التقارير

بعد فوز اوردغان ، مَنْ له المصلحة في المصالحة و مَنْ يبتدأها ؛ الغرب ام تركيا ؟


السفير الدكتور جواد الهنداوي ||

 

رئيس المركز العربي الاوربي للسياسات وتعزيز القدرات /بروكسل

 

             اهميّة السؤال ، موضوع المقال ، لا تكمنُ فقط في جوابه ، وإنّما في دلالات الجواب ،او في عِبَرهِ .

            لم تكْ بين الغرب ( امريكا و اوربا ) ، و تركيا قطيعة في التواصل و العلاقات ، و إنّما فتور و خصومة وتصريحات متبادلة غير ودّية ، وتبنّي غربي علني لجهود ساعية لفشل اوردغان في الانتخابات .

         سعى و أرادَ الغرب خسارة اوردغان ولكنه يسعى ويريد الغرب الفوز بتركيا ،و لايمكنه التفريط مطلقاً بتركيا ، ولاسباب سياسية وعسكرية وجغرافية ذات بُعد استراتيجي ، و وضوحها يغنينا عن ذكرها او تفصيلها .

    تعاملَ الغرب مع أوردغان اكثر من عقديّن من الزمن ، و وَجَدَ فيه صفات لا تلائمُ مصالح الغرب ،او مبعثُ شك و ريبة ، و لا تدعوا للاطمئنان ، فما هذه الصفات ؟

  عِنادهِ ، و رفضه لسياسة الاملاءات ؛ و رغبته بمسكه زمام ادارة العلاقات التركية الغربية .  شهدنا الخلاف التركي الامريكي و الخلاف التركي الاطلسي بشأن تسلّح تركيا بسلاح روسي ، وشهدنا خلافات تركية امريكية و اوربية بشأن العلاقات التركية الايرانية والتركية الكرديّة .

   ادركَ الغرب ،الآن و بعد فوز اوردغان ، أنْ لا مفّرَ من التعامل معه و كما هو و بصفاته ، اي ستكون العلاقات التركية الاوربية ،وكما يراها ويريدها اوردغان ، وليس كما تراها و تُريدها اوربا ( باستثناء الانضمام الى الاتحاد الاوربي ) ، وسيتعامل اوردغان مع امريكا كما يرى ويريد اوردغان وليس كما ترى و تُريد امريكا .

    مصلحة الغرب السياسيّة مع تركيا ليس العلاقات التركية الاسرائلية ، والتي هي راسخة و ثابتة ولا خوف عليها ، و لا العلاقة التركية الكردية ، والقابلة للمساومة وللتنازل عنها غربياً ،ان اقتضت الحاجة ، وانما العلاقات التركية الروسيّة والعلاقات التركية الايرانية ، هذه هي العلاقات التي تقلق الغرب وتثير مخاوفه . لذلك بادر الغرب ، ومن اوائلهم الرئيس الامريكي و الرئيس الفرنسي ، بتهنئة الرئيس اوردغان بفوزه ، و الايحاء ببدء عصر جديد ،لعله ( واقصد العصر الجديد مع اوردغان ) يكون اقل ضرراً لمصالح الغرب في آسيا و في المنطقة .

    معيار علاقة الغرب ( امريكا واوربا ) مع العرب هو مصلحة اسرائيل و النفط او الطاقة ،بينما معيار علاقة الغرب مع تركيا هو استقلال القرار التركي والتقارب التركي الروسي الايراني ، دون اهمال طبعاً الدور التركي في الحلف الاطلسي والموقع السياسي الجغرافي و الاقتصادي لتركيا في المنطقة وآسيا .

   ماهي العِبرْ والدروس التي نستخلصها من قدرة الغرب على السرعة في الاستدارة من مسار مُضاد للرئيس اوردغان ، والمبادرة الى مصالحته ؟

   الدرس الاول المُستخلص و المعروف هو انَّ المصالح هي التي تتحكم بالمسارات السياسية و العلاقات بين الدول ، وتتفاوت الدول فيما بينها في ترجيح المصالح على القيم و المبادئ ،  وقد تكون امريكا خير مثال على الدول التي ترجّحُ مصالحها و مصالح اسرائيل على المبادئ و القيم و القوانين الدولية .

    وللدقّة ،عند الحديث عن المبادئ و المصالح في السياسة ،ينبغي القول بأن لا تناقض بينهما عندما تكون المبادئ نبيلة و المصالح مشروعة ،بعبارة اخرى ،يحصل التناقض عندما تكون السياسة بدون مبادئ نبيلة و انسانية و المصالح بدون مشروعية .

    الدرس الثاني المُستخلص مِنْ مبادرة الغرب للمصالحة و للتعامل مع الرئيس اوردغان هو  حتميّة الحوار و التعامل مع المنتصر ،سواء كان الانتصار على الصعيد السياسي ، كما هو حال الرئيس اوردغان او كان الانتصار على الصعيد العسكري . لم يتردّد الغرب من مُباركة المنتصر و المضي في العمل معه و اسقاط كّلَ ما قيل عنه سلباً وسوءاً.

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك