التقارير

هكذا نفهم المعادلة بين الجيش والحشد الشعبي


 

محمود الهاشمي ||

 

تفخر  الامم بقوة جيوشها كونها عنوانا لحماية البلد من اي اعتداءات للاعداء ،فنرى معظم الساحات العامة تزينها تماثيل لقادة عسكريين كان لهم الدور في قيادة الجيوش لدرء خطر العدو الطامع في الاحتلال والهيمنة والاستعمار ،لذا فان ميزانية الوزارات الامنية غالبا ماتكون مفتوحة للمزيد من التسليح والتدريب والتأهيل ،وكلما كانت ادارة الجيوش اكثر حكمة ويقظة كلما كان البلد اكثر اطمئنانا على مصير البلد وابعاده عن المعترك السياسي .

ان جميع الاحداث التي نطالعها بالتأريخ قديما وحديثا بشأن تدخل الجيوش بالشأن السياسي وتغيير المعادلات في ادارة البلد مردها الى امرين الاول عدم حكمة القيادة السياسية او فشلها في ادارة البلد والثاني التدخلات الخارجية للدول الاخرى حيث غالبا مانسعى الدول الكبرى لشراء ذمم قادة عسكريين لقلب المعادلة السياسية ونظام الحكم الى صالح تلك الدول الخارجية ،وهذا ما اعتمدته الولايات المتحدة منهجا في الهيمنة على العالم للقيام بانقلابات عسكرية في هذا البلد او ذاك كما حدث في دولة تشيلي عام 1973.

وكما حدث في مصر وكيف نسقت مع (السيسي) ايام كان في دورة تدريب بأكرونيا.

ان جميع الدول المتقدمة والتي طال امد حضارتها ،مثلما تهتم بالجيش والانفاق عليه كذلك توجد لديها فئة من الجيش تحمي السلطة وتراقب لحماية الدستور والنظام العام والامن الوطني ،بالاضافة الى الدور التقليدي في حماية الامن القومي . يقول الرئيس الاميركي  (1953-1961)؛-يعمل الجيش دور الرقيب لحماية الدستور والنظام والامن الوطني ،بالاضافة لدوره التقليدي في حماية الامن القومي .

فالاجهزة الامنية تبنى عقائديا ووطنيا كي تدافع بحجم معتقداتها الوطنية والدينية والقيمية عن الوطن وارضه وشعبه .

فمثلا عندما حدث انهيار بالقوات الامنية بكل صنوفها وعناوينها في نينوى اثناء هجوم (داعش) على المنطقة واحتلالها ووقوع الناس تحت نير الارهاب وما كان لهم من ماسٍ معلومة ،لابد من اعادة تأهيل هذه القوات عقائديا ووطنيا وتدريبا وتأهيلًا ،فكيف ل(400) داعشي بثياب الافغان احدثوا الصدمة ب(90) الف منتسب من قواتنا الامنية عام 2014 ففروا من امام خصمهم وتركوا له الارض والعرض والمال والناس ليفعل مايشاء ؟

تجربة الحشد الشعبي جاءت (عفوية) فلم يسبق للعراق ان اعتمدها الا قبل مائة عام من تشكيله يوم كآن الاستعمار الانكليزي يحتل العراق ،فكانت فتوى الجهاد وثورة العشرين وطرد الاستعمار .

عندما غير (الحشد الشعبي) من معادلة المعركة وبات الارهابيون من الدواعش وغيرهم يفرون قبل المواجهة معهم بل ويستسلمون افواجا لهم ،فلاسباب عقائدية وليس مردها الى التدريب والتسليح ،فالقوات الامنية العراقية لم ينقصها ذلك يومها قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) فنصرهم الله سبحانه وتعالى .

الحشد الشعبي التحق ابناؤه الى المعركة دون تدريب يذكر ودون تسليح كاف ،ودون حتى بزة عسكرية ودون اعمار معينة كما في الجيوش النظامية ،فالتحق رجل الدين والمعلم والمدرس والموظف وابناء الفقراء والاغنياء وضباط وعسكريين سابقين متقاعدين ،والتحق الصبي والشيخ ومعهم قادة سياسيون ومجرد نظرة على الاعلام والرايات  التي حملوها ستقرأ

اسماء الانبياء والرسل والائمة الاطهار وذراريهم وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ع ومفردات دينية خالصة ،وترى ملابسهم مزركشة بالقطع الخضراء بدلائلها الدينية ،وكيف انهم قبل الصولة يقرؤون الادعية ويمرون من تحت المصحف الشريف ويصلي بهم رجال الدين عند السواتر الامامية .

ولهم اناشيدهم الدينية الخاصة ايضا .

هذه (العقيدة ) وراء نصرهم رغم انهم التحقوا دون السؤال عن امتياز او راتب بل انهم كانوا عبارة عن استجابة لنداء ديني ووطني .

ان مجرد نظرة على سلوك ابناء الحشد الشعبي اثناء دخولهم المناطق المحررة وهم يحملون النساء والاطفال والشيوخ على ظهورهم ،او يتحول ظهر احدهم الى سلم لنزول الاسر الفارة من سوح المعارك يدلك على البناء العقائدي لهذه الفئة .

ان وجود الحشد الشعبي يمثل (صمام امان للعملية السياسية ) واي مساس به يعني المساس بالوطن والامة والدين ،ولا خلاف على وجوده كجزء من القوات الامنية ،وليس من الصلاح خلق اي ازمة بينه وبينه القوات الامنية الاخرى ،لان ذلك يصب بمصلحة اعداء العراق

الذين يرون في وجود الحشد الشعبي مصدا ضد مؤامراتهم ومخططاتهم.

المحاولات التي طالت الحشد كثيرة ابتداء من التهم التي وجهت لابنائه ب(سرقة الدجاج ) الى قصف معسكراته من قبل الاميركان حتى اثناء تقدم القوات الامنية في القتال ضد الارهاب وسجلوا (57) اعتداء في ذلك وكانت هنالك ضحايا ايضا .

الحشد لايقبل الامرة من القوات الاميركية واي خطوة تخطوها قياداته تضع بالحسبان مصلحة الوطن لذا رابطوا عند الحدود العراقية السورية والاردنية فأزعجوا القوات الاميركية ،وتواجدوا في نينوى والانبار فكسبوا ود الناس هناك فازعجوا اميركا والطبقة السياسية العميلة ،كما ازعجوا من يمثل المنظمات الارهابية داخل العملية السياسية .

ان حكومة (الفوضى ) التي صنعتها اميركا اخيرا والمتمثلة بالكاظمي وطاقمه ومن جاء به ومنحه هذا المنصب ،تمثل تهديدا للتجربة السياسية في بلدنا ،وقد بدأت نواتها منذ ان رضي حيدر العبادي ان يكون في منصب بعيد عنه وعن استحقاقه ،واستمرت التداعيات بدخول متظاهري التيار الى المنطقة الخضراء والتجاوز على بعض النواب ،وماكان من التشكيلة الوزارية و(المظروف المفتوح والمغلق) و(شلع قلع) ثم حكومة عبد المهدي الخالية من اي (طعم ورائحة ) وصولا الى (فوضى تشرين ) التي ندفع ثمنها الى يومنا هذا !.

التصعيد الذي نشهده ضد الحشد الشعبي وقياداته ،علينا ان نأخذه في بعدين الاول ان اميركا وعملاءها بالعراق والمنطقة لايريدون لمثل هذه النخبة العقائدية ان تبقى وتديم وجودها وتترسخ لذا اطلقوا العنان لاتباعهم سواء بالحكومة وخارجها لاضعاف الحشد على الاقل ثم العمل على الغائه ،والثاني ان الواجب الديني والوطني يقضي ان نقف بحزم لصالح الحشد الشعبي لان في ذلك ضمان لطهارة الارض وسمو القيم والثبات على القيم الوطنية والدينية . يجب ان يترك العراقيون اخطاء السياسيين ومافعلوه ببلدهم لان ذلك جزء من وهن الامة وخيبة ابنائها ،وان يتجهوا الى حماية مؤسسة الحشد الشعبي لانه الساتر الاخير الذي بقي لنا وعليه نبني آمالنا ومستقبل بلدنا .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك