التقارير

مناورات أردوغان الساذجة والإمعان في البلطجة والاستهتار

1533 07:42:48 2016-04-02

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

ردت موسكو بشكل واضح ومباشر على مناورات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول أمله بأن تنظر موسكو إلى علاقاتها مع بلاده من منظور العلاقات الماضية التي كانت جيدة بين الطرفين.

لا أحد يستطيع أن يؤكد أو ينفي صدق كلمات أردوغان ونواياه. ولكنه هو نفسه الذي صمم منذ البداية على أن تركيا لم ترتكب أي خطأ بحق روسيا. وهو نفسه الذي صال وجال في أوكرانيا وغيرها، مدليا بتصريحات عدائية للغاية إزاء السياسة الروسية.

الكرملين، في الحقيقة، قال إن تركيا لم تفعل أي شيء مما تتوقع روسيا منها من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن التهم التي توجه إلى قاتل الطيار الروسي المحتجز في تركيا، ليست معروفة. وهو ما يعطي انطباعا بعدم صدق إردوغان الذي قبض على قاتل الطيار الروسي بعد 3 أشهر من ارتكابه الجريمة، وذلك على الرغم من تجواله بحرية أمام أعين السلطات طوال كل هذه المدة. فماذا حدث بالضبط لكي تعلن سلطات أردوغان عن اعتقال القاتل؟ وهل المشكلة في هذا القاتل تحديدا، أم في من أعطى الأوامر ليس فقط بالقتل، وإنما بالاعتداء السافر على مقاتلة روسية أثناء عملها في مكافحة الإرهاب؟

الغريب فعلا أن أردوغان ينتهز مثل هذه الفرصة (فرصة القبض على قاتل الطيار الروسي) للدعوة إلى ضرورة استئناف التعاون بين تركيا وروسيا. الأمر الذي استدعى أن يرد عليه الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأنه يمكن لموسكو أن تعرب عن أسفها من جديد بسبب عدم وجود إي إشارات من قبل تركيا حول اعترافها بمسؤوليتها عن إسقاط القاذفة من أجل تطبيع العلاقات، وأن موسكو لا تعلم الآن ما هي التهم التي توجه إلى قاتل قائد القاذفة الروسية، وكيف ستفسر النيابة العامة التركية جريمة القتل التي ارتكبها. أي أن موسكو ببساطة تطالب بمعاقبة المسؤولين عن قتل الطيار الروسي، وعن الاعتداء على المقاتلة الروسية، وعن العملية العدوانية كلها وتحمل كل التبعات المترتبة على ذلك.

لقد قال أردوغان، في كلمته بمعهد بروكينجز للعلوم السياسية في واشنطن، إنه "بعد حادثة القاذفة الروسية يوم 24 نوفمبر 2015، اصطدمنا بمشكلات في علاقاتنا مع روسيا". وفي الوقت نفسه ألقى إردوغان بمسؤولية تدهور العلاقات على الجانب الروسي بقوله إن "العلاقات كانت جيدة بين روسيا وتركيا بعد انتهاء الحرب الباردة. وأن هذه العلاقات تضررت بسبب سياسة السلطات الروسية". ولكنه عاد ليؤكد مجددا بأن المصالح المشتركة للدولتين تتطلب وجود علاقات طبيعية، معربا عن أمله بأن يأخذ الجانب الروسي هذا العامل بعين الاعتبار، وكأنه لا يعي تداعيات "الطعنة" التي وجهها إلى ظهر روسيا، على حد تعبير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي الحقيقة، ورغم إعراب أردوغان عن أمله بعودة العلاقات مع روسيا، فقد تطرق أيضا إلى الموضوعين الأوكراني والسوري ليذكر موسكو بأنه يملك الأوراق اللازمة في حال لم تستجب موسكو لدعوته. فأثناء تطرقه إلى الوضع في شرق أوروبا، نوه بأن هذه المنطقة اصطدمت بعدم الاستقرار، وذلك في تلميح واضح إلى الأزمة الأوكرانية. ودعا إلى حل الخلافات هناك بالاعتماد على القانون الدولي في نفس سياق حديثه عن أوكرانيا. علما بأنه أدلى بتصريحات معادية لروسيا أثناء زيارته كييف مؤخرا ولقائه مع نظيره الأوكراني بيترو بوروشينكو.

وفي الموضوع السوري، جدد أردوغان الدعوة إلى إقامة "مناطق آمنة" داخل سوريا، معربا عن استعداد بلاده لتوفير المرافق الأساسية في هذه المناطق. وقال "يمكننا تشييد البنية التحتية اللازمة في غضون سنة أو سنة ونصف، وأنا حازم جدا وحريص على تحقيق هذا الهدف".

كما أوضح أردوغان أنه بوسع تركيا بناء منازل ومدارس ومكاتب للنازحين السوريين في تلك المناطق، معربا عن ثقته بأنه في حال توفير المرافق الأساسية في "المناطق الآمنة"، سيبدأ اللاجئون المتواجدون في تركيا بالعودة إلى الأراضي السورية. غير أن الخطير هنا أن الرئيس التركي كشف عن أنه بحث هذا الموضوع مع نظيره الأمريكي باراك أوباما، وأضاف أنه قد حدد مناطق معينة في شمال سوريا لتنفيذ مشروعه هذا. الأمر الذي أثار استياء الأوساط السياسية والدبلوماسية الروسية.

من جهة أخرى، تكشف توجهات أردوغان الحقيقية، هو أنه أعرب عن أمله في الحصول على مساعدات مالية من دول أخرى لتحسين ظروف معيشة اللاجئين. وقال "لقد أنفقنا 10 مليارات دولار من ميزانيتنا لتلبية احتياجات اللاجئين، لكننا لم نحصل من المجتمع الدولي سوى على 455 مليون دولار".

إن مناورات أردوغان هذه تعكس استهتارا غير عادي بروسيا، وإمعانا في "البلطجة" و"الابتزاز"، واستخدام كل الفرص والمناسبات الممكنة للإدلاء بتصريحات غير مسؤولة تجاه موسكو ومصالحها، بل واتهامها – كما فعل – بأنها تدعم الإرهاب، وهو ما ظهر عكسه تماما حينما ظهرت الوثائق الخاصة بعلاقة أنقرة مع التنظيمات المتطرفة والإرهابية في المنطقة عموما، وفي سوريا والعراق على وجه الخصوص. كما أنه يدعو موسكو لإعادة العلاقات من جهة، ويتدخل في الشؤون الداخليها لها من جهة أخرى، عبر الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة بشأن شبه جزيرة القرم والعلاقات الروسية – الأوكرانية.

 

أشرف الصباغ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك