التقارير

الأهداف الأمريكية والدور الروسي،وأين تحصل المقايضات؟


 

د. إسماعيل النجار ||

 

إنَّ إرتفاع منسوب حرارة الِاشتباك السياسي الأمريكي_ الصيني_والروسي، حَول القضايا الإستراتيجية التي تخص المِحوَرَين، تجاوزَت منطق الحوار إلى الترجمة على الأرض، وبدأَت تأخذُ شكلاً عسكرياً متباعِداً بالوكالةِ، وبالمباشرة أحياناً في أماكن عِدَّة من العالم،إذتأخذُ طابع العراضات العسكرية.

لكنّ صفيح الأرض ترتفع حرارته بشكلٍ تدريجي وملحوظ في العالم أجمَع، ولا أحد يستطيع التَكَهُّن بما سيحصل، لو أُفلِتَت الأمور من عِقالها في مكانٍ ما؛

وخصوصاً في أوكرانيا أو بحر الصين الجنوبي،  جَرَّاء الحركشَة الأمريكية واللعب بالنار، في الخاصرة الشرقية للدب الروسي وفي بحر الصين على تخوم تايوان.

إنَ إستنفار موسكو،وإعلان حالة التأهب القصوَىَ في أسلحتها الإستراتيجية النووية غير التقليدية، والإعلان عنها،

وحشد ما يقارب المِئَة ألف جندي على حدود أوكرانيا، إنما يَدُل على جدِّيَة القيصر بإشعال نار الحرب وإحتلال أوكرانيا، في حال صَمَّمَ الناتو على الِاقتراب من حدودهِ، محذراً الناتو من تجاهل تحذيراته.

الصين هيَ الدولة الوحيدة التي لَم تَتَّبِع أُسلوب المقايضات مع الولايات المتحدة الأمريكية،وهيَ تخوضُ حرباً اقتصادية شَرِسَة مع واشنطن، لاتهاوُن ولا مهادنَة فيها، وتُتَرجَمُ على الأرض من خلال محاولات واشنطن المستَمِيتَة لقطع الطريق أمام بكين، حتى لا تنجح في إنجاز خطوط سِكَك الحديد لطريق الحرير، الذي يربط بلادها بأكثر من مئَة دولة في العالم بشكلٍ آمِن جداً،بهدف الِاستغناء عن حركةالملاحة البحرية المُهَدَّدَة أمريكياً، والتي تبلغ تَكلفَة الشحن عبرها،أضعاف سعرالنقل على سِكَك الحديدالحريرية.

أما مع روسيا،فالأمر مختلف تماماً،حيث يشعُر بوتين أنه لا بُد من المقايضة مع واشنطن، من أجل الِاستمرار بحَد أدنىَ من العلاقة الجيدَة بين البلدين، وتخفيض منسوب التوتر على كل الجبهات.

في أوكرانيا روسيا لن تقدم تنازلات ولَن تسمح للناتو بتجاوز الخطوط الحُمر، حتَّى لَو وصَل الأمر إلى إشعال فتيل الحرب واحتلال أوكرانيا بالكامل.

إنما في ليبيا وفي سوريا، فإنّ الأمر مختلف كثيراً،إذ أنَ هناك لا يوجد أي مانع لدىَ موسكو، للأخذ والعطاء مع واشنطن، بشرط ضمان مصلحتها الإستراتيجية؟

فواشنطن هيَ التي ساهمَت مساهمَة فعّالة في دخول تركيا إلى سوريا، بعد دخولها هيَ رسمياً للمشاركة،كما زعمت في الحرب على الإرهاب، وهيَ التي تُنَسِق مع القوات الأمريكية في شرق الفرات عبر الخط الساخن، مما يَدُل على الِاعتراف الروسي بتواجد القوات الأمريكية على الأرض السورية، رغم التصريحات التي تصدُر عن روسيا، وتطالبها بالجلاء عن الأرض السورية،

وهيَ التي لَم تمنع إسرائيل من قصف أهداف عسكرية ولوجستية لحلفائها ضمن الأراضي السورية!وهيَ الدولَة العُظمَىَ المؤثرَة التي تمتلك النفط والغاز، ولا يستطيع أحدٌ أن يمنعها من مساعدة حليفتها سوريا، ولَم تُحَرِك ساكناً في هذا الأمر، ولَم تقُم بتقديم هذه المساعدة للشعب السوري المُحاصر، والذي يعاني من فقدان مادَّتَي الغاز والبنزين والمازوت،حتى

قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بكسر الحصار،وبِمَد يَد العون لسوريا، وجلب النفط والغاز، رغم أنف قانون قيصر وأصحابه.

وبينما تخوض الحكومة السورية حرباً ضروساً ضد الإرهاب، وعينها فقط على ما تَبَقَّىَ من أرض مُحتَلَّة تسعى لتحريرها،تواجهُ على المقلب الآخر، احتلالاً أمريكياً وتركياً لأرضها،تسعى لإنهائه بمساعدة حلفائها بكل الإمكانيات المُتآحَة، سلماً أو حرباً.

دِمَشق تُدرِك جيداً أن أمريكا ستحاول جَر موسكو للمقايضة على انسحابها من سوريا، لذلك كانت قرارت دمشق حاسمة،أبلغتها لجميع الأفرقاء،مؤكِّدةً  أنها جادَّة بإتخاذ كافة الإجراءآت العملياتية لتحرير أراضيها، وأنها لن تسمح بالمساومة أو المقايضة عليها، وأن سيادتها ليست للبيع أو الإيجار، وأنها مصممة على السير في معركة التحرير والقضاء على الإرهاب، حتى لو بلغت التَكلُفَة عشرة أضعاف ما دفعته خلال سنوات الحرب العشرة الماضية.

 

بيروت في....

           19/12/202

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك