التقارير

المسار الروسي نحو دعم أكبر للعراق

1290 16:11:55 2015-01-21

موسكو الأقرب الى بغداد من واشنطن
بغداد ـ عادل الجبوري 

تحتاج زيارة مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونائب وزير الخارجية للعراق ميخائيل بوغدانوف الى قراءة دقيقة ومتأنية من زوايا متعددة، تتجاوز السياقات والاطر التقليدية في التعاطي مع جزء غير قليل من الحراك السياسي والدبلوماسي بين العراق واطراف اقليمية ودولية عديدة.

وهذه القراءة مرتبطة او مستندة على جملة حقائق لا يمكن تجاهلها، او القفز عليها، او التغافل عنها، من بينها، ان روسيا تمثل اليوم-مثلما كانت في مراحل واوقات سابقة-طرفا عالميا فاعلا ومؤثرا في توجيه مسارات الوقائع والاحداث، لاسيما في منطقة الشرق الاوسط، وقد بدا ذلك واضحا الى حد كبير خلال الاعوام الاربعة الماضية، اذ ان موسكو لم تكن بعيدة عن تفاعلات الازمة السورية، ولم تكن بعيدة عن تجاذبات الملف النووي الايراني، ولم تكن بعيدة ايضا عن ما سمي بـ"ثورات الربيع العربي".

والحقيقة الاخرى، هي ان روسيا كانت وما زالت تمثل احد ابرز خصوم الولايات المتحدة الاميركية وقوى المعسكر الغربي التابع لها، وهذه الخصومة انعكست على الارض في اكثر من مكان، بعضها قريب من موسكو كما في اوكرانيا، وبعضها الاخر بعيد عنها كما في سوريا. ومثلما للولايات المتحدة مشاريع واجندات ومصالح وحسابات، فإن لروسيا مشاريعها واجنداتها ومصالحها وحساباتها، وطبيعي ان كل واحدة منهما تختلف عن الثانية، ان لم تتقاطع معها في اغلب الاحيان، فضلا عن اختلاف وتقاطع الاطراف المصطفة والمتحالفة مع الاولى عن تلك المصطفة والمتحالفة مع الثانية.

والحقيقة الثالثة، ان هناك الكثير من الملاحظات والمؤاخذات والتحفظات على التعاطي الاميركي مع الشأن العراقي، فيما يتعلق بالمساهمة في الحرب ضد الارهاب، والمساعدة في تسليح وتدريب القوات العراقية وفق الاتفاقية الامنية، واتفاقية الاطار الاستراتيجي المبرمتين بين واشنطن وبغداد اواخر عام 2011، والى جانب الملاحظات والمؤاخذات والتحفظات، هناك دعوات عراقية وغير عراقية الى مزيد من الانفتاح والتواصل مع اطراف دولية اخرى في مقدمتها روسيا، للحصول على السلاح والتدريب المطلوبين، وتحقيق توازنات لا بد منها في العلاقات الخارجية، في ظل بيئة دولية معقدة وشائكة حافلة بالكثير من المشاكل والازمات، والحروب والصراعات.
ما يساعد او يدفع الى حصول تقارب اكبر بين بغداد وموسكو في هذه المرحلة عدة عوامل، ابرزها ان الاخيرة غير متهمة بدعم وتمويل الارهاب مثل واشنطن، وربما لم تبرز حتى الان اية مؤشرات او دلائل على ان موسكو تورطت في دعم وتمويل واسناد جماعات ارهابية معينة، لا سيما تنظيم القاعدة وتنظيم داعش. وكذلك فإن العراقيين على وجه العموم لا يحملون في نفوسهم مشاعر سلبية ضد روسيا، كتلك التي يحملونها ضد الولايات المتحدة الاميركية، بسبب موقفها الداعم بقوة لنظام صدام في حربه ضد ايران (1980-1988)، وخذلانها العراقيين في عام 1991 حينما سمحت لنظام صدام بسحق الانتفاضة الشعبية التي كادت ان تطيح به، ومن ثم طريقتها بإسقاط ذلك النظام بعد اثني عشر عاما، والتي خلفت كمّا هائلا من المشكلات السياسية والامنية والاقتصادية، ما زالت اثارها وتبعاتها ماثلة وشاخصة للجميع.

اضف الى ذلك فإن روسيا التي بدا في وقت من الاوقات ان قوتها انحسرت، ونفوذها وتأثيرها تلاشى واضمحل، نجحت في استعادة هيبتها خلال الاعوام التي تربع فيها فلاديمير بوتين على عرش الكرملين او كان قريبا منه.

والعامل الاخر هو ان العراق وروسيا يقفان في جبهة واحدة ومعهما اطراف اخرى مثل الصين وايران وسوريا، وعناوين اخرى مؤثرة مثل حزب الله اللبناني، وهذه الجبهة هي التي حفظت حتى الان سوريا من السقوط في المستنقع الارهابي الداعشي، المحسوب في نهاية المطاف على السعودية وتركيا وقطر، و"اسرائيل" ايضا.

وعلى ضوء تلك الحقائق والعوامل جاء بوغدانوف الى العراق، ليكون من بين اهم وابرز محطاته في جولته الشرق اوسطية.

زيارة بوغدانوف نقطة تحول

ويؤكد سياسي عراقي رفيع المستوى "ان زيارة المبعوث الروسي للعراق، هي في الواقع بمثابة نقطة تحول مهمة على مستوى التواجد والتعاطي الروسي مع الملف العراقي، بعد ان ادرك صناع القرار في الكرملين اهمية الدخول على الخط بدرجة اكبر، مستفيدين من رغبة عراقية واضحة بذلك، واوضاع تفرض، وحلفاء واصدقاء يتحركون على الارض ويحتاجون الى مزيد من الدعم والاسناد لهم".

واكثر من ذلك يبدو ان موسكو تدرك طبيعة وحجم المأزق الاميركي في العراق والمنطقة، وترى انه من الحكمة ان تستثمر هذا الظرف لمصلحتها، ولا سيما انها تسعى الى الرد على ضغوط واشنطن والاتحاد الاوروبي عليها من خلال الملف الاوكراني، بتواجد وحضور اكبر في الشرق الاوسط، وتحديدا في النقاط والمواضع الحساسة والمهمة فيه.

فالعراق اليوم يريد من روسيا دعما امنيا وعسكريا يساعده في تقويض تنظيم داعش، كما تحدث بهذا الخصوص رئيس الوزراء حيدر العبادي، ووزير الخارجية ابراهيم الجعفري وساسة عراقيون اخرون، وهذا يعني فيما يعنيه انحسارا وتقليصا لدور واشنطن، وتقوية لجبهة (روسيا-ايران-الصين-العراق-سوريا)، ويريد كذلك معالجات وحلولا ومخارج مناسبة لتقليل اثار تراجع اسعار النفط في الاسواق العالمية، وهذه قضية تشغل ذهن العراق مثلما تشغل الاذهان في روسيا وايران ودول اخرى منتجة للنفط ولم تدخل في لعبة خفض الاسعار.

في مقابل ذلك فإن روسيا تريد فرض وتعزيز حضورها وتأثيرها ودورها بصورة اكبر، وهذا لا يتحقق الا على حساب الحضور والتأثير والدور الاميركي، ولا يتحقق الا من خلال تعزيز قوة ومكانة حلفائها واصدقائها في المنطقة، وفتح افاق جديدة في العلاقات مع اطراف اخرى. وقد يكون الامر صعبا ومعقدا في ظل وجود عسكري اميركي ضخم جدا، ووجود عسكري روسي متواضع جدا تمثله القاعدة العسكرية الروسية الوحيدة في سوريا (قاعدة طرطوس البحرية)، بيد ان ما نجحت موسكو بتحقيقه في محيطها الاقليمي، ومساحات من القارة الاوروبية، يمكنها تحقيق ولو جزءاً منه في الشرق الاوسط، بعد ان منعت –او ساهمت بمنع-سقوط نظام الحكم في دمشق، وبعدما وقفت بقوة الى جانبها حليفتها الاستراتيجية-ايران-في " معركة الملف النووي"، وبعدما قطعت الطريق على من حاول حصرها ومحاصرتها بين جبال الثلوج والجليد المحيطة بها!.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك