي الاستراتيجي بين شمال العالم وجنوبه ، وهو ما لن تتنازل عنه ايران بعنتريات مخلب الناتو ، ولا اقزام باكو الجدد، تحت اي ظرف كان !

٥) ولا بد للمرء ان يتذكر ، في نهاية المطاف ، ان المهام الاكثر الحاحاً  ، امام الرئيس التركي ، ليست مواضيع السياسة الخارجية للدولة ، وانما سياستها الداخلية ، والاقتصادية المالية الاجتماعية على وجه الخصوص .

ان مهمة تحسين اداء الاقتصاد التركي ، وخفض نسب التضخم الفلكية ، ووقف انهيار العملة الوطنية التركية ،  هي المهام الاستراتيجية الاكثر إلحاحًا امام اي رئيس تركي ، وليست احلام اردوغان ، في احياء الامبراطورية العثمانية ، وهي الاحلام التي تعبر عن رغبة اردوغان ، في مواصلة دغدغة مشاعر المواطنين الاتراك وحرف انتباههم عن الازمات المتناسلة ، التي تعاني منها تركيا .

اما ما يؤكد ذلك ، وغيره ، في عدم جدية اردوغان في معالجة ازمات الاقتصاد التركي ، فهو ما يلي :

–. قيامه بتعيين السيدة : حفيظة غاية  اركان ، الحاصلة على شهادة دكتوراه من جامعة برينستون الاميركية الشهيرة ، والتي عملت مديرةً لبنك : فيرست ريبابليكا بانك ، الاميركي ، الذي اعن افلاسه وهي على رأس ادارته .

اي انها كانت مديرةً فاشلةً ، بدليل فشلها في ادارة بنك واحد ، فما بالك في احتمالات نجاحها في ادارة بنوك الدوله التركية جميعها ، لا بل ادارة السياسه الماليه للدولة التركية ، وانقاذ اقتصاد الدولة من الانهيار . ناهيك عن انها تحمل الجنسية الاميركية ، الى جانب التركية ، وما يعنيه ذلك من رسالة اضافية ، موجهة من اردوغان ، الى الدوائر الماسونية الدولية ، التي تتحكم بالحركة المالية على صعيد العالم ، وما يعنيه ذلك من تأمين للقرد على خابية الطحين .

– وفي اشارة اردوغانية ثانية ، للدوائر  المذكورة اعلاه ، والتي من بين ادواتها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، قام الرئيس التركي بتعيين : محمد شيمشك ، وزيراً للمالية ، وهو خريج نفس الدوائر الاكاديمية والمالية ، التي تخرجت منها رئيسة البنك المركزي التركي ، اضافة الى انه عمل لمدة اربع سنوات ككبير الخبراء الاقتصاديين للسفارة الاميركية في انقره ، الى جانب وظائف حكومية تركية اخرى ، من بينها منصب وزير المالية ، من سنة ٢٠٠٩ حتى ٢٠١٦ ، وما يعنيه ذلك من دور لهذا الرجل في وضع اسس تدمير الاقتصاد التركي الذي نشهده منذ عدة سنوات .

علماً ان مجلة فورين بوليسي الاميركية الشهيرة  ، الناطقة باسم رأس المال الدولي المتحكم بالسياسات المالية الدولية من الناحيه الفعلية ، كانت قد رشحته ، سنة ٢٠١٣ ابان اشغاله منصب وزير المالية التركي ، كواحد من بين اهم ٥٠٠ شخصيه في العالم .

وهو ، بالطبع ، يحمل الجنسية الاميركية ايضاً .

 

بعدنا طيبين قولوا الله

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك