التقارير

دلالات الزمان والمكان في استعراض الحشد العسكري

1519 2021-06-27

 

عادل الجبوري ||

 

   قبل بضعة اعوام، كان معسكر "اشرف" في محافظة ديالى التي لاتبعد اكثر من مائة وعشرين كيلومترا عن العاصمة  بغداد من جهة الشرق، يمثل القاعدة الرئيسية لعناصر وتشكيلات ما يسمى بمنظمة "مجاهدي خلق" الايرانية، التي وفر لها نظام صدام قبل اكثر من خمسة وثلاثين عاما كل اشكال الدعم والتمويل المالي والتسليحي واللوجيستي والاعلامي، ليستخدمها كأداة في حربه ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية، ومن ثم اداة في قمع الشعب العراقي الى جانب الاجهزة القمعية التابعة له، وقد كان لعناصر تلك المنظمة الارهابية دور كبير في مواجهة الانتفاضة الشعبية في عام 1991، وادوار مماثلة في التصدي لاي تحرك شعبي كان يستهدف النظام الحاكم في بغداد انذاك.

   وبعد الاطاحة بذلك النظام، اصطفت عناصر "خلق" مع بقايا النظام ومع الجماعات الارهابية على اختلاف توجهاتها وعقائدها المنحرفة، مستهدفة كل مكونات المجتمع العراقي، بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة والاغتيالات بكواتم الصوت، وبقي معسكر اشرف، يعد قاعدة ومنطلقا لتهديد امن العراق، واثارة الفتن، وافتعال المشاكل والازمات، ولكن جهود القوى والشخصيات الوطنية الى جانب الضغط الشعبي الكبير اثمرت بعد وقت طويل في تصفية وجود تلك المنظمة الارهابية وانهاء وجودها بصورة كاملة من ارض البلاد، ليتحول معسكر اشرف بعد ذلك، الى واحد من اكبر قواعد وميادين الحشد الشعبي بعد تأسيسه في صيف عام 2014، على ضوء فتوى الجهاد الكفائي للمرجعية الدينية، للتصدي للارهاب الداعشي التكفيري.

   لاشك ان دلالات تحول معسكر "اشرف" من وكر لاعداء العراق من الارهابيين والمخربين والمجرمين على امتداد مايقارب العشرين عاما، الى منطلق لتخليصه من التكفيرين، وصيانة  المقدسات والحرمات والممتلكات والاعراض، كانت دلالات ذلك التحول عميقة ومهمة وبليغة، وبعثت على الارتياح في نفوس الكثير من العراقيين، لاسيما الذين ذاقوا ويلات وماسي النظام السابق، وتجرعوا مرارات اجرام عناصر "خلق" وتواجده المرفوض في البلاد.

    وفي صباح السادس والعشرين من شهر حزيران-يونيو الجاري 2021، ومنذ ساعات الصباح الاولى، بدت الصورة على ارض معسكر اشرف مختلفة تمام الاختلاف عن الصور السيئة التي اوجدتها منظمة "خلق"، هذه الصورة الجديدة، رسمتها وصاغتها تشكيلات الحشد الشعبي وهي تنفذ استعراضها العسكري بمناسبة الذكرى السنوية السابعة لتأسيس الحشد، بأعتباره احدى المؤسسات والمفاصل الامنية الرسمية في الدولة العراقية.

   وفضلا عن دلالات اختيار المكان لاجراء استعراض الحشد العسكري، فأن جعل الاستعراض تكليلا لعدد كبير جدا من الفعاليات والنشاطات الجماهيرية والسياسية والنخبوية، التي تواصلت لاكثر من اسبوعين، احياء لذكرى تأسيسه السابعة، يعطي للحدث بعدا اخر، حيث رسائل الزمان تكمل دلالات المكان.     

  فهناك رسائل عديدة، تنطوي على اهمية بالغة، اطلقها الحشد الشعبي من خلال الاستعراض العسكري، خصوصا مع حضور رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، الذي اكد في كلمته، "ان أبناء الحشد هم أبناء الدولة، وهم مستمرون بتقديم كل ما يخدم شعبنا ووطننا"، وقال مخاطبا قوات الحشد "أنتم والقوات الأمنية دحرتم الإرهاب وأمامكم المزيد، وبوعيكم وانضباطكم ومهنيتكم يحفظ الحشد الشعبي وبكم نستعيد للعراق دوره التأريخي في المنطقة".

   ولعل الرسالة الاولى، التي اطلقها الاستعراض العسكري، هي ان الحشد الشعبي، كان ومازال وسيبقى رقما صعبا وفاعلا ومؤثرا، وعنوانا وطنيا لايمكن لاي كان التشكيك في اخلاصه وحرصه وسلامة نهجه ومساره، حتى وان وقعت اخطاء وهفوات وزلات هنا وهناك، اذ ان ذلك يعد امرا طبيعيا في مسيرة طويلة، تعرضت على مدى سبعة اعوام للكثير من التهديدات والتحديدات والمخاطر والعقبات، ناهيك التسقيط والتشهير والتضعيف والتهوين،  فنسبة الانجاز اكبر بكثير اذا ما قارناها بأخطاء وهفوات وزلات، ربما اغلبها لم يكن مقصودا.

  الرسالة الثانية، ان الحشد الشعبي الذي تأسس في ظل ظروف صعبة وشائكة ومعقدة مرت بها البلاد، في صيف عام 2014، اثر اجتياح تنظيم داعش الارهابي لعدة مدن ومناطق منها، تمكن ان يقلب المعادلات في غضون فترة زمنية قصيرة، ويجنب البلاد مخاطر الوقوع في شراك الارهاب التكفيري الداعشي، وما حفظه للعاصمة بغداد والمدن المقدسة، وتحريره سامراء وبلد والعظيم وتلعفر وبيجي والفلوجة والرمادي والموصل وغيرها، الا ادلة وبراهين دامغة على ذلك.

   اما الرسالة الثالثة، فتتمثل في ان الحشد الشعبي اليوم، ليس كما كان قبل سبعة اعوام، من ناحية اكتساب التجارب والخبرات القتالية، والتسليح، وتنوع الصنوف والاختصاصات، الذي اتاح له ان يضطلع بأدوار ومهام كبيرة خارج ميادين المعارك، بعد ان ساهم بتحقيق انتصارات كبيرة على عصابات داعش الارهابية في مختلف المواقع والميادين، وقدم تضحيات مشرفة تستحق الاجلال والاعتزاز والتقدير من قبل كل مكونات المجتمع العراقي.

   فيما تتمثل الرسالة الرابعة التي انطوى عليها الاستعراض العسكري للحشد، بفشل كل المخططات والمؤامرات والمشاريع التي اريد من ورائها انهائه والقضاء عليه، تحت حجج وذرائع واهية، لم يكن ممكنا لها ان تصمد امام حقائق الواقع ومعطياته الواضحة.            

   هذه الرسائل مجتمعة، هي التي اسست ثوابت الحشد، وهي التي حددت مساراته الصائبة، وهي التي من شأنها ان تبلور وترسم ادواره اللاحقة في مختلف الظروف والاحوال.   

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك