التقارير

التوقيع السوري وعصر الحِنِّية

1106 11:02:10 2014-12-30

إيهاب زكي

 من خلال بادرة موسكو الحوارية ومبادرة ديمستورا الأمريكية، والائتلاف وبحرته يُجريان المشاورات والمناكفات كتعبيرٍ عن عضٍ متقدم لأصابع الندم، على بيع البلاد والعباد وتدمير الوطن مقابل سهرة حمراء على حساب النفط، والفصائل "المعتدلة" في ميدان العار تتوحد وتتحد في سبيل مواجهة الإرهاب "داعش" حصراً، وحتى محمد رحال-مين محمد رحال- المعارض السوري يتهم قطر وتركيا بدعم وتمويل الإرهاب منذ اللحظات الأولى لما يسمى بالثورة السورية، وشن هجوماً لاذعاً على الإخوان المسلمين، وهنا تطغى رائحة النفط السعودي على رائحة الغاز القطري، فيبدو أنّ تميم أقل كرماً من أبيه، فيتفلت منه الخلان والسمراء والندماء لصالح سهرات الأكثر كرماً أبومتعب.

 والأمريكيون والأوربيون أصبحوا أكثر زهداً في إسقاط "النظام" وأشد مقتاً لهوجائيتهم الجاهلة ورعونتهم الراغبة بإسقاط الرئيس الأسد، والسعوديون والقطريون علموا ألا مناص من تغيير نهجهم الهمجي والتدميري، وأنّ سوريا بلدٌ شقيق وابن شقيق، والأردن عرف أنّ سلامته في سلامة سوريا، ولا حياة له في موتها، ومصر تأخذ بزمام أمرها كما في الستينات، وتعود قطباً دولياً يجلس على طاولة رسم الخرائط الدولية، والصينيون والروس والإيرانيون يحاولون توحيد ما يسمى بالمعارضة السورية مقابل انتزاع تنازلاتٍ من "النظام" للنجاة بالسفينة السورية إلى بر الأمان، فيما تبقى تركيا الأردوغانية هي العقدة الوحيدة التي تقف في طريق منشار "الحنية"، وأنّ أردوغان الخبيث يتآمر على عصر "الحنية"، من خلال الإصرار على دعم الإرهاب المعتدل واللامعتدل، فيما يتطلب منه عصر الحنية دعم الإرهاب المعتدل فقط، وحتى قضية الطيار الأردني المخطتف لدى "داعش" لا تبتعد كثيراً عن إكمال اللبنة الأخيرة في تدشين عصر الحنية، فلا ينفك أهله مناشدة "إخوةٍ كرام" على حد قولهم، بمعاملته حسب أصول الضيافة العربية، وحتى حكومة أبوحسين أجادت لعب دور الضحية المحتاجة للحنية.

 كل ما سبق هو عبارة عن انطباعات أولية لكنها مترسخة لكل من يتابع النغمة الإعلامية في هذه الأوقات، لكنها في الوقت ذاته انطباعات لا تساوي حبراً أو ورقاً لتُكتب، وهي أشبه بالقصائد الإخبارية، حيث أنه في عصر السادات كانت الحاجة ماسّة لتشريع الانفتاح وتعرية فوائده، فكان الشعراء يقرأون عناوين الصحف في الصباح عن إنجازات الانفتاح، وينظمون قصائدهم في المساء بناءً على تلك العناوين، واليوم لا أحد يتذكر تلك القصائد ولا حتى أصحابها، فيما لا أحد إلا ويذكر البيت وقائله مظفر النواب، "شارك في الحل السلمي قليلاً، أولاد ... كيف قليلٌ، نصف لواطٍ يعني"، لا يمكن لأحدٍ في هذا الكون إقناع ولو طفل سوري بأنّ الشياطين في أمريكا وأوروبا عادت لرشدها الملائكي، أو أنّ الإمعات فيما يُسمى بالمعارضة السورية أصبحوا سادة تليق بهم القيادة، أو أنّ رعاة الإبل صقلتهم التجربة ليصبحوا ساسة شعوبٍ ودولٍ وتسويات، أو أنّ القتلة والفعلة السفلة باتوا أصحاب مشروع سوري للحرية والعدالة، وأنهم وحدوا البندقية لمواجهة إرهاب أنفسهم، وبالمناسبة هم ليسوا إرهابيين، هم يمارسون عملاً استرزاقياً بغض النظر عن ماهيته، لأنّ ما في تجاويف أدمغتهم لا يحتمل هذه التوصيفات القانونية أو السياسية، فأعقلهم يظن أنّ وظيفة حمل السلاح أكثر ريعاً من سرقة حبل الغسيل.

 أما الدولة السورية فهي لا تمارس فعل الندامة على شرفٍ تفردت به بمقاومة كل بغاة الأرض، من خلال تقديم التنازلات، وإن كان لا بد من ندمٍ فعلى أنش صدرها كان أكثر سعةً من السحق منذ اللحظة الأولى، ويكون التعبير عنه من خلال تفعيل قانون قسوة الدولة، فالدولة لا قلب لها، بل عقل قد يرى في الدمار مواداً خاماً صالحة لإعادة التدوير واستخدامها لإعادة البناء، ولن أسلم عقلي لم يريد مني استيعاب معاذ الخطيب أو أشباهه رئيساً لحكومة وفاق، وأن هذا ضريبة مستحقة لدخول عصر الحنية ووقف نزيف الدم، بعد أن يسلّم الجميع سلاحهم يحق للدولة أن تمارس حقوقها بطريقة دخولها لذاك العصر، فتسجنهم أو تعدمهم أو تسوي أوضاعهم أو تعيد تربيتهم، فهذا يعود لها حصراً، وأما قبل ذلك فلا قوانين ولا عصور إلا قانون السحق وعصر الدعس للجيش العربي السوري، وبالمناسبة أيضاً فهذا لا يتنافى مع مرونة شق الدولة السياسي، فحزم الميدان مع مرونة الطاولات سيتمخض عن عصر دولي جديد بتوقيع سوري، بعيداً عن عصر الحنية الزائف.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك